تحرير سعر الصرف.. قفزةٌ في المجهول!!

 

الخرطوم: جمعة عبد الله    9مارس 2022م 

تخوف خبراء اقتصاديون من إعلان الحكومة لتحرير سعر الصرف، متوقعين آثارا سلبية لا يمكن تداركها في ظل الوضع الذي تعيشه الآن، لجهة افتقارها لاحتياطي كافٍ من النقد الأجنبي، فيما يرى البعض ان سعر الصرف تم تحريره اصلا منذ مارس 2021م.

سياسات متقلبة

وأدت سياسات حكومية طبقت منذ العام الماضي لإحداث اختلالات مؤثرة على أسعار الصرف منها اتجاه الحكومة لتحرير الجنيه ومساواة السعر الرسمي بالسعر الموازي، بعكس ما كان يحدث قبل ذلك حيث كانت تجارة الدولار وتسعيره في السوق الموازي يتم بشكل مقارب للسوق الرسمي للحكومة ممثلة في بنك السودان المركزي، وكان الفارق بين السعرين ليس كثيراً، ولكن مع استمرار وتفاقم مشكلات الوضع الاقتصادي بات من الصعوبة الحصول على النقد الاجنبي عبر المنافذ الرسمية للحكومة، التي عانت بدورها من ندرة في العملات الاجنبية التي يتصدرها الدولار مع عجز بائن في الميزان التجاري، جعل مهمة المعالجة أكثر تعقيداً.

الغُرف التجارية تتبرّأ

وبرأ الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية، الصادق جلال الدين صالح، اتحاد الغرف التجارية من المشاركة في إصدار القرارات الاقتصادية الأخيرة، وأكد أن ما صدر من قرارات اقتصادية مؤخرا لم تتم فيه مشاورة اتحاد الغرف التجارية ولا إشراكه قبل إصدارها. وقطع صالح في تصريحات صحفية عدم موافقتهم على قرار توحيد سعر الصرف، لافتًا الى انه سيعمل على زيادة المضاربة وتعميق الازمة الاقتصادية المأزومة أصلاً ويقوده سريعاً نحو الهاوية، وقال “لا اظن ان هنالك رجل اعمال او ممثلا لاتحاد أصحاب العمل او اتحاد الغرف التجارية ينشد المصلحة العامة يشارك في إصدار مثل هكذا قرار”. وأشار الى ان هذا القرار لا يتناسب تمامًا مع الوضع القائم الآن، بل بالعكس يزيده تعقيداً، واوضح ان الملف الاقتصادي الآن لا اهداف ولا رؤية ولا مستقبل له، وجدد صالح عدم مشاركتهم في القرارات الأخيرة، منوهاً الى أن الاتحاد كان سيساهم بآراء مختلفة تماماً تُصب في مصلحة الاقتصاد الوطني حال إشراكه ومشاورته في الأمر.

آثار سلبية للتحرير

ويرى المحلل الاقتصادي وعضو الغرفة القومية للمستوردين السابق، قاسم الصديق، أن قرار توحيد سعر الصرف نادى به وزير المالية د. جبريل ابراهيم من قبل مستبقاً أن يصل السعر في الموازي الى 600 جنيه ويتم التوحيد على ذلك الرقم العالي للدولار لرفع إيرادات الميزانية لتغطية كلفة اتفاقية السلام. وقال الصديق: وطالما هناك توحيد سعر الصرف فسيصبح ذات السعر للدولار الجمركي وتترتب على ذلك زيادة عالية جدًا في الأسعار بفعل سعر الدولار الجمركي مرتفعاً بما قيمته 100 جنيه في الحد الأدنى وهو سعر السوق الموازي الذي حددته معظم البنوك التي تُرك لها الأمر في تحديد سعر الصرف الذي تتعامل به مع بائعي العملات الأجنبية، منوها الى ان سلبيات القرار الكارثية ستكون على المواطن من ناحيتين، اولهما التعامل بدولار عالٍ فيما يخص الاستيراد نحوا من 530 جنيهاً للدولار، حيث كان سعر آخر مزاد 458 جنيها للدولارـ اما الناحية الثانية فهي زيادة كبيرة جديدة في التخليص بفعل توحيد السعرين وارتفاع الجمركي الى 530 جنيهاً. لافتاً إلى أن ما تغفل عنه الحكومة بل كل الحكومات السابقة بفعل الاعتماد على معلومات أفنديتها ان سعر الصرف في السوق الموازي سيظل محتفظاً بفارق كبير في سعر الصرف الذي يتعاملون به مع بائعي العملات الأجنبية لجذبهم اليه، مشيراً الى أن الحكومة دائماً محتاجة لمشاركة اتحاد أصحاب العمل واتحاد الغرف التجارية لتبصيرها بآليات السوق الموازي وتحديد الأسعار المناسبة للتقليل من الآثار التضخمية التي لا يتحمّلها المواطن الذي رفع العلم الأبيض منذ وقت طويل ولا تلتفت اليه الدولة الأكثر بؤساً.

صعوبات اقتصادية

وتُعاني البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة من صعوبات اقتصادية كبّلت قدرة الحكومة على معالجتها، ولا تنحصر الأزمات في جانب معين، فمن سعر الصرف المتهاوي يوماً بعد آخر، إلى غلاء الاسعار ونقص الوقود، ودقيق الخبز، وتذبذب الإمداد الكهربائي، وإشكالات لا تنتهي.

وخلال السنوات التي اعقبت نجاح ثورة ديسمبر 2018م، واجهت البلاد أزمات اقتصادية، تمثلت أبرز انعكاساتها في تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع التضخم وارتفاع الأسعار الذي شمل كل السلع دون استثناء بنسب تتباين بين “150 – 300%”، مع أزمة سيولة سبّبت ركوداً بائناً في النشاط التجاري، مما أدى لإرغام المواطنين على حصر احتياجاتهم في خيارات أقل تشمل السلع الأساسية أولاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى