عدها مراقبون امراً مخيفاً “الاغتيالات”.. مُساءلة سياسية وقضائية

الخرطوم: الطيب محمد خير. 22 مارس2022م
كشفت النيابة في محاكمة قادة النظام البائد، بينهم إبراهيم غندور وأنس عمر عن مخطط سابق لاغتيال رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك والنائب العام السابق تاج السر الحبر. وقال وكيل النيابة أحمد سليمان للمحكمة إن المتهم الخامس عماد الدين الحواتي أفاده بالتحريات عن مخطط في مليونية 30 يونيو 2020م لاستهداف واغتيال رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك والنائب العام السابق تاج السر الحبر، وصلاح مناع ووجدي صالح وعلي كوشيب، مشيراً إلى أن المتهم الحواتي كشف لهم عن أن ترشيح اغتيال حمدوك والحبر، جاء من قبل حزبي المؤتمر الوطني والشعبي، بينما كان ترشيح اغتيال وتصفية وجدي صالح من قبل الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، فيما كان ترشيح اغتيال صلاح مناع من قِبل التنظيمات الإسلامية.
أمر مخيف
ويرى مراقبون أن مجرد الكشف أمام القضاء عن التخطيط لاغتيالات سياسية يُعد امراً مخيفاً يزيد من قتامة الغموض الذي يكتنف مستقبل البلاد، في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية انقسامات حادّة في خِضِم التجاذُبات السياسية مع استمرار تصعيد التظاهرات بدعوى تحدي قرار الحكومة بمنع المظاهرات والتجمُّعات ومقابلتها بقوات الأمن لمنعها من الوصول إلى الشوارع الرئيسية بالعاصمة بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية، ومن أبرز مطالب المتظاهرين كشف حقيقة الاغتيالات التي لا تزال تتم للمتظاهرين، وفيما تنتظر أسر الشهداء معرفة حقيقة ومُلابسات اغتيال أبنائهم ومتمسكة بالمحاسبة وفتح الملفات وتوجيه الاتهام إلى المذنبين وعدم الإفلات من العقاب.
وضع جديد
وفي ذات الاتجاه، يضع هذا الحديث القوى السياسية الإسلامية عموماً أمام وضع جديد سيحشرها في زاوية لا تحسد عليها بعد أن كانت تتحكّم في المشهد، لتكون محل اتهام ومُساءلة سياسية وقضائية حول صحة علاقتها بملف الاغتيالات السياسية والاستئصال الأيديولوجي كعنصر جديد في أدبيات السياسية السودانية.
وقال القانوني والقيادي بالمؤتمر الشعبي أبو بكر عبد الرازق لـ(الصيحة)، إن ثقافة الاغتيالات ليست من ادبيات الخلاف السياسي في السودان، وليست من أخلاقيات الإسلاميين في السودان الذين طوال تاريخهم السياسي يعتمدون في خلافاتهم مع الآخرين على الحجة والإقناع بالتي هي أحسن، مضيفاً: نحن كإسلاميين لسنا موضع ضعف لنلجأ لاستخدام هذه الآلية الصدئة, ومنطق العاجز, في مقابل وجدي وحمدوك ومناع، لأننا قادرون على التأثير بالحجة والدفع بالتي هي أحسن، وقادرون على رفد الساحة السياسية السودانية بالفكر الجديد ووسائل العمل السياسي السلمي. وقال هذا حديث محض كذب وافتراء جاء في إطار محاولة صناعة بيِّنة واختلاقها من هؤلاء النافذين في النيابة ولجنة إزالة التمكين، واستخدموا عماد الدين الحواتي الذي شهد على اليمين بأن كل هذه الأقوال كذب وتمت بناءً على الضغوط التي مُورست عليه، وحسب إفادات الحواتي أمام المحكمة فإن النيابة ممثلة في أحمد سليمان من الذين أملوا عليه هذه الأقوال وجزء من لجنة التمكين وبعض الجهات المؤثرة وقتها.
اللعب السياسي
وأضاف أبو بكر أن الإسلاميين قادرون على طرح رؤيتهم على الشعب السوداني استقطاباً لصناعة المستقبل الذي نريد ونشتهي عبر اللعب السياسي دون اللجوء لأساليب العنف والاغتيالات ولعب الأدوار القذرة، وأضاف قائلاً: ثم هذه المجموعة التي قيل كذبًا بأنها مستهدفة لا وزن أو قيمة سياسية لها حتى يكونوا محل اهتمام للإسلاميين ليخططوا لاغتيالهم وهم أشخاص لا يمتلكون مقومات القيادة، وليس لهم تأثير في الحركة السياسية، وبالتالي يصبح هذا الحديث لا أثر له سياسياً بعد أن هدم الحواتي الشاهد الرئيسي البيِّنة كلها وأكد أن هذه الشهادة اختلاق أُملي عليه، وزاد: عموماً ما حدث شكّل فضيحة تاريخية للعمل العدلي في السودان، وفي رأينا شهادة أحمد سليمان وكل الذين معه محاولة لتبرئة الذات. ونفى أبو بكر أن تحدث هذه الواقعة أي تأثير سياسي على الإسلاميين، لأن الشعب السوداني المتسامح بطبعه لا يُصدِّق أن ينزلق الخصام السياسي لهاوية الاغتيالات ولن يؤثر هذا الحديث في مستقبل الإسلاميين لأنهم شكّلوا اكبر شريحة مؤثرة في التاريخي السياسي السوداني وصناعة المُستقبل بوجودهم في المدن، وهم من صنع الحركة السياسية وظلُّوا يُوجِّهونها منذ عام 1964 بقيادة دكتور الترابي وختم بقوله سيكون المستقبل القادم صناعتنا.
مرحلة جديدة
وكشف عضو سكرتارية لجنة إزالة التمكين، القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق في تصريحات سابقة، وجود قائمة تشمل أسماء سياسيين في تحالف قوى الحرية والتغيير وأعضاء في اللجنة، تشمل وجدي صالح وصلاح منّاع، كمستهدفين بعمليات اغتيال، قائلاً “هذه القائمة ليست الأولى وسبق أن تلقّينا قائمة بأسماء شخصيات بارزة مُستهدفة بعمليات اغتيال”. ولكن لا أحدٌ يعرف الجهة التي حدّدت الأسماء المطلوبة وعلى أي أساس، أو الجهة التي أبلغت التحالف وغرضها من تسريب هذه النوعية من القوائم، ليضيف: لكن من المُؤكّد أنّها تبدو نتيجة منطقية لما وصلت إليه الأوضاع من سخونة، ويشير تصريح الصادق حول الاغتيالات إلى أن هناك مرحلة جديدة يُوشك أن يدخلها السودان تضاعف من ارتباكات المشهد السياسي الذي يُعاني من استقطابٍ حادٍ بين المكونين العسكري والمدني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى