صلاح الدين  عووضة يكتب : أم النمور!!

4 ابريل 2022م 

أو التيس..

وما هو بالبشير؛ التيس هذا..

ولكن فهمه كذلك من كانوا يمارسون علينا الرقابة القبلية من جهاز الأمن..

قالوا: أنت تقصد الرئيس؛ (عاوز تتشطر علينا؟)..

ولكني ما أردت تشطراً… ولا عنيت رئيسهم؛ كانت محض ذكرى رمضانية..

وفي كل شهر صومٍ أجتر مثل هذه الذكريات..

ولكن من يقنع الديك؟… أقصد التيس؟… فقد كان ذا دوافع – ونوازع – عدوانية..

وفوق ذلك تسيطر عليه ريبٌ… وظنونٌ… وشكوك..

وأحياناً يدَّعي ذكاءً يكون في قمة الغباء؛ فشدة التذاكي قد تضر بصاحبها..

فهو تيسٌ حقيقي؛ أو – على الأقل – يشبه التيس..

وجارتنا منيرة – في ذياك الزمان – كنا نسمع منها مصطلح (أم النمور)..

كانت تخوف به أبناءها… وإيانا..

وتقول إننا إذا تمادينا في اللعب ليلاً – بعيداً – فسوف نصادف أم النمور..

أو تصادفنا هي… فتهجم علينا..

وحين ظهر هذا التيس في دنيانا ليلاً – ذات رمضان – ظنناه هي؛ قطعاً..

فهو يشبه التيس… ولكنه مُخيفٌ جداً… فهو أم النمور..

ويفتأ يطاردنا – واحداً إثر آخر – إلى أن تفرغ شوارع الحي منا تماماً..

ثم يختفي؛ فلا يظهر إلا مساء اليوم التالي..

بعد أن يذهب الكبار إلى صلاة التراويح؛ ولا ندري إلى أين يذهب هو..

ولا من أين يأتي..

وكان ذا عينين لامعتين مشعتين؛ وما من تيس تشع – وتلمع – عيناه..

ولكن النمور أعينها كذلك..

وجسّدت لمعانها هذا – أدباً – قصيدة إنجليزية للشاعر الشهير وليم بليك..

فهو شاعرٌ يُحيل حتى أم النمور إلى أدبٍ رائع..

ويحكي الفيلسوف البريطاني رسل أنه كان يهبط درج الكلية ذات نهار..

فسمع من يقول مترنماً (أيهذا النمر يا زاهي البريق)..

فتجمد في مكانه – رسل – من وقع تأثره بهذه الكلمات التي وصفها بالمذهلة..

وأحد رفاقنا تجمد في مكانه – ذات ليلة – حين هجم التيس..

أو حين هجمت أم النمور؛ ثم أقسم بأنه سمعها تحادثه عندما وقفت فوقه..

ولكن ماذا قالت؟… لا يدري… فكلامها غير مفهوم..

وما من تفسيرٍ منطقي لقسمه هذا سوى أن الرعب جعل عقله نهباً للخيالات..

فالتيس لا يتكلم؛ ولا أم النمور… إن وُجدت..

ثم ما وُجدت في حياتي تيوسٌ مخيفة – من بعد ذلك – ولا أمهاتُ نمور..

ونسيت حتى التيس ذاك… أو أم النمور تلك..

ثم كان الفضل لعائشة (نثريات) في إرجاعي إلى عالم التيوس… من جديد..

كما كان لها فضل إرجاع مساجين إلى عالم الجريمة..

وإطلاق سراح نفرٍ من عتاة المجرمين هؤلاء هو ما جعلنا نكتب عنها..

ثم نجتر حكاية تيس آخر؛ تشبيهاً..

وهو تيس البلولة؛ وكان خطره على الآنية أشد من خطر أم النمور علينا..

وأقل من خطر ابن البلولة – العوض – على الأواني نفسها..

وذات يومٍ كان التيس هذا هائجاً هيجاناً شديدا؛ وقد وُضعت أواني الطعام..

فصاح البلولة (آااا العوض… أربط التيس ده)..

فداس العوض على الآنية عند قيامه؛ ثم داس على عنق أبيه… كيلا يقع..

ثم داس على رجل أحد أخوانه… فصرخ..

فصاح الأب وهو يمسك عنقه (آااناس؛ التيس خلوه… أربطوا البلولة ده)..

وشبهنا ما كانت تفعله عائشة بفعائل التيس… والعوض..

وصرخنا محذرين (آاااناس؛ المساجين خلوهم… أربطوا عيشة دي)..

والآن هنالك في دنياواتنا من هم أشد خطراً..

أشد خطراً… وضرراً… وتخويفاً؛ من عيشة… ومساجينها… وتيس البلولة..

ومن العوض ابن البلولة هذا..

بل ومن تيسنا الرمضاني ذاك الذي ظنّه بعض عسس الإنقاذ رئيسهم..

ومن أم النمور!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى