علي مهدي يكتب: مهرجان البقعة.. سنوات الضوء والصوت لمسرح عُمُوم أهل السُّودان

دهاليز

علي مهدي

مهرجان البقعة.. سنوات الضوء والصوت لمسرح عُمُوم أهل السُّودان

الدورة الـ(21) 9-19 مايو 2022

عشرون دورة من سنوات المهرجان، كل عام يبدأ منه، يمضي إليه، دورة إثر دورة

المهرجان أسهم في إيجاد مجموعات مسرحية متتابعة، يبدأ القادم من حيث انتهى السابق

عُدت يا سادتي إلى دهليزي الأحب، أجلس إليه، أفتح أدراج ذاكرة اكبر حدث مسرحي قطري، ثم امتدت أوراقه اليانعات المثمرة ليبني جسور الفنون والمعارف إقليمياً وعالمياً. هي البقعة المباركة، المؤسسة، المسرح الوطني والمهرجان، حيث يجمع ويضم أوراقاً، تصاوير، وأرقاماً وأسماءً، وحكايات، ثم حضور مثمر من هنا وهناك.

دورات المهرجان المفخرة، نشطت لأكثر من عقدين من الزمان، وتلك الأسماء المُبدعة تسهم في مختلف مستويات الإعداد والتحضير لمهرجان أيام البقعة المسرحية. ثم بعد اكتمال عقد وأكثر، إلى مهرجان البقعة الدولي للمسرح. يومها عند إعلان التغيير في المفاهيم والتدابير والإجراءات كانت قد تكاملت لدى الهيئة المديرة للمهرجان، وهي الأصل في كل أفعالنا الجماعية النبيلة بذاك التوافق، ثم الاتفاق على الحد الأدنى الممكن،  مشت البقعة المباركة، الأنشطة والإنتاجات الفنية فيها الى آفاق أرحب . نحن الآن ننظر بالتقدير للنتائج، وقد اقتربت ساعة الانعقاد للدورة الواحد وعشرين 8-19 مايو 2022، وهي المرة الثانية منذ الإعلان عنه خواتيم تسعينات القرن الماضي، تتأخّر ليلة الافتتاح في الربع الأول من عمره، تأخرت إلى أبريل بدلاً من مارس، ثم في الربع الأخير من عشرينات هذا القرن تأخّرت لشهر أبريل بدلاً من مارس. وهذه المرة متأخر عنه مارس الأحب، ونحتفي فيه باليوم العالمي للمسرح في السابع والعشرين من مارس كما قرّرته وكالة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) وتشرف عليه الهيئة الدولية للمسرح ITI/ يونسكو، وهذه المرة الثانية نحتفي به بعيدًا عن فضاء البهجة النهارية في المسرح القومي أم درمان، التي يصنعها الحبيب عبد المنعم عثمان المؤسس والمدير لكل دورات المهرجان، بعد الدورة الأولى التي أدارها الحبيب خليفة حسن بله، يوم كان مديراً لمسرح البقعة، وتلك حكاية أخرى تتصل بفكرة مسرح البقعة المبني والمكان.

والدورة الـ(21) ٩-١٩ مايو ٢٠٢٢ التي هي أيضاً تتأخر عن الموعد المعلوم، تبدأها عروض شرفية مُختارة من جداول المهرجانات السابقة، في استذكار طيب لهم صناع المسرح السوداني، من كانوا شباباً يومها، اتاحت لهم البقعة أوسع الفرص لا للمشاركة فحسب، لكن لاستمرار العطاء، فبعد المهرجان كانت تخرج الفرق للولايات، لتُجدِّد عروضها بعد أن وجدت في المهرجان جمهورا كبيرا يحضر في موعده المعلوم، وتتحوّل الفضاءات تُحيط بالمسرح القومي أم درمان، أو يوم كانت ليالي المهرجان في مسرح البقعة القديم (مركز شباب أم درمان) إلى مهرجانات متنوعة، فيها كل شئ، حتى الأكلات الشعبية وغيرها من حوارات بين صناع الفرجة السودانية وضيوفهم من أنحاء العالم. وبعض الفرق في البقعة تخرج بعروضها الحائزة على الجوائز للمشاركات الإقليمية والدولية، في مهرجانات أصبح أهلها أصدقاء وشركاء للبقعة، وشهدوا العروض في المسابقة الدولية، وكانت فرص الاختيار عندهم مُمكنة، خرجت عروض قدمت في البقعة المباركة لمهرجانات صديقة في الجزائر والإمارات ومصر وعُمان وتونس، ومدن غيرها تربطنا بها ومؤسساتها العلمية والفنية برامج عمل مشتركة في هولاندا وألمانيا وبولندا وأمريكا، وفرنسا، والجوار الأفريقي، فكان اول عرض مسرحي سوداني على عمق وقدم العلاقات بين الشعبين لمسرح البقعة فيها أديس أبابا الجميلة وغيرها من العواصم الثقافية.

نظرت ثم نظرت في خزائن الدهاليز وما يتصل بالمهرجان، هناك الكثير، فقلت والى ان يقترب موعد الدورة الواحد وعشرين مايو القادم، أراجع وأحباب الدهاليز بعض التواريخ الأقدم. أنشر المعلومات والتي حوتها وثائق أودعنا بعضها الأهم في دار الوثائق القومية، وكنت الأسعد يوم انتقلت لمكتبي في دائرة المهدي شارع الجمهورية، هي في سرايا الخرطوم لسيدي الإمام عبد الرحمن المهدي عليه السلام. وقلت يومها للراحل ذاكرة الأمة أبو سليم (قالوا لي إن بين السرايا والدائرة سرداب يربط بينهما)، ابتسامة كبيرة أضاءت مكتبي وخرجت حتى الجامعة شرقاً، وضحك وعاد لي بوثيقة، كنت أرجو النظر إليها، كانت رسالة من خليفة المهدي الخليفة عبد الله بن السيد محمد الواوي عليه السلام، الى جدي الأمير محمد نور (نوري) السيد عبد الكريم، وكان عامل الخليفة على منطقة الجزيرة، يومها حكى لي وحكيت، وسمع، وتبادلنا حوارات قديمة، تتجدّد كلما التقينا، فيها تواريخ قديمة أعشقها، ونتبادلها واقعا لا أسرارا، نسعد بها، ومن هنا وتلك الحكاية خرجت الدهاليز حيث نحفظ الأشياء بقيمتها، نخرجها يوم تستقيم الرؤية ولا تخيب. دهليزي هذا اكرس التفاصيل للأسماء التي أسهمت وأنجزت في مشاوير المهرجان بلا انقطاع، مهرجان أهلي، وجد الدعم الأول من شركاء الحركة المسرحية السودانية، ثم بنى بصدق علاقته القطرية، ليمشي بها نحو الوطن العربي وأفريقيا الأم، وانظر بكثير من التقدير لمن كتبوا عنها تلك المهرجانات، خاصةً ما صدر من إدارة المسرح الوطني مسرح البقعة وإدارة المهرجان، الكتاب الأول صدر في مارس 2013, بمناسبة الدورة الثالثة عشر للمهرجان (البقعة سنوات الضوء والصوت لمسرح لعموم أهل السودان) تقديم الدكتور فصل اللَّه أحمد عبد الله، الإعداد والإشراف الأستاذ عبد المنعم عثمان والأستاذة شادية مبارك سليمان، تدقيق وتنفيذ الأستاذ هيثم أحمد الطيب، تصميم الفنانة مزنة الخير آدم، ذاك كتاب ووثيقة مهمة، ثم الكتاب الأهم للأستاذ الكاتب والباحث والناقد السر السيد، وهو من اركان المسرح السوداني في مجالات عديدة، لكنّ له في البقعة المباركة أدوار تتعاظم، ومبادرات خلاقة، سنحكي عنها من الدهاليز، يوم اقترح ونفّذ الكثير من الأوراق والكتب والتوثيق لرموز الحركة التمثيلية في الوطن، وسجّل أدوارهم واحتفى بهم عبر العديد من الكتب التي خرجت سنوات اختيارهم شخصيات المهرجان المكرمة، وتلك أيضاً مما سيهتم بها الدهليز في مستقبل التحضير للدورة القادمة إن شاء الودود.

يحتفي الدهليز بالدورة الأولى لمهرجان أيام البقعة المسرحية 13–27 مارس ..2000 وقد تمت بالتعاون بين المسرح الوطني مسرح البقعة والمسرح القومي السوداني يقول كتاب البقعة (بهذا التوقيت زماناً ومكاناً)، بدأت تتشكّل المرحلة الجينية الأولى لمهرجان أيام البقعة باسم (مهرجان أيام البقعة المسرحية) وهي تتلمّس خطواتها الأولى في التنامي وإحداث الواقع القادم وأفصحت البقعة عن مرحلتها هذه على هذا النحو)، أي نحو كان يقصد كتاب البقعة وقد صدر في عام 2013؟

وانظر للجان المهرجان، تتوافق وقتها والحاجة لتسير مشروعا جديدا. اقتنع المؤسسون يوم جلستنا في الظهيرة والشمس رقراق بين ضوء وحر، وأنا من تونس الخضراء قادمٌ، أحكي عنها الفكرة في تفاصيلها الأولى، ولم نخرج إلا بعد أن اتفقنا، وسعدنا بميلاد ثاني مهرجان مسرحي في تلك الأزمان، الأول كان مهرجان الفرق والجماعات الأول، مطلع تسعينات القرن الماضي، والثاني مهرجان نمارق للمسرحيات القصيرة، ثم غاب كما غاب الأول.

 وقلنا يا هادي

وتشكّلت لجان المهرجان، الهيئة المديرة كنت رئيساً، يومها كنا نملك ونحكم، لكن بعد العقد الثاني لا نحكم ولا نملك إلا الفكرة، وقد مشى بها الأحباب، وأدار الدورة الأولى بنجاح، الحبيب خليفة حسن بله، وضمت  الهيئة المديرة الأحباب عبد المنعم عثمان ومحمد عكاشة ومحمد عَلِي سيد وغدير ميرغني وعبد الله الميري وقاسم أحمد وعوض حسن الإمام ومحمد عليش وإمام حسن الإمام وياسر عثمان ومامون عيسى.

ولجنة المشاهدة

الأساتذة السر السيد رئيساً ومصعب الصاوي وعبد الله الميري وعبد المنعم عثمان عضواً ورئيسًا.

ولجنة التحكيم

الأساتذة إبراهيم حجازي رئيساً ويوسف خليل ومعالي الدكتور البشير سهل والسيدة بلقيس عوض وصلاح العبيد عضوًا ومقررًا.

لجنة الندوة الفكرية

الدكتور شمس الدين يونس رئيسًا والأستاذ عبد الجبار عبد الله  والدكتور عبد الحفيظ عَلِي اللَّه عضوًا ومقررًا.

وكان قد تقدم للمشاركة في الدورة الأولى ثلاثون عرضًا مسرحيًا، اختارت لجنة المشاهدة سبعة عروض للمشاركة في المنافسة الرسمية، وهنا للتوثيق، والاحتفاء بهم كُتّاباً ومخرجين صنعوا بإبداعاتهم الدورة الأولى للمهرجان.

مسرحية محاكمة السمكة الكبرى لجونتان جوان، إخراج عادل فطر. مسرحية الإمبراطور جونز اوجين اونيل، إخراج حاتم محمد عَلِي. مسرحية موسيقى الرؤيا، طارق حسن سيد، إخراج طارق بكري. مسرحية أم أحمد، تأليف وإخراج آمنة أمين الطاهر. مسرحية ناس الحلة تأليف وإخراج مجدي النور. مسرحية الدب انطوان شيخوف إخراج تهاني عبد الله. مسرحية على أوتار الكمان، تأليف وإخراج نبيل حسن ساتي. مسرحية الأجاويد تأليف يحيى فضل اللَّه إخراج خالد طه الدرديري.

ثم كانت ليلة الختام في السابع والعشرين من مارس عام 2000، مُحتفلين باليوم العالمي للمسرح، وتوزيع جوائز أول دورة للمهرجان الذي لم يغب بعدها حتى في أكثر الأوقات تعقيداً.

نعم

البقعة الذات المتيقظة، والحالمة إلى آفاق مغاير للسائد والمألوف.

نعم

من لم يشارك فذاك ممكن، لكنها كانت وتظل منفتحة على كل اتجاهات الإبداع التمثيلي.

نعم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى