مسارات التفاوض.. الموقف اليوم

 

الخرطوم: شادية سيد أحمد

انطلقت  الجولة التفاوضية الثالثة للمفاوضات بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح حول سلام السودان  بحاضرة دولة جنوب السودان “جوبا” في العاشر من شهر ديسمبر للعام 2019، واستمرت قرابة الشهرين، ورُفعت لمدة خمسة أيام، ثم عاودت الانعقاد يوم السبت لتتواصل حتى الرابع عشر من فبراير، وفقا لما تم الاتفاق عليه في إعلان جوبا، ومن قبل الوثيقة الدستورية التي حددت الستة أشهر الأولى من عمر الحكومة لتحقيق السلام باعتباره قضية استراتيجية ولها الأولوية، فضلاً عن أن السلام والاستقرار هو أساس للتنمية، وارتأت الأطراف المفاوضة  الحكومة والجبهة الثورية  بكل المكونات التي تندرج تحت لوائها أن يتم تقسيم التفاوض إلى  خمسة  مسارات  إلى جانب مسار الحركة الشعبية شمال جناح عبد العزيز الحلو، لتكتمل إلى ستة مسارات، وبدأ التفاوض على هذا الأساس باعتبار أن  لكل إقليم خصوصيته وقضيته،  إلى جانب تقسيم التفاوض إلى مسارات يسهل العملية التفاوضية، نسبة لاختلاف وحجم القضايا مع الاشتراك في القضايا ذات الطابع القومي، مثل قضية السلام والترتيبات الأمنية وما إلى ذلك.

مسار الوسط.. مسار غير مسلح

مسار الوسط الذي يرأسه  التوم هجو ويضم غالبية المناطق التي في وسط السودان ويحمل قضايا هذه المناطق على رأسها قضايا الزراعة والمشاريع الزراعية، وتحديداً مشروع الجزيرة وقضايا الأراضي، هذا المسار من أوائل المسارات التي تم توقيع الاتفاق حولها، من خلال مفاوضات  السلام بعاصمة دولة جنوب السودان جوبا، ووقعت عليه الجبهة الثورية باسم الوسط، حينها قال التوم هجو رئيس المسار إن مسار الوسط لا يحمل السلاح، ولا هو بالحركة المسلحة، إلا أن ذلك لا يعني أنه ليست لديه قضايا، له قضايا كثيرة ويجب أن تتم معالجتها قبل أن يتطور الأمر وتصعب المعالجة.

للشمال قضايا

كذلك مسار الشمال من المسارات غير المسلحة، إلا أن لديه من القضايا ما يستوجب الحل والمعالجة، وقد أثارت مسارات الشمال والوسط والشرق جدلاً واسعاً دعا الكثير من القوى السياسية إلى المطالبة بنقل هذه المسارات إلى الخرطوم باعتبارها مسارات ليست ذات طبيعة مسلحة، ويمكن أن تتم معالجة قضاياه داخل الخرطوم، ولا داعي إلى تواجدها خارج الخرطوم، على أن تتم معالجة قضايا هذه المسارات بالداخل  ويقتصر التفاوض الخارجي على الحركات المسلحة.

وقال محمد سيد أحمد رئيس كيان الشمال، إن للشمال قضايا لها أهميتها، ويجب أن تُدرج وتُطرح على طاولة التفاوض لتتم المعالجة خاصة قضايا السدود والأراضي بالولاية الشمالية  والاستثمارات في أراضي الولاية ومصادرة الأراضي لصالح إقامة السدود.

وأمّن سيد أحمد على ضرورة معالجةهذه القضايا من خلال منبر جوبا، وأضاف أن تقسيم التفاوض إلى مسارات نسبة لأن لكل منطقة أو أي مسار  قضايا ذات طبيعة تتصل بالمنطقة أو المسار، أهل المنطقة أدرى بها، وهذا لا يمنع أن تكون هناك قضايا قومية  تجمع عليها كافة المسارات.

وقد تم التوقيع على الاتفاق الإطاري لمسار الشمال خلال  الأيام القليلة الماضية.

مسار الشرق.. جدل طال

أما مسار شرق السودان الذي تجتمع فيه عدد من الأحزاب المعارضة من شرق السودان، ورغم توحّد المجموعات المتواجدة في جوبا، إلا أن هذا المسار أثار لغطاً كبيراً باعتبار أن الكثير من أبناء الشرق خارج إطار منبر جوبا، واعتبروا أن هذا المسار لا يمثل عامة أبناء الشرق، ولديهم  اعتراض على مسار الشرق بجوبا، إلا أن الحكومة الانتقالية إلى جانب الوساطة الجنوب سودانية استطاعتا لملمة أطراف المشكلة حول المسار، ومن المقرر أن يستأنِف المسار  عمل المسار اليوم.

وقال  أسامة سعيد  رئيس مؤتمر البجا المعارض إن المسار وضع كافة قضايا الشرق على منضدة التفاوض وبدأ النقاش حولها.

مسار دارفور.. جدية الأطراف  

مسار دارفور يعتبر من المسارات التي تحمل قضايا ذات طبيعة معقدة نسبة للوضع الحساس بولايات دارفور والحروب التي كان يعانيها الإقليم،  وما أفرزته هذه الحروب، ورغم ذلك أن التفاهمات حول مسار دارفور تسير بصورة جيدة، وتدعو إلى التفاؤل في الوصول إلى سلام في ظل إصرار كافة الأطراف  للوصول إلى سلام شامل، وطاولة التفاوض الآن بها مسار دارفور ومسار الشرق ومسار  الحلو، يجري التفاوض حولها، والأطراف جميعها  تصر على ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام أثناء أو قبل الفترة المحددة حسب إعلان جوبا  الرابع عشر من فبراير  الجاري. وقال الناطق الرسمي باسم الوساطة السلطان ضيو مطوك إن جلسة أمس السبت مع مسار دارفور تم الوصول إلى تفاهمات كبيرة حول المحكمة الخاصة والمحكمة الجنائية، وتم رفع الجلسة إلى غد “الإثنين”  لمنح فرصة للتشاور والوصول إلى رؤية نهائية بشأن ورقة العدالة الاجتماعية والمصالحات، مشيرا إلى توافق كبير حول القضايا محل الخلاف خلال الجلسة الماضية.

الصورة الحالية.. جوبا أمس (السبت)

قال الناطق الرسمي باسم وفد التفاوض الحكومي  محمد حسن التعايشي،  إن السلام العادل الذي يخاطب قضايا السودان أصبح أقرب ما يكون الآن. ودعا التعايشي خلال تصريحات له أمس السبت بجوبا شركاء الكفاح المسلح  في الجبهة الثورية حركة الحلو، وجيش تحرير السودان إلى التوحد  والاصطفاف  خلف مطالب السلام العادل الشامل،  المتمثلة في العدالة التي تنصف الضحايا وتستصحب مطالبهم  المشروعة في مثول المجرمين  أمام  المحاكم  والقضاء الوطني،  فضلاً عن معالجة قضايا التهميش الاقتصادي والاجتماعي والسياسي  ببناء دولة تقف على مسافة واحدة من  جميع الأديان، إلى جانب مراجعة مستويات الحكم  بما يعزز السلطة الفعلية للأقاليم، ويدعم عودة الحكم  الإقليمي بالصلاحيات  الفدرالية الحقيقية، كما اتفق وفدا الحكومة وقيادات مسار الشرق أمس السبت  بعاصمة دولة جنوب السودان بحضور الوساطة الجنوب سودانية، اتفقا حول المبادئ العامة والديباجة والقضايا المتعلقة بنظام الحكم وطبيعة الدولة السودانية. ويتواصل النقاش اليوم “الأحد”  حول قضايا التعليم والصحة وقسمة الثروة ومشاركة شرق  السودان  في مؤسسات الحكم في الفترة الانتقالية، وأبلغ الطاهر حجر القيادي بمسار دارفور (الصيحة) من جوبا  أن آخر التطورات في مسار دارفور التآم اجتماع أمس الذي نوقشت فيه ورقة العدالة الانتقالية والمصالحات، وقال: النقاش تمحور حول  المحكمة الخاصة  بدارفور وتمويلها، وطالب المسار الحكومة بدفع مبلغ محدد قُدّر بـ 50 مليون دولار لإنشاء المحكمة الخاصة بجرائم دارفور وسير أعمالها، وأضاف ان الوفد الحكومي طلب مهلة للتشاور حول الطلب باعتبار أن المبلغ كبير، وسيتم التشاور للوصول لتوافق حول الأمر، وهناك مقترحات حول  جلب الدعم من المجتمع الدولي والرجوع إلى السوابق القانونية التي أنشئت حول العالم حول المحاكم الخاصة، ولكن مسار دارفور له رؤية محددة  في اتجاه التزام الحكومة بدفع مبلغ محدد لغنشاء المحكمة وإنشاء آلياتها وسير عملها، وتم رفع الجلسة للتشاور على أن يتواصل العمل غدًا “الإثنين”، وقال إن التفاوض مستمر حول القضايا الأساسية، ولا توجد نتائج كبيرة تُذكَر، إلا أن كل الأطراف متفائلة بالتوصل  إلى سلام شامل نسبة لجدية كل الأطراف، ونحن في المسار نلتمس جدية الطرف الحكومي وقطعنا شوطاً مقدراً في التفاوض، وأضاف توت قلواك رئيس وفد التفاوض، أنه تم التوصل لأجندة الاجتماعات، وسنناقش كافة القضايا والقضايا التي لم نتفق حولها للوصول  لاتفاق حولها, وأعلن عن وصول وفد كبير من الحرية والتغيير  إلى جوبا، وسيلتقي غداً الأحد  الجبهة الثورية الحركة الشعبية  للتفاكر حول كيفية الوصول ودفع عملية السلام  وكيفية إدارة السودان، وكلهم شركاء قبل وبعد سقوط النظام.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى