أبو عركي البخيت ألّف مقطوعة موسيقية له: أحمودي.. البصر دون البصائر!!

 

كتب: سراج الدين مصطفى      28فبراير2022م 

مبدع نسيج وحده:

الكلمات قد لا تسع الموهبة الشاسعة  للموسيقار الشاب عوض أحمودي .. فهو مبدع نسيج وحده وهو مؤشر على عبقرية سودانية عميقة لها ما بعدها.. وتلك التكوينات الجمالية تبرجت لسببين، أولهما ارتفاع الحس والذوق الموسيقي لديه مع حسٍ عالٍ في الاستماع، متى ما توافرت لدى الموسيقى فإنها تقوده إلى الإمساك بخيوط فكرته اللحنية، لأن الموسيقى فعل لا يُرى بل فن حركي ـ ديناميكي وتقليد للطبيعة في كمالها.

فقدان نعمة البصر:

والأمر الثاني لنبوغ الشاب بعبقرية كثير من الموسيقيين الذين فقدوا نعمة البصر وتميزوا بشكل لافت، ويمكن هنا أن نستدل بالموسيقي العالمي بتهوفن واستيف وندر وعمار الشريعي. و هذه الفئة المجتمعية لها نظامها الذاتي ولغتها ومصطلحاتها وصبرها مع الآلة ودهاليزها، ولها قُدرة غير عادية على التعبير عن ما هو كبيت في الأعماق لأن النظر والإمعان في بعض الأشياء يفقد الموسيقي المبصر بعض تركيزه ويُشتِّت فكرته أحياناً. ولعل ذلك يشير إلى أن ثمة بواعث استبدّت بأحمودي منذ أن فقد بصره، وهي التي فجّرت براكين موهبته وخلَّفت رواية أحمودي عنيفة الصور، وهي رواية تجري فصولها في عالم ممزق وهي في بعضها مرآة لعالم يئن بما فيه من بؤس ويكابد في قلق نفسي متواتر.

آثار الإعاقة:

الطبيب النفسي المعروف د. علي محمد علي بلدو يرى أن الإعاقات المختلفة ـ سمعية، بصرية وحركية ـ تجعل من الشخصية العادية من الناحية النفسية ذات أشكال مختلفة، حيث تتمظهر آثار الإعاقة في تكوين فرد ذي شخصية متماسكة وإرادة قوية وتعزز الثقة في النفس، كما تزيد من قدرة الشخص على اكتشاف قدرته ورؤية العديد من الجوانب المتعلقة بشخصيته وتكوينه النفسي.

استعداد فطري:

ويتفق بلدو مع الفاتح في أنّ المؤثرات الخارجية من رؤية وحركة قد تكون حاجزاً للمبدع في الظروف العادية، مشيراً إلى أن الإنسان لكي تكون له القدرة على امتصاص ما يحيط به من ظواهر وإخراجها في شكل إبداعي أو فني، يلزمه أولاً استعداد فطري، يليه تمحور المُبدع حول نفسه وإمكاناته الذاتية، حتى تكون الاستفادة من طاقاته الإبداعية أكثر صدقاً وإبداعاً وتأثيراً وخلوداً، معدداً أسماءً إبداعية خلدت وهم من ذوي الحاجات الخاصة، مستدلاً بـ(بتهوفن) في الموسيقى و(بيل غيتس) في الكمبيوتر و(إنشتاين) في الفيزياء.

مقطوعة أبو عركي:

الموسيقار أبو عركي البخيت دفعه نبوغ أحمودي الى تأليف مقطوعة موسيقية تحتشد بأحاسيس تنقلك كما لو أنك على موعد عذب وشيك، أطلق عليها اسم (عوض أحمودي)، وتتميز المقطوعة بالرقة والعذوبة وترقق الذوق ومملوءة بلطف الحس والخيال، وتضج بتكنيك يماثل تطور التأليف لدى الملحن. وامتدّ إعجاب عركي من خلال التعاون الفني المُرتقب بينهما عبر أغنية (مطر الغنا) للشاعر محمد آدم سلوم، ولعلّ التعامل بينهما تدليل على عظمة الملحن لتوقف عركي من غناء غيره من المُلحنين منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى