فاطمة لقاوة تكتب: السودان نحو أفق جديد يحتاج إلى روح وطنية وتوافق تام

السودان منذ سقوط الإنقاذ، ظل متعثراً في الخُطى، وقد مضى عامان ونيف من عمر الفترة الانتقالية دون تحقيق مكاسب أو تغيير في الواقع الاقتصادي والإداري الذي ثار ضده الشعب السوداني.

ظل شُركاء الفترة الانتقالية في تشاكس مستمر، مما قاد إلى فض الشراكة وشل حركة دولاب عمل الدولة، واستمرار المواجهات بين الشارع الشبابي المشحون من قبل الأحزاب المطرودة من السُلطة وبين المؤسسة العسكرية التي اتخذ قائدها خطواته التصحيحية التي يقول إنها جاءت من أجل الحفاظ على الدولة من الانهيار.

الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع، هو الأكثر عطاءً واجتهاداً، وقلب الفترة الانتقالية النابض بالحياة، وللرجل إسهامات وإنجازات لا تخطئها العين، وقد وهب نفسه وأسرته وممتلكاته فداء للشعب السوداني، وظلت قواته رهن الإشارة عند الطلب، مساهمة في قضاء حوائج المجتمعات وأداء المهام دون كلل أو ملل في كافة بقاع السودان، لذلك كان محل تقدير من قبل رئيس الوزراء المستقيل “حمدوك” الذي يعرف قيمة الرجل وقوة تأثيره، وقد قام حمدوك بتسمية لجنة اقتصادية واختار حميدتي رئيساً للجنة وظل حمدوك عضواً فيها.

اختيار حمدوك لحميدتي لم يكن ضعفاً أو انتكاسة، بقدر ما هو فكر ورؤية ممنهجة تعرف تماماً خبايا مقدرات الجنرال حميدتي، ولم يخيب حميدتي ظنون حمدوك وقد شهد الوضع الاقتصادي في ذلك الوقت نوعاً ما من الاستقرار ودخل عتبة التعافي لولا أن حميدتي آثر الاعتذار عن رئاسة اللجنة لحسابات يعرفها تماماً، وترك للناقدين والساخرين والمحتقرين! الجمل بما حمل، مما مَكن من عودة شبح الأزمة الاقتصادية مرة أخرى، وقد زادت الطينة بلة! الجفوة التي طرأت بين العسكريين والمدنيين واستقالة حمدوك من منصبه، وضعت الشارع في صدام مباشر مع المؤسسة العسكرية التي يسعى البعض إلى شيطنتها وعزل قياداتها عن المجتمع بهدف إضعاف القوات السودانية المسلحة، وانعكس الوضع على معاش الناس واستفحلت الأزمة الاقتصادية، وأصدر المجلس السيادي قراراً بتشكيل لجنة اقتصادية برئاسة حميدتي مرة أخرى، ليتسلم الجنرال أخطر ملف في الدولة في فترة حرجة، ويقوم بخطوات جريئة غير مُكترث بأحاديث المُحبطين، مؤمناً بأن كثرة السهام على ظهره هي دلالة واضحة على نجاحه واتخاذه للطريق الصحيح واقترابه من تحقيق الهدف المنشود، وقد تأتي الخطوات أُكلها قريباً بإذن الله، إذا صبر الجميع وتحلّوا بالوطنية.

رغم هوة الصراع بين العسكريين والمدنيين وصعود خطاب الكراهية المفرط والتمييز، ظل الجنرال محمد حمدان دقلو يبحث عن أفق جديد يُمكِّن المجتمعات السودانية من إيجاد عبور آمن نحو الديمقراطية المنشودة، وقد تشهد عليه مناشداته في كافة المحافل والمؤتمرات الصحفية.

مثلما كان دقلو قائداً ميدانياً شُجاعاً لا يقبل إلا الانتصار على خصومه في الميدان! أثبت اليوم حِنكته السياسية وإلمامه التام بكيفية تحريك المؤشر للعلاقات السياسية الخارجية بهدف خدمة المصالح العُليا للدولة السودانية، ساعياً نحو خلق أفق سياسي تنموي جديد في السودان بدأه بالاهتمام بالمشروعات الزراعية وإعطاء مشروع الجزيرة الزراعي أولوية عُظمى عبر توفير وسائل الحركة التي تساهم في تطوير الأداء الزراعي.

ظل الفريق أول محمد حمدان دقلو مهتماً بشأن كافة الولايات السودانية دون تمييز، منادياً بشعار (السودان أولاً)، داعياً إلى إعلاء الروح الوطنية والسعي نحو التوافق التام من أجل تجاوز إشكالات الانتقال المُعقدة، فهل تجد دعوة واجتهادات الجنرال حميدتي آذاناً صاغيةً وروحاً وطنيةً خالصةً وتوافقاً يعلو فوق المصالح، من أجل الوصول إلى أفق جديد في السودان؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى