د. عبد الله فتحي يكتب : أزمة السودان.. الحوار هو الحل.. وإن تحدث الرصاص أولاً

11مارس2022م

 

رشفة أولى:

 

ولنا في حرب روسيا وأوكرانيا أسوة وعظة وعبرة.. فالحرب المستعرة بكل تكتيكاتها الميدانية والإقليمية والدولية وآلياتها العسكرية التي تزحف في البر والبحر والجو نحو الطرف الآخر، فتقتل وتحرق وتدمر وتشرد وتفجر.. إلا ان جولات الحوار والتفاوض ومقاربة وجهات النظر بين الطرفين مباشرة دونما وسيط تجرى على قدم وساق!!.

 

رشفة ثانية:

 

كل التقارير والإفادات والتصريحات من كل الجهات الفاعلة في السودان تؤكد أن السودان يتدحرج بسرعة نحو الهاوية.. وحالة المواطن السوداني أفصح تقرير لما يجده من رهق وضنك ومغالاة أسعار في متطلبات حياته بل وتنوعت المعاناة وتشعبت وأنشبت أظافرها بقسوة شديدة في عنق كل شريحة على حدة، فالطلاب بلا دراسة منتظمة ولا مقررات مكتملة ولا بيئة تعليمية تحتوي أدنى أساسيات التعليم والمعلمين في كل المراحل يشكون ويبكون كل صباح من مرتبات باتت لا تسد الرمق وموظفي الخدمة المدنية بلا إدارات مستقرة ولا دولاب عمل ولا خطة عمل ولا رغبة في حضور الى مكاتب هامدة بلا تكاليف من أجل الفطور وركوب الترحيل ان وجد، وسائقو المركبات العامة أصبح الأمر بأيديهم وبأيدي عطالة (الكومسنجية) الذين يحددون في كل يوم تعرفة جديدة دون مراعاة لمسغبة المواطن وجفاف موارده وقلة حيلته وفقدانه (وجيعا) يرثى لحاله وقد تناوشته الظروف الصعبة وشدة الحاجة وتماسيح السوق المسعورة وسماسرة المراكز الصحية والمستشفيات الخاصة، فصار ينطوي على مرضه وجوعه وحُزنه وهو ينظر لأيدي أطفاله الممتدة إليه فتتساقط دموعه ساخنة تحفر في وجهه خطين أسودين من رهق ومعاناة.

وهكذا كل شرائح المجتمع تعاني معاناة متشعبة قاسية ومضنية ومختلفة في فروعها وأصلها واحد (غياب الدولة).

 

(وهنا أعيب على المواطن السوداني فقدانه الوعي الجمعي وثقافة سلوك الأزمة وتقاسم الوجع وقت الشدة الذي كان أصيلاً في ثقافته فصار كل منا أو معظمنا يطأ على أخيه دون رحمة ودون إنسانية ليبلغ لقمة عيش هي رزقه المكتوب شاء أم أبى.. لماذا؟!.. ستنطوي الأزمة وتمر لكن ما هكذا كنا ولا نود أن يكون هذا حالنا).

 

رشفة اخيرة:

 

فلتتقدم مبادرة سودانية أصيلة فتفتح الباب أمام الحوار.. من أساتذة الجامعات أو من قادة الأحزاب أو من شيوخ الطرق الصوفية أو من شباب المقاومة (وذلك أبلغ وأقوم).. تنادي لحوار (من أجل الوطن).. تطرح كل جهة مطالبها ورؤيتها على الطاولة (شرط أن تطرح كل جهة برنامج عمل إسعافي واقعي مقنع بجدول زمني لخروج السودان من الأزمة.. أو لا تشارك في الحوار إن كانت بدون رؤية وبرنامج محدد!!).. ما تقارب من وجهات نظر تدمج.. وما تباعد يرصد على حدة.. ويتفق الجميع على مرحلتين.. (مرحلة العمل كفريق متطلبات مرحلة طواريء إسعافية عاجلة لإخراج (الوطن) من غرفة (الإنعاش)).. و(مرحلة أخرى للتوافق على تلبية متطلبات كل جهة بشرط أن لا تمس مصلحة الوطن بسوء).

تحاوروا عاجلاً أبناء السودان الكرماء لم يفت الأوان بعد.. فالضغائن والأحقاد والمصالح الذاتية وتباعد الشقة بينكم أوهن الوطن وحفز الأعداء وهم لن يكونوا أرحم بكم منكم.

 

ووطنكم قد بدأت وظائفه الحيوية تضعف وكاد أن يموت إكلينيكياً وأسباب الحياة الكريمة متناثرة ممتدة حوله يراها بعينيه بينما أيدي أبنائه تتشاكس كل يصرخ لا يسمع الآخر ما يقول.. تحاوروا هداكم الله.. و..معاكم سلامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى