النيل الأزرق.. هل يصلح الاعتصام ما أفسده الزمان؟

 

تقرير: محمد عبد الله الشيخ

 

أصبح الاعتصام من أهم وأقوى وسائل الاحتجاج والضغط المدني للتنبيه بالقصور ونقص الخدمات، وقد أثبت في كثير من الأحيان نجاحه في لفت نظر الحكومات الولائية لمعاناة المواطنين، الشيء الذي دعا مجموعة من الشباب والشابات في ولاية النيل الأزرق لتنفيذ اعتصام استمر لعدة أيام.

وجاء الاعتصام الذي نفذه الشباب بالطريق المؤدي إلى مستشفى الدمازين الملكي باتجاه مدخل مستشفى الحوادث، لأسباب كثيراً ما شكا منها المسؤولون لمعاناة الولاية عامة ومستشفى الدمازين كمستشفى رئيس بالولاية حيث رداءة وتدني الخدمات والبيئة بدءاً من نقص الأطباء العموميين والاختصاصيين والكوادر المساعدة، وقد عزا مهتمون أسباب نقص الكوادر إلى ضعف الحافز الذي يتحصل عليه الأطباء بالولاية والذين يتعاطون ثلاثة أو أربعة أضعافه بالولايات الأخرى، كما أن الدعم الذي تتحصل عليه الصحة من وزارة المالية لا يفي احتياجاتها، علاوة على ضعف العائد المتحصل عبر منافذ المستشفيات، لكل هذه الأسباب واجهت الولاية نقصاً كبيراً وعزوفاً من الأطباء من العمل بالولاية ولم يكن نقص الكوادر الطبية وحده هو ما دعا الشباب للاعتصام، بل هنالك عوامل أخرى كتردي الخدمات والازدحام الذي تعيشه المستشفيات، حيث يرقد على السرير الواحد اثنان من المرضى.

حسناً.. إن الاعتصام أحدث حراكاً واهتماماً بقضايا الصحة حيث تحرك والي النيل الأزرق عبد الرحمن نور الدائم في عدة اتجاهات وأولى الأمر اهتماماً كبيرا بدءاً من اجتماع رباعي ضم مدير عام المالية حسن عبد المجيد ومدير عام الصحة دكتور مهلب عبد الرحيم وأمين ديوان الزكاة، حيث تمت مناقشة الأمر، وقدرت التكلفة المطلوبة للتدخل في الصحة بمبلغ 64 مليون جنيه، وتحدث السادة وزير المالية المكلف ووزير الصحة كل فيما يليه من التزامات، وأبدى أمين الزكاة دعمه بما يتفق مع الأسس والضوابط الشرعية للزكاة، فيما يلي دعم الإعاشة مع تعهده برفع الأمر للأمانة العامة لديوان الزكاة وتواصل جهود الوالي من أجل حل مشكلة الصحة ليلتقي بالمنظمات العاملة بالولاية بحضور مفوض العون الإنساني بغية توحيد جهودها وتنسيق عملها في مجال الصحة، ووجه الوالي بضرورة قيام ورشة متخصصة تعنى بمراجعة ومتابعة وتوجيه المشروعات المنفذة عبر المنظمات.

هذا، وقد أبدى مديرو المنظمات التابعة للأمم المتحدة استعدادهم لدعم برامج الحكومة في قطاع الصحة والقطاعات الأخرى.

وقدم نشطاء سياسيون مقترحات ومناسبات الوالي عبر وسائط التواصل الاجتماعي قدمت وصفاً للوضع الصحي عامة ووضع مستشفى الدمازين خاصة وما يعانيه من ضغط في موسم الخريف وخاصة أمراض الأطفال، الشيء الذي ينتج عنه تكدس في عنابر الأطفال وقدم النشطاء مقترحات فيما يلي تدخل التأمين الصحي بفتح مراكز صحية بالإضافة لمقترح طرق أبواب المنظمات الإنسانية، هكذا أصبحت الخدمات الصحية قضية الساعة بامتياز لشدة ما يعانيه المواطن من كافة نواحي الولاية، فإن كان هذا حال حاضرة الولاية في أعرق وأكبر مستشفياتها فكيف هو الحال في مناطق تقطعت بها السبل في موسم أمطار زادت فيه معاناة المواطنين، وأصبح الوصول من بعض الأرياف إلى حاضرة الولاية ضرباً من المستحيل. ليجد الأستاذ عبد الرحمن نور الدائم والي الولاية في هكذا وضع كالذي ألقي به في البحر ويقال له إياك أن تبتل، ولكنه ظل يعمل جهده دون يأس ودون أن تقتصر تحركاته في اتجاه محدد، فعلاوة على تحركاته في توفير مطلوبات الصحة يصدر قرارات تعنى ببعض الفعاليات في وزارة الصحة، حيث قام سيادته بإعفاء مدير إدارة الصيدلة والمدير المالي لمستشفى الدمازين والمدير الإداري بوزارة الصحة والمدير الإداري لمستشفى الدمازين.

هكذا تمثل قضية الصحة أكبر قضايا الراهن وأشدها إلحاحاً تتضافر من أجلها الجهود وتتعدد المساعي من أجل إنسان ظل يعاني النقص والعدم، يخرج من بين فكي الموت ليعيش بين فكي حياة قوامها الشح والعدم، فمن لا تحصده بنادق الحرب يلاحقه فتك الأمراض والأسقام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى