سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع

جمال فرفور.. أغنيات بطعم (حلاوة قطن)

(1)

قبل فترة استضافتني قناة الهلال في برنامج (في حضرة المساء) وكان محور النقاش في الحلقة يتركز حول (الأغنية الهابطة).. وهذا الموضوع تحديدا مكرور وأخذ حقه من النقاش المستفيض على مستوى كل أجهزة الإعلام.. ورغم أن الفكرة عادية ومكررة وليس فيها ما يثير من حيث المحتوى ولكنى قبلت دعوة الأخ الحبيب عادل الزبير منتج الحلقة ومدير البرامج بقناة الهلال.. وعادل الزبير هذا جزء أصيل ومهم من نجاح قناة الهلال وتفوقها في إنتاج أفكار لبرامج تلفزيونية مدهشة كانت سببا في طفرة هذه القناة واحتلالها لمكانة متميزة بين القنوات.. أقول ذلك رغم (مريخيتي الصارخة) والحقيقة تفرض ذلك.

(2)

في تلك الحلقة قصدت أن أدير حواراً هادئاً بعيداً عن الانفعالات وبعيداً ايضاً عن فكرة الـ( مع والضد) وكانت فكرتي المحورية من ذلك النقاش (قبول الرأي والرأي الآخر)، وأن كل ما يختص بالذوق والمزاج والسمع ليست لها قوانين ولا يملك أحد في هذه الأرض أحقية أن يحدد للناس ماذا يسمعون من أغنيات وتصنيفها ما بين هابط او غير ذلك.. وشخصياً ضد فكرة ذلك التنميط.. لأن كل ما يتصل بالذوق يقع في حدود (الحريات الشخصية) وتلك حقوق لا يجب التعدي عليها أو الاستهانة بها أو تحقيرها.. فمن يريد أن يسمع (عشة الجبل) أو (مروة الدولية) أو (رشا الخور) فذلك حقه ومن حقه أن يستمتع به كاملاً دون نقصان.. وكذلك من يريد أن يستمع لمحمد الأمين أو وردي أو كابلي أو صلاح مصطفى فذلك حقه ولا يعني مطلقاً بأنه الأفضل.

(3)

فأنا مثلاً وعلى المستوى الشخصي لا أحب الاستماع للفنان (جمال فرفور) وهو لا يقع عندي في منطقة (الإلحاح السماعي)، وليس من بين الأصوات التي ألجأ لها لتلبية لحظات المزاج.. ولكن رغم ذلك لم أمارس تغييب أخباره أو حواراته عن الصفحات الفنية التي أديرها ولم أصادر حقه في المنبر.. وحتى على مستوى الإنتاج البرامجي التلفزيوني لم أكن أرفض ظهوره في الاستضافة أو حتى على مستوى اختيار الأغنيات من المكتبة وبثها عبر بعض فقرات البرامج التي أقوم بإعدادها..

(4)

وصحيح أنني أرى بأنه ليس صاحب تجربة فنية لها إضافات واضحة على مستوى التأليف الموسيقي مثل محمد الأمين أو وردي أو الهادي الجبل.. فهذه نماذج لتجارب بإمكانها الخلود والبقاء في أذهان الناس طويلاً تداعب وجدانهم.. فهو ناجح جدا كفنان (عدادات او حفلات) وشاطر في كل ما يحمله (الساوند سيستم) من أغنيات تذهب مع الريح.. كل الأغنيات تقريبا أقرب (لحلاوة قطن) التي لا تترك للفم فرصة حتى يتذوقها وتذوب سريعاً.. وذلك هو حال مجمل أغنيات جمال فرفور..

(5)

والنجاح الساحق الذي حققه حفله الجماهيري الأخير يتطلب من جمال فرفور أن يتأمل السجل الغنائي لتجربته ويتفحصه جيداً وأن يقوم بغربلة ناعمة ودقيقة لكل أغنياته وأن يستفيد من تلك الأرضية الخصبة في زراعة تجربة فنية تتوافر فيها مواصفات البقاء والخلود في وجدان الناس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى