والي جنوب دارفور لـ(الصيحة)

 

عند وصولي كانت الولاية تعج بالفوضى وكان الناس يتقاتَلون داخل  نيالا

 بهذه الخطوات نجحنا في استتباب الأمن والسلم الاجتماعي

بفضل القوات المشتركة والإدارة الأهلية استطعنا تجاوز الصراعات القبلية

المشاكل بين السكان على الحدود مع شرق دارفور بسبب التداخل القبلي

حوار: فاطمة علي

 

عندما تولى موسى مهدي أمر إدارة ولاية جنوب دارفور بعد تعيينه والياً عليها كانت الولاية تجلس على فوهة بركان فالصراعات القبلية كانت تنفجر كل حين بين مكوناتها القبلية لدرجة أن المكون الواحد يخرج من صراع مسلح مع مكون آخر ليدخل في صراع مع مكون ثالث، كما أن الولاية كانت تعاني مشكلات في المياه والطرق واحتكاكات بين المزارعين والرعاة، فضلاً عن وجود تحديات توفير الخدمات الصحية والتعليمية للنازحين في المعسكرات بالإضافة لوجود أكبر معسكر نازحين في منطقة كلمة جنوب نيالا..

فكيف قابل موسى مهدي تلك التحديات وهل نجح في إطفاء الحرائق ومعالجة  القضايا الملحة طوال فترة العام التي قضاها والياً على الولاية؟

وكيف نظر إلى وجود مني أركو  مناوي كحاكم لإقليم دارفور؟

كثير من القضايا تمت مناقشتها مع الوالي في هذا الحوار:

ـ بداية ما هي التحديات التي واجهتك إبان توليك شأن الولاية؟

ابتداء سعيد أكون في ضيافة صحيفة الصيحة، ذات الصوت المنتشر والتي تصدح بالحقيقة دوماً،

ثم للإجابة على سؤالك، فقد توليت تكليف إدارة ولاية جنوب دارفور قبل عام من الآن، وعندما وصلت للولاية وجدت بها مشاكل أمنية في خمسة محاور كبيرة جداً مشاكل بين الزريقات والمعاليا، وبين الزريقات والفلاتة، وبين المسيرية والفلاتة، وبين التعايشة والفلاتة وبين المساليت والزريقات في منطقة ارتيقا، وفي كأس،  وكانت الولاية تعج بالفوضى والسبهللية، وعدم توفر الأمن، وكان الناس يقتَلون داخل مدينة نيالا في بعض الأحياء لذا فقد وضعتُ هَم توفير الأمن على رأسي وعملت على مقابلة أهل دارفور لبحث كيفية معالجة وتحقيق الأمن واستطعنا أن نحقق ذلك بطرق عديدة بقوة السلطة المتمثلة في القوة المشتركة وبطريقة “التي هي أحسن” عبر الإدارة الأهلية والأخيار وتوسطهم لحلحلة بعض الإشكاليات المعروفة بالجودية في جنوب دارفور والآن تنعم بالاستقرار والأمن والطمأنينة،  فإذا رجعت اليوم إلى مضابط الشرطة ستجد البلاغات في تراجع كبير، كما ان 70% من أهل جنوب دارفور الآن في مناطق الزراعة، وهذا لم يتم اطلاقاً في أي فترة من الفترات السابقة.

ـ بالطبع فإن تحقيق الأمن هَم تحقق فكيف يكون سبيل المحافظة عليه؟

كيفية المحافظة على الأمن والاستقرار عموماً وبالأخص في مناطق الزراعة والرعي، كانت تحدياً كبيراً بالنسبة لنا ولكن لتحقيق ذلك قمنا بدفع قوات كبيرة وزيارات مستمرة لمناطق النزاعات ما قلل من الاحتكاكات بين المزارع  والراعي، وكان  الموسم السابق أول موسم يمر على الولاية طيلة السنوات السابقة دون ان تحدث به احتكاكات وذلك بشهادة كل أهل جنوب دارفور، وأستطيع القول إننا نجحنا في استتباب الأمن والسلم الاجتماعي، وعملنا عملاً كبيراً واستفدنا والآن النتائج أتت أكلها بهذا العمل.

واسمحوا لي هنا أن أشكر لجنة أمن ولاية جنوب دارفور التي تعمل بتناغم وتفاهم شديد ودفعهم للقوات المشتركة، فقد استطعنا بجهد أولئك تحقيق الأهداف التي نصبو إليها ونوفر البيئة الآمنة لمواطن جنوب دارفور.

ـ أين وصلت خطوات تنفيذ مشروع طريق نيالا ـ الفاشر؟

طريق نيالا ـ الفاشر طريق قومي ما يعني أنه يمول من الحكومة الاتحادية، وفي السابق تم منح قطاعات منه لشركات لتقوم بتشييده لكن اتضح أنها ليست لديها إمكانيات او خبرات سابقة مما أثر في عدم تكملة الطريق، وأيضا للأمانة هناك مسألة التضخم وانخفاض العملة ما جعل القيمة التعاقدية لإنجاز الطريق غير مجزية بالنسبة للمقاولين، ولكن رغم ذلك بذلنا جهداً كبيراً في إطار تكملة الطريق وذهبنا لوزارة المالية واستطعنا رفع الأسعار ولكن المالية لم تلتزم بتوفير التمويل، لكن نحن نعتبر أن طريق نيالا ـ الفاشر أولوية، لأنه طريق آمن يربط كل ولايات دارفور الكبرى إلى أفريقيا الوسطى، ويجب أن يتم إكماله في أسرع وقت ممكن وتحدثنا مع وزير البنى التحتية، ووزير المالية لتوفير التمويل اللازم لإنجازه في الفترة القادمة،  وإن كانت الشركة غير قادرة أو غير مؤهلة سيتم سحب العطاء ونستبدلها بشركة أخرى، أحسن تأهيلًا لأن الطريق يعتبر من أول اهتماماتنا في هذه الولاية .

ـ ماذا عن مشروع سلعتي ومشروع ثمرات؟

فيما يخص مشروع سلعتي الآن، قمنا يجلب المواد مرة واحدة لـ(10) آلاف أسرة وحولنا الأمر لوزارة المالية ولديهم مندوب في الخرطوم الآن لشحن مواد سلعتي، أما برنامج ثمرات ففي مدينة نيالا حسب الإحصاء توجد (50) الف أسرة،  والآن القائمون على البرنامج استطاعوا تغطية 4500 اسرة ما تعادل بنسبة ٩٠% بمدينة نيالا، أما المحليات والأطراف فهناك بعض الإشكاليات تعوق الوصول إليهم مثل فصل الخريف وصعوبة الوصول لبعض المناطق، بجانب المعدات اللوجستية والاتصالات وتلك بعض الإشكاليات الكبيرة، لكن الآن عدد كبير من المحليات صرفت استحقاقاتها وكانت فرحة مدهشة وأمر غير طبيعي ولم يجدوه في الفترة السابقة نهائياً.

ـ ترى ما هي انعكاسات قرارت رفع الدعم وارتفاع الأسعار على مواطن جنوب دارفور؟

استطعنا في جنوب دارفور تكوين هيئة السلع الاستراتيجية ورفدناها بكون مالي يبلغ (250) مليون جنيه كتمويل من البنوك بنسبة ربح ضعيفة جداً، خصصت لجلب السلع الاستراتيجية “كالشاي والسكر والدقيق والزيت والذرة” والهدف من ذلك كان تخفيف أعباء المعيشة على المواطن، هذه المواد وصلت الآن الى الأحياء والأسواق وهي تخفف الأسعار في جنوب بصورة تصل إلى٢٠% ولأول مرة لم يرتفع السكر في الولاية خلال شهر رمضان، وكذلك استطعنا أن نوفر حصة الولاية من الدقيق المدعوم وقمنا باستيراد دقيق إضافي، ولأول مرة يصل الدقيق للمحليات ويوزع للوحدات الإدارية، كل ذلك عمل على تخفيف أعباء المعيشة على المواطن.

ـ من ينظر إلى مدينة نيلا يجد أنها تعاني من مشكلات في الطرق الداخلية وتصريف مياه الخريف فكيف تنظرون لمثل هذه المشاكل؟

من يقُم بزيارة نيالا الآن سيجد أن هناك اختلافاً فيها، فقد استطعنا أن نسفلت بعض الطرق الداخلية بطول إجمالي بلغ 22 كلم داخل نيالا، ولدينا تعاقد مع شركة الأشغال الهندسية التابعة لجياد وهي شركة حكومية لبناء كبري حي الجير والسليت ولدينا عطاءات الآن لطرق حي خرطوم بالليل وعطاء آخر لشارع تركيك ودراسات لبعض الطرق الداخلية بالمدينة.

ـ يشكو مواطن نيالا وجنوب دارفور بصورة عامة من مشكلات في المواعين الصحية ما يجعله يتكبد مشاق السفر للعلاج بالخرطوم.. متى يكتمل مستشفى نيالا؟

فيما يخص الصحة والمستشفى استطعنا توفير مبلغ 350 مليونا، نصف هذا المبلغ من خارج ميزانية الولاية، جلبناه بجهدنا الخاص وبعلاقتنا، وسيخصص لإكمال المستشفى ونحن نتعهد بان يكتمل خلال (٦) أشهر.. ولك أن تتخيل أن هذه المستشفى وضع حجر أساسها  الوالي الأسبق علي محمود، ومر ستة ولاة ولم يضع أحد طوبة، ونحن نظرتنا مختلفة لأنها مشاريع أساسية تخدم وتؤول للمواطن وليس للمؤتمر الوطني أو غيره ونشكر الأخ علي محمود، لذلك سنكمل، وهي مشاريع أياً  من كان قام بها، وشرعنا في ذلك، بطرح عطاء للمستشفى التخصصي بمبلغ (٢٢٠) مليون دولار لتكملة الطابق الثالث والآن استطعت إقناع أحد الخيرين ببناء مركز لغسيل الكلى سيبدأ الشهر القادم، وكذلك قمنا بتأهيل كل المستشفيات في المحليات بمبلغ (100) مليار لم تدفع ولاية جنوب دارفور جنيهاً واحداً منها، وأيضًا قمنا بتأهيل المراكز الطبية والمصحات بالولاية، وبذلنا جهداً في مستشفى نيالا الملكي لتأهيله، وحلحلة كل مشاكله والحمد لله، وجهد الأطباء ومساعدة وزير الصحة الحالي المكلف، والآن حالها أفضل من المستشفيات بالخرطوم والأطباء متوفرون في أي لحظة، فبالتالي من ناحية طبية تنعم الولاية باستقرار كبير .

بالتأكيد، فإن توسع مدينة نيالا يحتم أن يكون هناك توسع في بنيات التعليم الأساسية فما هي خطتكم في هذا الاتجاه؟

بالفعل شرعنا الآن في بناء وتشييد 8 مدارس جديدة وستكون حسب التصور مدارس مكتملة التشييد بما فيها “ميز” الأساتذة ولدينا تعاقد مع شركة جياد لإجلاس التلاميذ بمبلغ مليار جنيه، لأننا نرى أنه من العيب في عهد الثورة أن يجلس أبناؤنا التلاميذ على الأرض ويكتبون عليها، لهذا فإن الخطة تمضي لإجلاس كل طالب بولاية جنوب دارفور .

ـ مواطن جنوب دارفور ومدينة نيالا على وجه الخصوص كان يشتكي بشدة الفترات السابقة من تكدس النفايات.. ما هي رؤيتكم لهيئة النظافة؟

كونا هيئة نظافة وتجميل ولاية جنوب دارفور، وقامت الهيئة بأسنانها، من واقع التبرع الذي قدمه نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو الذي أهدانا معدات شركة نظافة، واستطعنا أن نؤهل كل المعدات، وأيضاً تبرع رئيس مجلس السيادة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان بـ(5) عربات نظافة، والآن أوفدنا مندوباً للخرطوم لاستلامها، كما قمنا بشراء (5) قلابات للشركة وباشرت أعمالها والآن ظهر أثرها على مدينة نيالا بالنظافة وأصحاح البيئة وتغير الوجه القبيح المليء بالقاذورات والنفايات إلى وجه مطابق مع الاشتراطات الصحية شاكرا لهم التقدير.

ـ مشكلة مياه نيالا أعيت المعالجين على مر العهود ما هو التصور لإنهاء المشكلة بصورة نهائية؟

بالفعل وجدنا مشكلة في المياه ووجدنا مشروعاً متوقفاً وقمنا بتمويل تكملة المشروع السابق بمبلغ قدره (70) مليون جنيه لمياه نيالا، وهناك تحسن في تدفق المياه في الأحياء، ثم اتجهنا للمحليات ووفرنا اكثر من 80% من قيمة تمويل مياه كاس استطعنا تصديق مبلغ (220) مليون من وزارة المالية وموجودة الآن رهن الصرف، وسيكون العقد بيننا والمقاول لتمويل المشروع ومواصلة العمل في مد خط المياه لكاس، وعملنا على تأهيل مشروع مياه رهيد البردي بأن نجلب لها المياه من منطقة الطوال، واستطعنا توفير المال للمقاول لبدء العمل بعد الخريف لكن كحل اسعافي قمنا بحفر “دوانكي”،  ووفرنا مولدات لسجب المياه.

ـ ماذا عن تجربة حكم الإقليم الفيدرالي بدارفور؟

اتفاقية جوبا هي التي أحدثت التغيير في نظام الحكم وجعلت دارفور تدار بنظام الإقليم  ونؤكد أننا ملتزمون بهذا القرار الذي أقرته اتفاقية جوبا لسلام السودان،  ونؤكد وقوفنا مع الحاكم مني أركو مناوي لأن قيام الإقليم  أحد تفاصيل استيفاء الاتفاقية، فضلاً عن أن مني أركو مناوي من أبناء الإقليم وناضل وقاوم من أجل ذلك، ونرى أن الاتفاقية أنصفته، ووجود مني حاكماً في حد ذاته محاربة للعنصرية والجهوية والقبلية والمناطقية الموجودة التي بناها المؤتمر الوطني جعلها تزدهر في تلك الفترة، وبالتالي التفافنا حوله أمر سيثبت للعالم أجمع أننا أبناء دارفور  قادرون على استتباب الأمن بالتعاون فيما بيننا واحترام المواثيق، وأيضًا قيام الإقليم فيه فائدة مثمرة في تكملة اتفاقيات داخلية ودولية لمصلحة  الإقليم وإدارة نسبة الـ40% من الموارد المخصصة لدارفور وذلك مكسب لأهل دارفور.

ـ ألا ترى أن هناك تقاطعات ما بين حاكم الإقليم والولايات؟

القانون واضح أتاح للحاكم الإشراف على الولايات ولا يحق له إقالة أو تعيين الولاة، وأكد أن الاتفاقية لا تسحب البساط بل هي دافع للولاة، للعمل مع بعضهم البعض لإنجاز المشروعات، ونحن حريصون جدًا لإنجاح التجربة وسيجد الحاكم الدعم والمساندة والعضد والنصح.

ـ جنوب دارفور تحادد ولايات شرق ووسط دارفور ويقال إن هناك احتكاكات بين سكان المناطق الحدودية فكيف تديرون علاقات تلك الولايات؟

علاقتنا ممتازة جداً مع ولاة وسط وشرق دارفور ومع كل ولاة دارفور،  واجتمعنا في مؤتمر بنيالا، واتفقت اللجان الأمنية مساعدة كل منا أخاه، ومحاربة الجريمة العابرة للولايات، لكن المشاكل مع شرق دارفور تنشأ أحياناً بسبب التداخل القبلي، والمصالح المشتركة بيننا وبينهم وكما هو معروف هناك متفلتون كثر بين هذه المناطق، وهناك تنسيق تام فيما يحدث من جرائم وتفلتات قبلية والدليل على ذلك عندما قامت مشكلة الجنينة ذهبنا هناك وتعاونا مع الوالي السابق لحين انجلاء الأزمة.. ونحن نسعى أن يكون السلام وبشائره منتشر بيننا فهدفنا أن يستتب الأمن في جنوب دارفور وكل الإقليم.

ـ كيف تتعاملون مع نزاعات الأراضي التي بدأت تتصاعد مؤخراً، هل هناك رؤية لمعالجة الأمر؟

الآن نحن ملتزمون بالتقسيمات الإدارية الموجودة على الأرض، لا نستطيع أن نغير فيها، لكننا في انتظار المؤتمر الدارفوري الدارفوري، وتنفيذ اتفاقية السلام، التي حسمت أمر الحواكير والأراضي والتعديات عليها، لكن مهمتنا الأساسية الآن، أن نحافظ على الوضع كما هو، ولا نغير فيه أو نخلق وضعا جديداً.

ـ وماذا عن عودة اللاجئين لأماكنهم والآن هناك  نزاعات على الأراضي والحواكير؟

نتمنى لأهلنا في المعسكرات أن يعودوا إلى مناطقهم، لأنهم منتجون ومسالمون، ولكن هناك مشكلة يجب مراعاتها عند عودتهم، نريد أن نهيئ لهم الحياة الكريمة التي يستحقونها، ولهذا سنقوم بزيارة مناطق العودة لنرى الإمكانيات ونهيئ الأجواء، من مساكن ومدارس وأسواق، حتى يجدوا ضرورويات الحياة موفرة لهم، وما يمكننا أن نعمله سنقوم به.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى