الوضع المعيشي.. ضيقٌ ومُعاناةٌ

 

 الخرطوم: رشا التوم    18مارس 2022م 

ارتفعت وتيرة الرفض من قبل قطاعات واسعة في المجتمع للسياسات  الاقتصادية التي طبّقتها الحكومة عبر المؤسسات والهيئات الحكومية،

وتضمنت تلك السياسات تغييرات كبيرة وشملت رفع أسعار الوقود  والدقيق والخبز والسكر والكهرباء

ووصف عدد من الاقتصاديين، تلك السياسات بالفاشلة، مؤكدين انها سوف تفاقم من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وتعني في الوقت نفسه الانصياع لشروط صندوق النقد الدولي التي تسعى الى دمار الاقتصاد، محذرين الحكومة من الاستمرار في سياسة رفع الدعم والذي فيه استهتارٌ كبيرٌ بالمواطنين ويضيِّق من معيشتهم اليومية!!!!

وعليه، فهناك تساؤلات في الشارع العام عن إلى أين تريد الحكومة أن توصل المواطنين، عقب رفع يدها عن دعم كافة السلع الاساسية  وترك المواطن يُصارع وحيداً ضد تيار الغلاء وجنوح الاسعار والأسواق دون رقابة او متابعة؟!

وقال الخبير المصرفي طارق عوض في حديثه لـ(الصيحة )، ان السياسة الاقتصادية للحكومة استندت على رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية كافة مما ادخلها في نفق لا تعلم هي نفسها أين نهايته،  ناهيك عن المواطن، وعاب الآثار السالبة لتلك السياسات  والتي عمقت من فروقات سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، في وقت تناقصت فيه  قيمة العملة السودانية وتراجعت  قُدرتها الشرائية خاصةً عقب القرار الكارثي بالتعويم الكامل للجنيه السوداني للمرة الثانية، وأردف بأن كافة السياسات التي طبّقت لن تؤدي الغرض منها ، وحذر من حدوث المزيد من تدهور العملة الوطنية مقابل الاجنبية ، مشيراً الى ارتفاع قياسي في اسعار جميع السلع والخدمات انعكست آثارها واضحة على المواطن وجعلته عاجزاً عن تلبية متطلباته المعيشية، ولفت الى توسيع دائرة الفقر وزوال الطبقة الوسطى في المجتمع، فضلاً عن أن الرواتب والأجور اتّسعت الفجوة بينها وبين الأسواق وأضحت لا توفر أدنى مطلوبات العيش الكريم، وتخوّف من حدوث سيناريوهات سيئة تصل الى اتساع السيولة الأمنية في الدولة وممارسات سالبة في المجتمع جراء سياسات إفقار المواطن، وقال ان الحكومة انحازت للخيار الأسهل برفع يدها عن المسؤولية والهروب من كلفة مواجهة مطلوبات حشد الموارد والثروات القومية والسيطرة عليها وتسخيرها لصالح الاقتصاد الوطني، وذهبت في اتجاه رفع الدعم وتعويم العملة وزيادة الضرائب والرسوم، وأغفلت أنَّ على عاتقها تقع مسؤولية توجيه الاقتصاد والتجارة الخارجية!!!

وفي المقابل، يرى خبير اقتصادي فضّل حجب اسمه أنّ تفاقم الازمة الاقتصادية والاوضاع المعيشية الحرجة التي يعيشها المواطن، السبب الرئيسي فيها سياسات الدولة وتطبيق روشتة البنك وصندوق النقد الدوليين دُون الوضع في الاعتبار بأنّ البلاد واجهت تعقيدات كبيرة ابان الحكومات السابقة، والمواطن ظروفه الحياتية ليست في حالة جيدة لتلقي المزيد من الضربات المُوجعة في معاشه، وعزا الاضطرابات السياسية وعدم  الاستقرار الاقتصادي  الى تطبيق شروط المجتمع الدولي مَا عمل على تحطيم الاقتصاد، مبيناً أن زيادة أسعار الوقود المتوالية سوف تطلق موجة جديدة من التضخم والغلاء وسوف تعمل على زيادة معاناة الناس، وبالتالي تآكل الأجور والمعاشات وزيادة تكاليف الإنتاج وتهزم أي فكرة لتعظيم الصادرات، واوضح ان زيادة اسعار الوقود والكهرباء والدقيق والخبز وغيرها من السلع لن تعالج الأزمة في عجز الموازنة العامة ولا الاختلال الخارجي، وهذا يدفع الحكومة لمزيدٍ من الاقتراض من الخارج، وأيضاً سيؤدي الى تمزيق العلاقات الاجتماعية والأسرية وتمزيق الاقتصاد وفقدان الاسواق العادية وستغلق كثيرا من الشركات والمؤسسات، بل سيمتد التأثير حتى على الاحزاب السياسية  وستحدث فوضى في الاسعار  والهجرة من الريف الى الحضر، ولفت الى ان وزارة المالية  تتعامل بسياسة الصدمة دون مراعاة دقيقة للتوازن الاقتصادي او الاتجاه الى رفع المعاناة عن المواطن وإصلاح الأحوال المعيشية بتمكين المواطن من الحصول المجاني للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم وإصحاح البيئة والسلع بأسعار مُيسّرة، داعياً الى النهوض بالاقتصاد والتوظيف الأمثل للموارد والطاقات وإصلاح التشوُّهات الاقتصادية العميقة ودعم القطاعات الإنتاجية التي من شأنها  تقوية  العملة الوطنية ورفع مقدرتها التنافسية والشرائية وإنشاء بورصات المعادن والمحاصيل وتعظيم حصائل النقد الأجنبي ومكافحة التهريب ودخول حصائل الصادرات الى الخزينة  العامة، ودعا الحكومة الى توفير السلع لضمان استمرارية بقائها وتفادي ثورة الجياع المرتقبة، ورهن الإصلاح الاقتصادي بتطبيق سياسات رشيدة للاقتصاد والموارد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى