“الصيحة” داخل مشرحة الأكاديمي.. أرواح صعدت وجثث تحلّلت

الخرطوم: فاطمة علي

مجهولو الهوية

تحللت الجثث داخل مشرحة المستشفى الأكاديمي بالخرطوم، الأمر الذي خلف سوائل كثيفة امتدت نحو 5 أمتار خارج الثلاجة، وخلال الأيام السابقة حاول العاملون بالمشرحة كبح الروائح بدفن السوائل بالتراب باستمرار خشية شكاوى سكان الامتداد والصحافة والذين أشعلوا النيران أمام مبنى مشرحة مستشفى الأكاديمي احتجاجًا على الروائح الكريهة المنبعثة من الجثامين نتيجة انقطاع التيار الكهربائي.

عدم استجابة

وتوقعت مصادر لأن الجثث داخل المشرحة تعود لمجهولي الهوية وشهداء فض الاعتصام. وشكا سكان المنطقة من الروائح الصادرة من المشرحة بسبب تعفن الجثث وطالبوا السلطات المختصة بترحيل المشرحة بعيداً عن المناطق السكنية وأشاروا إلى أن المواطنين غاضبون من عدم استجابة السلطات لمطالبهم خاصة وان هناك مرضى يعانون من أمراض صدرية مطالبين النائب العام ووالي الخرطوم بالتدخل الفوري لحل هذه الكارثة بحسب وصفهم.

ومنذ أن تصل بداية شارع الامتداد تزكم رائحة جثث الموتى أنوف كل من بالمنطقة لدرجة الإحساس بالإغماء من شدة الرائحة، هذا الوضع أدى لأن يتجمهر سكان حي الامتداد ويضرموا النيران أمام بوابة المستشفى، فيما قام شباب لجان مقاومة الحي بإغلاق بوابة المشرحة ومنع أي أحد من الدخول، بعد أن قامت مدير المشرحة أشواق الطاهر إبراهيم والعاملون بإغلاق مكاتبهم وحمل كل الأوراق والمستندات التي ربما تخص المتوفين.

وذكر شهود عيان أنه قبل يوم جاءت عربة وتم فتح الصالة رقم 2 وإخراج جثة وعندما سألوا عنها قالوا إن ذويها تعرفوا عليها وتعود إلى أجنبي من دولة جنوب السودان وتم تسليمهم الجثمان.

الشرطة تتدخل

وقال عضو لجنة المقاومة الذي يمسك مفتاح البوابة الشمالية للمشرحة عبادة يحيى حضر إليهم ضابط شرطة برتبة مقدم -حسن عبد العزيز – قبل يومين وطلب منهم الانصراف من أمام المشرحة، وأكد لهم أن حل قضية الثلاجة المتحللة بعد 24 ساعة، وطلب من رئيس قسم الامتداد نقيب شرطة شهاب من أبناء حي الامتداد أن يفض المواطنين المعتصمين خلال 72ساعة وعندما طالب بقوة لفض المعتصمين تم نقله من القسم، وفي ثاني يوم جاء عقيد شرطة وتحدث إليهم بحل المشكلة ولم يحدث شيء، وأضاف مرة ثانية جاءنا المقدم حسن وطلب منا خمسة من شباب الحي يمثلون لجان المقاومة أن يحضروا إلى القسم للحديث معهم ورفضنا، وجاءت قوة مكونة من سبعة بوكس شرطة ضربوا شخصين وتم رفع طفل في البوكس لتصويره فيديو.

ثلاجة فواكه

وقال عبادة إن الثلاجة التي بها الجثث تحللت تماماً وأن الرائحة المنبعثة والمياه السائلة عبارة عن عصارة الموتى، من داخل الثلاجة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وأضاف أن الثلاجة بها 182 جثة وتعمل بمروحة هوائية وهي ثلاجة فواكه، وذكر قبل رمضان حاولوا نقل بعض الجثث إلى ثلاجة جاءت هدية من منظمة جايكا اليابانية، ووجدوا الجثث عبارة عن عظام فقط، وقال عبادة إن الثلاجة المتحللة وراءها سر كبير وتوقع ربما يعود ما بداخلها لشهداء فض الاعتصام لأنها موجودة منذ 2019م.

وناشد: لا نريد المشرحة هنا الروائح كريهة لا تطاق، وأضاف: من يسكنون حول المستشفى يعاني أغلبهم من أمراض مزمنة، وقال: من المعروف أن كل عام أهل الامتداد يغلقون الشوارع في رمضان لعمل الإفطار بالطريق لكن هذا العام بسبب الروائح لا نستطيع شرب الماء وأغلب الصواني تعود كما هي.

حرمة ميت

وقطعت الموظفة بالمستشفى الأكاديمي عن تضررهم من الرائحة التي تنبعث من الثلاجة، مطالبة النائب العام القيام بدوره تجاه الموتى، وأضافت: نطالب بإغلاق المستشفى التي هجرها الأطباء بسبب روائح الجثامين، وحتى المرضى متضررين، وأضافت هي حرمة ميت يحتاج للسترة.

وأثناء وجود محرر الصيحة بالموقع حضر مدير القسم الذي تم نقله نقيب شهاب الدين جلال وطالب بتسليمهم (7) جثث قائلًا إنها جاهزة للدفن مؤكداً تحلل (5) جثث تماماً، ورفض سكان الحي وسط هتافات تطالب بضرورة تشريح كل الجثث ومعرفة أسباب الوفاة، وقال المواطنون الذين تدافعوا من شرق النيل والكلاكلة وأركويت وجبرة وأمدرمان وبري وبحري وسوبا والصحافة الذين توقعوا أن الجثث تعود لفض الاعتصام وأن هناك مفقودين منذ 2019م مؤكدين أن لديهم دكاترة للتشريح، مطالبين أن يتخذ النائب العام قرارا بأسرع وقت ولا يسمحون بفتح أي ثلاجة إلا بخطاب رسمي، وفي الأثناء حضر شاب يمتطي دراجة هوائية ويحمل سيركاً من مكتب النائب العام وسأل من المسؤول بالمشرحة ورد له بأن لا أحد حضور منذ (5) أيام مؤكدين انسحاب مدير المشرحة أشواق والعاملين بالمشرحة.

غياب المسؤولين

وقال محمد هاشم عضو لجنة مقاومة حي الامتداد لــ(الصيحة): لم يحضر حتى الآن أي مسؤول بالدولة فقط حضر عقيد وعميد بالشرطة قبل ثلاثة أيام ووعدوا بحل المشكلة خلال 24 ساعة وحتى الآن لم يحدث شيء، وأضاف: في الثالث من رمضان حضرت قوة بـ 4 بكاسي شرطة.

وأكد أن مدير الطب العدلي هاشم فقيري وعد بحل المشكلة يوم 25/3 بالتواصل مع النائب العام وأيضاً حتى الآن لا يوجد شيء. وقال هاشم إن مديرة المشرحة أشواق ذكرت أن المشرحة رغم امتلائها كانت تستقبل حولى 2 إلى 4 جثث في اليوم حتى قبل ثلاثة أيام، وأغلقنا المشرحة حتى لا نستقبل أحدا وذهب الأطباء ووقف العمل.

وأضاف هاشم أن المشرحة بها ثلاجتين واحدة متوقفة وبها 26 جثة، أما ثلاجة الفواكه والتي بها 182جثة تحللت تمامًا وموجودة منذ عامين، متوقعاً وجود شهداء فض الاعتصام بها وأضاف: نحن كلجان مقاومة لا نسمح لأي جهة بفتح أو نقل أي جثمان ما لم نعرف هوية المتوفين ومن أوصلهم هنا وأن يتم تشريحهم قانونياً. وأضاف لم يتم تشريح أي جثمان والنائب العام لم يأمر بذلك.

وطالب هاشم بحل مشكلة الروائح الكريهة، ومن ثم إزالة المشرحة من وسط الحي باعتباره منطقة سكنية، وحمل مامون حميدة وزير الصحة الأسبق مسؤولية اختيار المشرحة بالمستشفى الأكاديمي، رغم أن المركز به طوارئ وجميع الوحدات العلاجية.

ليست المشكلة

زهراء من سكان الامتداد: لا ندري ما بالثلاجة ومشكلتنا ليست المشرحة أو نقلها لمكان آخر، لكن هناك مفقودون منذ 2019م لا يدري أهلهم أين هم أحياء أو أموات، نطالب من الحكومة أن تشرح الجثث لمعرفة الحاصل من لديه ابن مفقود أو بنت مفقودة أن يجدها، لكن أكبر غلط أن يأتي الناس ويتكلموا ولا أحد يهتم لمعرفة الحاصل، وقالت الثلاجة لها حوالى 3 سنوات لا ندري بها ماذا؟ ولا نعرف هوية الجثث، وقالت: هناك ثلاجة أخرى تسيل منها الدماء نريد حل من الحكومة وكل مسؤول عليه معرفة مصير الجثث، وقالت:  الحكومة غائبة ولم تنظر في الآمر حتى الآن.

“الصيحة” طرقت أبوب المسؤولين لكن دون رد، كل مكاتب مشرحة الأكادميي مغلقة بالطبل ربما يوحي المكان أن العودة إلى المكاتب ليست بالقريبة، ولا ندري ما مصير الجثامين داخل تلك الثلاجة فاقدة التهوية إلا عبر مروحة هوائية صغيرة وبها 182 جثة تحللت تماماً، حتى سالت عصارة إمعائهم إلى خارج سور المشرحة، وإذا لم يتحرك المسؤولون ربما تصل السوائل إلى داخل منازل سكان الامتداد على حد قولهم، وقالوا: نحن جاهزون لتوفير الأكفان والمغاسل وحتى أطبائنا موجودين، لكن نريد عملا قانونياً، مطالبين النائب العام القيام بمسؤوليته وإن لم يستطع عليه أن يقدم استقالته.

يذكر أن قطوعات الكهرباء تسببت أيضاً في انبعاث روائح من مشرحة مستشفى بشائر (مايو) التي شكا منها مواطنو المنطقة وكانت السلطات كونت لجنة عليا لحل مشكلة المشارح بالعاصمة التي تشهد تكدساً للجثامين، فيما يتعلق بمحاولات حل إشكالية المشرحة تمت مقابلة د. هاشم محمد صالح فقيري مدير عام الطب العدلي ٢٠٢١/٣/٢٢ أمام المشرحة، حيث تم تقديم مذكرة من قبل لجان مقاومة الامتداد وتتمثل المطالب في الإتي: إرجاع خط الكهرباء الساخن للمشرحة. تشريح الجثامين وأخذ عينات DNA من جثامين مفقودي القيادة العامة. نقل المشرحة لعدم مطابقتها للمواصفات الصحية المتعارف عليها وقربها من الحي السكني. وتم الرد من مدير عام الطب العدلي بمذكرة بتاريخ ٢٠٢١/٣/٢٥ فحوى الرد بتقديم وعد بحل المشكلة جذرياً وبأن النائب العام قد اعطاهم إذناً بالدفن. ولم يحدث إنفاذ هذا الوعد حتى الآن. علما بأن غرف المشرحة الرئيسيه والتبريد معطلة ويتم استعمال ٢ كونتير فوق طاقتهم الاستيعابية مما أدى إلى تكدس الجثث بالإضافة إلى ذلك استقبال مزيد من الجثث بمعدل ١ الى٣ يوميًا ومما ساعد على تفاقم الأمر الانقطاع المستمر للكهرباء ونجحت لجان مقاومة الامتداد بتوفير كيبل وتحويل خط كهرباء المشرحة لخط ساخن مرة أخرى.

 

وشكلت النيابة العامة لجنة ثلاثية من الطب العدلي لتشريح وإعادة تشريح الجثث المجهولة الهوية في مشارح الخرطوم وخص القرار الجثث التي  من 1يناير وحتى 31 مارس الماضي واللجنة الأولى الخاصة بمشرحة مستشفى بشائر تضم عقيل النور سوار الذهب وعامر صديق محمود وصابر مكي حسن.

وتضم اللجنة الثانية في مشرحة مستشفى أم درمان كلا من: محمد أحمد الشيخ ومحجوب بابكر محمد وهاشم محمد صالح.

أما اللجنة الثالثة الخاصة بمشرحة مستشفى الأكاديمي فهي تضم الطيب أحمد الطيب وعصام أحمد علي وأشواق الطاهر إبراهيم.

وبموجب القرار، ستأخذ كل لجنة “عينات أصلية ومرجعية واحتياطية” كما ستأخذ السمات الإشعاعية والإنثربولوكية الطبيعية لفحص البصمة الوراثية.

وألزم القرار كل لجنة بأخذ صور فتوغرافية لكل جثة وتوثيق الأدلة والقرائن وأدلة التعرف، علاوة على أخذ بصمات الأصابع والصور الشكلية لسمات الأسنان وستخصص كل لجنة هوية أرقام تعريفية لكل جثة.

ويوجد في مشارح الخرطوم مئات الجثث مجهولة الهوية، كما تشتكي بعض المشارح من أن بعض الجثث بدأت في التحلل.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى