إسماعيل مخاوي يكتب : جاء وقت سبت عثمان

12مارس 2022م 

(دو)

كنا صغاراً وقتها، كان المذياع يطلق بعد كل حين أغنيات وفي إحداها جاءت أغنيه حليمة وكانت أصغر أخواتي حليمة السعدية في الخامسة من عمرها، ناديتها وقلت لها إن أحداً يغني لها كان من النادر أن يقرن أحد حليمة بالسعدية فأمي وحدها كانت تناديها بحليمة وأبي كان يناديها بحليمة السعدية ونحن كنا نكتفي بسعدية وحين ناديتها للأغنية جاءت ضاحكة ورقصت بنت الخمسة أعوام على إيقاع الأغنية وظلت الأغنية مثاراً لضحك أختي الصغيرة كلما نثرتها الإذاعة السودانية.

(ري)

ثم كبرنا وأظن حليمة لم تعد تذكر حليمة الأغنية ولكن سبت وحليمة توقفا أمامي وكان الموسيقار عبد الله أميقو صاحب فضل تقديمي الى سبت حين قال له هذا فلان، وسألني إن كنت أعرفه، قلت له هذا صاحب حليمة ضحكنا ومازح أميقو سبت شايف أولاد العرب بقوا يعرفوك وغرقنا ثلاثتنا في ضحك صاف من يومها وأنا مفتون بسبت وبساطته وفنه.

(مي)

ذلك الشاب الذي جاء من النيل الأزرق ملتحقاً بفرقة الفنون الشعبية في النصف الأول من السبعينات عازفاً ماهراً على الإيقاعات وسرعان ما وجد الكشافون فيه كنزاً من الإبداع وعازفاً مجيداً لآلة العود ومغنياً له بصمته في الأغنية السودانية.

(فا)

كان ومازال سبت نسمة وضحكة في الوسط الفني وكثيراً ما كنت استمتع بحواراته مع الموسيقار حافظ عبد الرحمن مختار فبينهما حوار ضاحك لا يتوقف كلما يلتقيان، فسبت ومحمد جبريل وعوض دكام تجاوزوا ضعف السودانيين وسموا فوق القبائل ولم أجده غاضباً إلا مرة واحدة حينما رفض تلفزيون السودان إنجاز مشروع أغنيات مصورة له ولعاصم الطيب بعذر انهما صوتان غير معروفين وكنت أنا وقتها رفعت التصور في بداية التحاقي بالتلفزيون.

كان غاضباً وكان محقاً، فهو اسم لم يقدر مدير البرامج في التلفزيون وقتها قيمته، قلت له سنفعلها وأخذت التصور للصديق اليسع حسن أحمد فوافق وأنتج حليمة كانت وحدات المونتاج الرقمية وصلت السودان حديثاً، حملت فكرتي وجلست مع الصديق الفنان بابكر الحاج وحين انتهينا من المونتاج دعوناه للمشاهد وقبل نهاية الأغنية احتضنا مع بابكر وبكى كطفل صغير.

(صول)

كانت المرة الأولى التي تختفي فيها ابتسامته ولم احتف بعمل مثلما فعلت مع حليمة، فقد اختلطت فيها الذكريات بالعلاقات الإنسانية بالتحدي بالإنسان في ضعفه وقوته، قربتني تلك الأغنية به كثيراً لأن أميقو عليه رحمة الله قال لي مثل هذه الأعمال ترفي ثوب مجتمعنا وكان سعيداً. من وقتها وأنا كلما أجد وقتاً أبحث عن سبت وكثيراً ما فكرت في إنجاز أعمال له في النيل الأزرق ولكن ولكن .. وقد سعدت كثيراً حين صوّر الطيب الصديق والكورال مع سبت هناك، فسبت يتوهّج خارج الأستديو ويضيف للطبيعة فهو فنان خلق ليغني بين الأمواه والصخور والعشب الشاب .. أظن انه جاء وقت الاحتفاء بسبت في خريف ما على شواطيء النيل الأزرق فهو فنان نادر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى