وزير مالية إقليم دافور في حوار لا تنقصه الصراحة لـ(الصيحة) عبد العزيز مرسال الشهير بــ(شدو): التقاطعات حاضرة وحكومة الإقليم ليست خصماً على الولايات

 

نصيب الإقليم (40%) من عائد الإيرادات القومية

أول ميزانية وضعناها ركّزنا فيها على تأسيس البنى التحتية

 (عملوا شنو للحركات التي وقّعت) حتى نسأل عن التي لم تُوقِّع؟

تأخُّر الترتيبات الأمنية يعطل إنفاذ اتفاق جوبا

العدالة لا تتحقق إلا بوجود قوة تبسط هيبة الدولة

خروج بعثة يوناميد قرارٌ متعجلٌ

حوار/ الطيب محمد خير            1مارس 2022م 

أكد وزير مالية اقليم دارفور عبد العزيز مرسال حسب الله الشهير بــ(شدو)  خلال الحوار الذي اجرته معه (الصيحة) أن تأخر إنفاذ بند الترتيبات الامنية وتكوين القوة المشتركة لحفظ الامن في دارفور, انعكس سلباً في تأخير إنفاذ جوانب الخدمات والمشروعات, وقال لا يمكن أن ننشئ مشروعات في ظل انعدام الأمن لأنها ستكون عرضة للتخريب, مشيراً الى ان هناك جوانب مرتبطة بالترتيبات الامنية لا يحتاج تنفيذها لمال وانما ارادة لإصدار قرارات حتى تظهر أن هناك نوايا وجدية ، وابان انهم الآن يعملون بنظام المراسيم لحين صدور القانون الخاص بالاقليم ، واشار شدو الى ان خروج البعثة الأممية يوناميد من دارفور كان متعجلاً دون دراسة وكان يجب تأخير ذلك حتى تكتمل الترتيبات الأمنية , تفادياً للفجوة الامنية التي نجمت من خروج البعثة. الوزير كان صريحًا في اجاباته بشأن الكثير من القضايا التي طرحتها عليه  فماذا قال….؟

كيف تم التغلب على مشكلة التشريعات القانونية الخاصة بالإقليم وضبط علاقته بالمركز؟

طبعاً جعل دارفور اقليم واحدا بحدوده التاريخية بكل عاداته وتقاليده وثقافاته وموروثاته بدلاً من ولايات مشتتة واحدٌ من مطلوبات السلام ، وبالتالي التشريعات القانونية الخاصة بالاقليم موجودة وفقاً لاتفاق جوبا ومفترض قيام مؤتمر الحكم الإقليمي بعد ستة أشهر بعد التوقيع ، وحسب اتفاق جوبا في حال عدم قيام مؤتمر يتم تفعيل نظام الحكم الإقليمي بكل سلطاته وصلاحياته حسب ما نص عليه الاتفاق بعد الشهر السابع ، ونحن الآن ننتظر قيام مؤتمر نظام الحكم رغم انه لا يغير او يضيف شيئاً لسلطات وصلاحيات الإقليم الواردة في الاتفاقية ، وانما ينظم هذه السلطات والصلاحيات ويخرجها في شكلها التشريعي لتصبح قانونا ودستورا ومرجعا لنظام الحكم الاقليمي.

نفهم انكم تجاوزتم مؤتمر نظام الحكم؟

بالعكس قيام مؤتمر الحكم مطلوب لوضع القوانين لتنظيم العلاقة ما بين مستويات الحكم المختلفة.

على ماذا تستندون في قراراتكم الخاصة بالإقليم في غياب القوانين المنظمة؟

الآن نعمل بنظام المراسيم المؤقتة في تسيير العمل وإصدار القرارات وكانت تمّت مناقشة قانون الإقليم على مستوى مجلس الوزراء, وكان يفترض أن تتم إجازته في الاجتماع المشترك لكن تعطل نتيجة التغيير الذي حدث في 25 اكتوبر ولا يزال هذا القانون ينتظر في وزارة العدل.

كيف تم التغلب على التقاطعات وتداخل الصلاحيات بين حكومة الإقليم وحكومات الولايات؟

مؤكد التقاطعات حاضرة, لكن العمل متكامل لان حكومة الاقليم ليست خصما على الولايات وكذلك العكس، هناك اشكالات اسهمت حكومة الاقليم في حلها وبالتالي الإقليم داعم لحكومة الولايات ومكمل لها.

العدالة ملف شبه مُغلقٌ في ظل الأوضاع الراهنة؟

الأمور ترتيبها كالآتي السلام والأمن والعدالة الاستقرار ثم البدء في التنمية المستدامة السلام تم التوقيع عليه, اما العدالة لا يمكن تحقيقها إلا بوجود قوة على الأرض وبسط هيبة الدولة على الأرض.

ما الكيفية التي تؤمن بها المشروعات والجهات المنفذة؟

تأخر الترتيبات الأمنية من التحديات التي تواجهنا وتعطل انفاذ وتحقيق ما اتفقنا عليه في جوبا، الآن النازح يذهب لزرعه يُقتل وان زرع لا يستطيع حصاد ما زرعه, بالتالي من الصعب ان تؤسس مشروعات توطين وإعمار وتعيد اليها الأهالي لتأتي جهة تحرق القرى وتعيده لدائرة النزوح كما حدث في جبل مون, وبالتالي نحن مصرون على تكوين القوة المشتركة لحماية المشروعات والنازحين العائدين لقراهم.

بما تفسر استهداف النازحين من قِبل المُتفلتين؟

الدوافع كثيرة ومُتنوِّعة, هناك نزاعات تنشب وانفلات يقصد منها إرسال رسائل, وهناك عمليات نهب تقليدية لكن في النهاية بسط الامن والحماية وتوفير الخدمات مسؤولية الدولة.

الى أي مدى التمويل متوفر لحكومة الإقليم لتعمل بالحد الأدنى؟

هناك استحقاقٌ مالي سنوي قدره 750 مليون دولار كبرنامج حد أدنى تدفعه الحكومة الاتحادية للإقليم وفق الإيرادات القومية كما نصت الاتفاقية دون الوضع في الاعتبار وجود جهات مانحة وقروض وصناديق، والآن نحن نعتمد في التمويل على استحقاقات السلام لم نفتح ملف تمويل المانحين والصناديق والقروض, ولدينا برنامج وخطة جاهزة لذلك.

ماذا عن نصيب الإقليم في موارده القومية وبنسبة كم تم الإيفاء؟

هذا بند تقسيم الثروة في الاتفاقية ونصيب حكومة الاقليم (40%) من عائد الإيرادات من مواردها القومية، وطبعاً هذه أول سنة 2022 نضع فيها ميزانية للإقليم وكنا نعمل في البند الاول السلع والخدمات وسنبدأ المشروعات في البنية التحتية من خلال هذه الميزانية في (الطرق والمياه والتعليم والصحة, هناك ثلاث مستشفيات ستنشأ في نيالا والجنية والفاشر بتبرع إماراتي).

ما خطة حكومة الإقليم لنقل دارفور من دائرة الإغاثة للإنتاج؟

إنسان دارفور شعب منتج بطبعه خاصة حرفتي الرعي والزراعة بالإضافة لممارسته للتجارة, وما حدث من تهجير قسري للمواطنين بسبب الحرب لأطراف المدن واللجوء وهذا اثّر كثيراً على الانتاج، والأمن أمر أساسي لإعادة إنسان دارفور لوضعه الطبيعي للعيش في مناطقه, لكن حتى الآن لم يتم توفير مراكز مؤهلة للشرطة في مناطق العودة الطوعية لتوفير الأمن للاهالي في مناطقهم, والى الآن لم يتم ونحن في انتظار وتكوين القوة المشتركة التي حسب اتفاق السلام منوط بها حفظ الأمن وحماية المواطنين وممتلكاتهم ووضع حد للتفلتات التي يشهدها الإقليم بصورة جذرية.

ما الذي عطّل قيام هذه القوة؟

الترتيبات الامنية امرٌ أساسي للمضي الى الأمام في جانب توفير الأمن وإقامة المشروعات.

ما الذي يعيق الترتيبات الأمنية؟

غير قضية التمويل, لا بد أن تكون هناك إجراءات قوية لتثبيت مبدأ ان هناك خطوات فعلية من الأطراف المعنية الحكومة والحركات, لإثبات بأن هناك عملاً ونية صادقة لإنفاذ هذا البند.

ما أثر الإجراءات والقرارات الكثيرة التي اُتّخذت في جانب الترتيبات الأمنية؟

نعم هناك العديد من القرارات أو الإجراءات التي صدرت والناس ماشة وجاية, لكن لم نر خطوات عملية على الأرض نطمئن عليها، والمبرر ان الترتيبات الامنية تحتاج لأموال كبيرة وغير متوفرة الآن، لكن هناك جوانب مرتبطة بالترتيبات الامنية لا يحتاج تنفيذها لمال, وإنما إرادة لإصدار قرارات حتى تظهر أن هناك نوايا لإنجاز شئ لأن الوصول للمحطة النهائية ليس بدفعة واحدة, بل يتم بالتدرج وكل خطوة مُتطلباتها وتحدياتها معروفة, وهذا الآن غير متوفر بصورة متحمس لها.

اللافت أن ملف النازحين واللاجئين يكتنفه الغموض, بل زاد تعقيداً بالأحداث الأمنية الأخيرة؟

ملف واعادة توطين اللاجئين والنازحين  من الملفات الأساسية في بناء السلام التي تتصدّر اهتماماتنا، وبدأت حكومة الاقليم العمل فيها ببند المصالحات ورتق النسيج الاجتماعي وتهدئة الخواطر ونشر ثقافة اخذ الحقوق بالقانون وليس باليد حتى نصل لمرحلة ان نعمل لحمة واحدة في نسيج متحد غير متنافر لتحقيق الاستقرار، لأنّ إقليم دارفور عانى لفترات طويلة نزاعات بسبب مظالم، خَاصّةً في جانب التنمية وعدم توظيف الموارد الكثيرة لمصلحة إنسان المواطن الذي أدى للنزاعات بسبب انعدام البنية التحتية من طرق وخدمات التعليم والصحة التي تساعد إنسان دارفور للاستفادة من الموارد الضخمة للإقليم التي يمكن أن تسهم بنسبة كبيرة في الدخل القومي، والآن في ظل غياب الأمن أن تمّ تأسيس خدمات لإعادة النازحين لقُراهم تجد هناك هجمات تقوم بها جهات اعتادت على التخريب والنهب، وأعود لأقول إن حسم هذا لا يتم إلا عبر إنفاذ بند الترتيبات الأمنية وبسط هيبة الدولة لإقناع النازحين والمواطنين للعودة الى مناطقهم.

الملاحظ ان المصالحات بين المكونات المحلية تعاني من الهشاشة وسرعة الانهيار؟

هذه المصالحات تقوم في مقابل التزامات في كثير من الأحيان لا يتم الإيفاء بها بين المكونات المتصالحة وغالبا في جانب الالتزام بالديات، لكن اعود واقول ان لم تكن هناك قوة تحفظ الأمن على الأرض مهما تم من مُصالحات “يكون الناس لا فين في حلقة مفرغة” ولن يصلوا لنقطة الاستقرار.

ما مطلوبات ضبط الحدود للاستفادة من تجارة المعابر بين ليبيا وتشاد؟

إقليم دارفور لديه حدودٌ مفتوحةٌ على اكثر من دولة وهذه ميزة ايجابية يجب الاستفادة منها ليس دارفور وإنما كل السودان في حركتي الصادر والوارد، نحن كحكومة إقليم وضعنا خططاً تنموية سيتم تنفيذها عبر ميزانية (2022) تبدأ بربط الولايات بشبكة طرق مُعبّدة تصلها بالحدود لتسهم في تأمين الطرق بين الولايات كأمر ضروري لتقليل الحوادث الامنية لإنعاش حركة التجارة وإدخالها في حركة الصادرات القومية للإسهام، خاصّةً أن الإقليم يزخر بكثير من المنتجات البستانية والزراعية والغابية والحيوانية وغيرها تساعد في زيادة دخل المواطن وجذب الاستثمار والمشروعات التنموية ولإنعاش تجارة الحدود، ولدينا خطة لتأهيل لأسواق المحاصيل والماشية والمحطات الجمركية وتأسيس موانئ جافة.

رتق النسيج الاجتماعي في ظل المشكلات المُتجذِّرة واحدة من التحديات التي تواجه حكومة الإقليم؟

حكومة الاقليم تتحرك في كل الاتجاهات لأجل المُصالحات بين المكونات وتوفير الأمن، وبالتالي مهم إشراك الإدارات الأهلية، وهناك مبادرة أطلقها الحاكم بتنظيم ملتقى للاستفادة من مقدراتهم الادارية ووضعت خارطة طريق وبدأنا نعمل عليها لحسم المواجهات القلبية والتفلتات الأمنية التي في غالبيتها سببها النزاعات الفردية بين الرعاة والمزارعين وأدت لإزهاق أعداد كبير من الأرواح بسبب مشكلات يمكن حلّها بالعُرف، وتمت العديد من المُصالحات بين المكونات الأهلية.

هل تركيز حكومة الإقليم على الإدارات الأهلية لتحقيق ذلك وما هي المطلوبات واجب توافرها من الجانب الحكومي؟

الاستعانة بالإدارة الأهلية في رتق النسيج الاجتماعي أمرٌ أساسيٌّ، لكن بمساعدة القوة المشتركة كمطلوبات واجب توفرها من الجانب الحكومي.

سبق أن أعلن عن تكوين قوة مشتركة لماذا فشلت؟

تكوين هذه القوة تم خارج اطار اتفاقية جوبا لمهمة محددة لحماية الموسم الزراعي وانتهت مهمتها، وما نريده تكوين قوة مشتركة كما هو منصوص عليه في الاتفاق لحماية الإقليم ككل ومرصود لها ميزانية  وليست مهمة محددة لنعود مرة أخرى لمربع الصفر، الآن كل ولاية تدير حالها في توفير الأمن.

إلى أي مدىً نجح اجتماع اللجنة الأمنية الأخير في الفاشر في طي الملف الأمني؟

ممكن نقول هناك بارقة أمل في السقوفات العليا في الدولة لطي هذا الملف ، لكن لا نرى فعلاً على الأرض ونحن نريد خطوات عملية تقول هناك تحرك جاد، لكن الآن مجرد وعود ولا نرى أي تنفيذ ولا تزال مشكلة الأمن وتكوين القوة المشتركة تراوح مكانها.

ما المطلوب لضبط التفلتات؟

المهمة الأساسية للقوى المشتركة هي جمع السلاح الموجود خارج سيطرة القوات النظامية وبغياب هذه القوة وطالما السلاح خارج سيطرت الحكومة صعبٌ ضبط هذه التفلُّتات، ومتوقعٌ أي شخص أن يقوم بالاعتداء طالما السلاح منتشرٌ خارج سيطرة الدولة.

ما صحة تقرير الخبراء الأممي عن دارفور أكبر سوق السلاح في المنطقة؟

هذا التقرير يحتاج لإعادة نظر في المعايير التي بني عليها نشر هذه المعلومات، صحيح هناك خروقات أمنية ونزاعات قبلية، نعم السلاح موجود لكن ليس بالمستوى الذي يجعل الإقليم يتصدر قائمة اسواق السلاح في المنطقة.

ما السبيل لإقناع الحركات التي لم توقع؟

“خلي الحركات التي لم تُوقِّع، ما نسأل نفسنا الحركات الوقّعت عملوا ليها شنو”، الآن هناك كثير من النقاط لم تنفذ وهذه رسالة ومؤشر خطير للآخرين، لأن جديتنا والتزامنا بالمواثيق يشجع الآخرين للحاق بركب السلام.

كيف تقيمون خروج بعثة يوناميد من دارفور؟

في رأيي قرار خروج بعثة يوناميد كان متعجلاً بعض الشئ، لأنه ما كان متوقعاً ان انفاذ الترتيبات الأمنية سيتأخر كل هذه الفترة، ولو كنا ندرك أن الترتيبات الامنية ستتأخر كل هذا الوقت ما كنا قبلنا هذا الخروج المتعجل للبعثة، وكنا نأمل تكوين القوة المشتركة لتقوم بمهام في حفظ الأمن، لكن تأسيسها أيضاً تأخر تبعاً للترتيبات الأمنية، ولا أحدٌ ينكر أن هناك كثيراً من السلبيات التي نجمت عن هذا الخروج المتعجل، منها نهب مقرات البعثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى