سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع  

 8 ابريل 2022م 

خواطر اليوم السابع

(1)

مهتم جداً وأحرص ما أكون على فكرة (جبر الخواطر) .. وأتجنب قدر الإمكان الكتابات الخادشة والتي يمكن أن تؤذي أي إنسان .. وأنا لست مثالياً ولا ادعي ذلك ولكن أسعى لدعم الطاقة الإيجابية في أي  إنسان .. مع إنني كصحفي في تواريخ سابقة كنت شرساً وعدوانياً ولكن كما يقال (الكبر حسنات)، لأن زوايا الرؤية بدأت تتسع وما عدنا بتلك الروح العدوانية والدم الساخن الذي كان يملأ أقلامنا في زمان ما.. لذلك في الفترات الأخيرة كنت أكثر ميلاً لدعم التجارب الشبابية الجديدة وأحاول قدر الإمكان أن أفسح لها الفرصة لتقول كلمتها.

(2)

وذلك بعيداً عن القوالب الجاهزة للمحاكمات والآراء المعدة مسبقاً، وشعاري في ذلك ما قاله مصطفى سيد أحمد (لا تطأ الوردة الصبية) .. ولعلي هنا أتوقف عند المذيعة الجديدة (وئام عبد الوهاب) التي أسند لها تقديم  برنامج (يلا نغني) وقد سبقها في ذلك عبر نسخ سابقة لوشي المبارك وتريزا شاكر ورشا الرشيد .. وكلهن مذيعات لهن سابق تجربة بالتقديم البرامجي وعملن لفترات طويلة وفي قنوات كثيرة .. بعكس وئام عبد الوهاب التي أشاهدها لأول مرة وأنا المتابع .. والزج بها في برنامج عالي المشاهدة يحتاج لمذيعة متمرسة وذات مواصفات خاصة، يأتي في أولها الإلمام المعرفي والثقافة العالية، ومثلاً مصعب الصاوي تم اختياره بديلاً للراحل السر لأنه من ذات المجال وله خبرات ثرة وثقافة فنية موسوعية جعلته مؤهلاً لتقديم برنامج أغاني وأغاني وكانت كل الرهانات تدور حول (الروح والكيفية والطعم واللون) وليس قدرات الصاوي المعرفية.. وذلك بعكس وئام عبد الوهاب التي تفتقر لميزة الحضور والتأثير على المشاهد من خلال لغة جاذبة ومعلومة ممكنة.. لذلك ظهرت بمظهر باهت لأنها لم تتزوّد بالوقود المعرفي الكافي الذي يؤهلها حالياً لتقديم برنامج مثل (يلا نغني) وهي جعلت من البرنامج فعلياً (يلا نغني والسلام).

(3)

قبل عدة سنوات حينما كنا نعمل بصحيفة (فنون) رد الله غربتها .. طالعت تصريحاً في الصحيفة للفنان معتز الصباحي قال فيه إن خفافيش الظلام تطارده .. ولعل ذلك التصريح فقط يؤكد الشخصية الهشة للفنان معتز صباحي والذي كنت اعتبره في فترة ما فتحا جديدا في الأغنية السودانية .. وإن كان هناك طرح جديد في الغناء السوداني ما بعد محمود عبد العزيز فيتمثل في الظاهرة الجديدة وقتها معتز صباحي .. فهو قدم نفسه بنمط مغاير لحال التجارب الغنائية السائدة وقتها والتي كان يعتلي ملمحها الراحل محمود عبد العزيز والذي احتكر الفترة منذ بداية التسعينيات حتى لحظة وفاته، ورغم سطوة الحوت استطاع صباحي ان يبني قاعدة جماهيرية ضخمة تعلقت به ورأت فيه المخلص لحالة الجمود في الساحة الفنية التي تمور وتعج (بالدفيس والطرور).

(4)

تجربة صباحي الغنائية تميزت بالتفرد والتمرد من حيث الألحان وطريقة الأداء.. فهو يتميز بأستايل أدائي خاص لا يشابه فيه الآخرين.. وكان معتز صباحي فرصة واعدة لفنان جديد ستكون له إضافته الثرة والملهمة .. ولن أقول بأن ركن للكسل فقط ولكنه ظل يعيش في حالة (غيبوبة) دائمة وانكفأ على نفسه وعاش في عزلة خصمت منه الكثير وجعلته لا يعي تصرفاته .. ويجب أن أذكر الموسيقار يوسف الموصلي تحسس موهبة صباحي ومعاناته النفسية وحاول مراراً وتكراراً مساعدته لينتشله من هذه البركة الآسنة التي يعيش فيها ولكنه مع الأسف لم يستجب للموصلي .. لذلك أنا لا استغرب تصرفه الأخير حينما اوقف فرقته الموسيقية وأعلن اعتزاله ووضع المايك .. فهل هذه التصرفات تنم عن شخصية متزنة وواعية ومدركة بما حولها؟ نسأل الله لمعتز صباحي تمام العافية والعودة مجدداً.. فهو فنان من سبيبة رأسه إلى قدميه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى