عبد الله مسار يكتب : أزمة الحكم والاقتصاد

20مارس 2022م
قامت في السُّودان ثورة في أبريل 2019م أطاحت بحكومة الرئيس المُشير البشير، وكوّنت مجلساً عسكرياً انتقالياً لفترة، ثُمّ أعدّت وثيقة حكم بها، وكوّنت حكومتين، الأولى تكنوقراط، والأخرى حزبية بعد أن جعلت هذه الوثيقة الحكم شراكة بين قحت والعسكر، وقبضت قحت بتلابيب السلطة التنفيذية، وتكوّن مجلس سيادة تشريفي رئاسي برئاسة الفريق أول البرهان القائد العام للقوات المسلحة، وصارت كل السلطة بيد الحاضنة السياسية (قحت)، لمدة قاربت السنوات الثلاث، عاثت في البلاد فوضى حكم وفساد مالي وأخلاقي وإداري، وجعلت البلاد مزرعة خاصّة، وسيطر الأجانب والسفارات على القرار الوطني، وهذه الحكومة رفعت الدعم عن كل شيء، وخَاصّةً المحروقات والمعاش، وهنا قام الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بثورة تصحيحية في 25 اكتوبر 2021م، وألغى بعض بنود الوثيقة، وجمّد بعضها، وحل الحكومة، وأعفى ولاة الولايات، وفرض الطوارئ، وأبعد الحاضنة السياسية (قحت)، وعيّن مجلس سيادة خلطة عساكر ومدنيين، وكلف وكلاء الوزارات لإدارة الشأن التنفيذي، ولكن كل هذه الإجراءات لم تحل قضية الوطن، حيث زاد الغلاء في المعيشة والانفراط الأمني، بل انهار الاقتصاد وصارت الحياة جحيمًا لا يُطاق، وصرنا نعيش في فراغ دستوري منذ 25 اكتوبر وحتى الآن!!
لم يتم تعيين رئيس وزراء ولا حكومة، وصرنا نحكم بالوكلاء وهم لا حول لهم ولا قوة، والبلاد كل يوم في أزمةٍ، وتطوّر الأمر الآن الى عدم قدرة أي مواطن فقير أو مقتدر ومُوظف أو عامل أن يعيش، حيث وصلت الحالة الاقتصادية مرحلة الخطر، بل كل الدولة صارت الآن في كف عفريت!!
السيد الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة والسادة أعضاء المجلس، ماذا تنتظرون والبلاد في فراغ دستوري سته أشهر؟؟ إذا كانت الحجة قحت ذهبت، وإذا كان الأمر الوثيقة الدستورية لم تعد موجودة، وأنتم أعلنتم حالة الطوارئ ويُمكنكم استعمالها في تعيين الحكومة والأجهزة الأخرى بما في ذلك اختيار رئيس الحكومة وحواء السودان ولود وودود.. إن البلد الآن لا تحتمل هذا الفراغ وعدم وجود حكومة!!
إنكم بتأخير هذه الإجراءات تُعرِّضون كل البلاد للخطر، خاصةً وأن المُؤيِّد لكم والمُعَارِض بدأ يحس بالأزمة، وهي أزمة تردُّد وعدم قُدرة لاتّخاذ قرارات، حيث لا يلحظ المرء أنّ هنالك موانع تمنع السيادي لاتخاذ قرارات لصالح المواطن، وخاصةً في مسألة المعيشة والاقتصاد.
إنّ هذا التهاون والتراخي ينذر بخطرٍ كبيرٍ، وأخشى أن تؤدي حالة السيولة الأمنية والاقتصادية إلى انقلاب أو فوضى لا تستطيعون التحكُّم فيها بعد ذلك!!
أرجو أن تتّخذوا قرارات حاسمة وقوية تُصب في مُعالجة قضايا الوطن العاجلة، خاصةً وأن كل الموانع زالت وأمامكم وقتٌ محدودٌ لإصلاح الحكم في البلاد، خاصّةً وأن هنالك أزمات عالمية تطل برأسها تزيد من أزمات السودان!!
إن تعيين رئيس وزراء لا يحتاج لكل هذا التلكؤ والتأخير. الآن الكل بدأ يتململ، خاصةً وأن الشعب يلاحظ التّذمُّر وسط القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، بل الشعب كله بدأ يحس بخطورة الوضع!!
الأخ البرهان والأخ حميدتي والسادة مجلس السيادة، عليكم باتّخاذ قرارات سريعة وعاجلة لصالح الوطن والمواطن، أي تأخير في ذلك مدعاةٌ إلى الفوضى او الانقلاب المدني أو العسكري، وأيضاً يجب أن لا ترهنوا القرار السوداني للخارج، لا حكومات خارجية ولا سفارات ولا أجهزة مخابرات ولا منظمات إقليمية أو دولية لا تفيد في حالة السودان الآن!!
إذا كُنتم راغبون في وفاق وطني، ادفعوا به أنتم وأبعدوا فولكر وولد لبات، كلهم لا خير منهم ولا فيهم، هم جُزءٌ من الأزمة إن لم يكونوا الأزمة ذاتها!!
أدعو إلى حوار وطني وطني تصلوا للحد الأدنى من الوفاق الوطني، وأيضاً لو عجزتم في تكوين حكومة تكنوقراط كوِّنوا حكومة وحدة وطنية من شخصيات وطنية معهود لها بالنزاهة والكفاءة والقُدرة والشمول.
إنّ الوضع الذي فيه الآن البلاد لا ينتظر، ومصيره إن لم توجد حلولٌ، الانفجار بالفوضى أو حدوث انقلاب كما حدث في دول أفريقية شبيهة بحال السودان الآن.!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى