المُعدِّنون بوادي العشار.. استمرار المُعاناة !!

مُعدِّن: من أين جاءت الشركة السودانية لتعدين الذهب وبأيِّ حَق تُسيّطر على أرضنا؟

اللحيمر: محلية هيا تأخذ نسبة 30% من إنتاجنا بلا مُسوِّغ قانوني

محلية هيا: هذا الاتّهام غير صحيح.. فقط نتحصّل رسوم التصاديق

تحقيق: محيي الدين شجر

مُعاناة شديدة للمُعدِّنين بوادي العشار شمال نهر عطبرة بمحلية هيا بولاية البحر الأحمر، حيث اشتكوا في حديث لـ(الصيحة) من ارتفاع أسعار مياه الشرب وأسعار كل المواد الغذائية ومن شُح بَعضها في ظِل غيابٍ تامٍ لكلِّ المَسؤولين، وقال عددٌ من سُكّان المنطقة إن سوق وادي العشار يُعتبر أغلى سُوقٍ في العالم ولا يجد الاهتمام من محلية هيا، رغم أنّ المنطقة تدر مليارات الجنيهات، وأشار مُعدِّنون أيضاً إلى ارتفاع الرسوم المفروضة عليهم من قِبل المحلية والتي قالوا لا أساس لها من القانون، إضافةً إلى الرسوم التي تفرضها عليهم الشركة السودانية للذهب والتي كما ذكروا استولت على آبار الذهب التي كانوا يَعملون فيها منذ سنواتٍ خَلت.. ولا يَعرفون كيف دخلت عليهم ، وقلّصت مساحات عملهم، مُؤكِّدين أنّها شركةٌ وراءها أشخاص نافذون.
(الصيحة) أجرت تَحقيقاً عن أوضاع المُعدِّنين بوادي العشار وما يتعرّضون له من ضُغُوطٍ وتلمّست الجوانب المُظلمة في المنطقة الغنية بالذهب وخرجت بتفاصيل مُدهشة..

احتلال

المُعدِّن الجَميل مَجذوب، مُعَدِّن تَقليدي ذَكَرَ لـ(الصيحة) أنّ الشركة السُّودانية استولت على نحو 60 كيلو متراً من الأرض خاصتنا، التي كُنّا نُزاول فيها عملنا منذ العام 2007م، وتَفرض علينا أن ندفع مبلغ 140 جنيهاً عند البوّابة نَظير عبور جوالات الحجارة، وأضاف بأنّهم لاقوا مَشَقّة كبيرة نتيجة للرسوم والصُّعوبات مع تهديدهم بالحراسات التي دخلها كثيرٌ من المُعدِّنين آخرهم رئيس لجنة المُعدِّنين إبراهيم محمد سليمان.

غلاء

واشتكى الجميل مجذوب من ارتفاع أسعار الخُبز بوادي العشار، وقال إنّ الرغيفة الواحدة تُباع بخمسة جنيهات، وبرميل الماء بمائة جنيه، ولا تُوجد أيِّ خدمات تقدِّمها محلية هيا، وقال إنّ الأوضاع المُتردية دفعت المُعدِّنين للقيام بتظاهرةٍ سلميةٍ ضد الغلاء وضد الرسوم العالية وتمّ التّصدِّي لهم بالرصاص وأُصيب عددٌ كبيرٌ منهم، الأمر الذي جعلهم يقومون بإحراق الكرفانات غَضباً على ضربهم بالرصاص، فتمّ اعتقالهم بعد ذلك في إطار سياسة ليّ الذراع المُتّبعة في المنطقة.

تساؤلات

المُعدِّن محمد محمد أحمد الليحمر قال لـ(الصيحة): (محلية هيا تأخذ نسبة 30% من إنتاجنا بلا مُسوِّغ قانوني وتنحاز إلى الشّركات الكَبيرة في المنطقة ويُقدِّمون إيصالات وهمية، ولا نَعرف من أين جاءت الشركة السودانية لإنتاج الذهب التي تَفرض عَلينا رُسُومَاً خياليّة)، مُضيفاً: في السّابق كانوا يقولون إنّها شركة رُوسية تتبع لأحد النّافذين في الإنقَاذ، ومرّة يقولون إنّها شركة كوش، ومرّة يقولون إنّها شركة صينية.

تهديد

وأضاف: نحن نُعاني مُعاناةً شَديدةً ونَعمل تحت التّهديد بالسجن إذا اشتكينا أو أبدينا أيِّ اعتراضٍ، وزاد بقوله: الدولة العَميقة ما زالت موجودة بوادي العشار ونفس الأشخاص السابقين يعملون الآن ويفرضون شُرُوطهم وكأنّ هذا السُّودان مِلكهم وَحدهم! نحن نَعمل في وادي العشار من قبلهم، ونَحن من فتح العَمل فيها واستخرجنا تَصَادِيقَ من المَحَليّة ورغم التّصاديق تَمّ نزعها وتَحويلها للشركة السودانية التي لا نَعرف إلى أيِّ جِهةٍ تتبع وما هو صاحبها..؟

وعودٌ

كشف اللحيمر أنّ رئيس لجنة الدّهّابة تمّ اعتقاله، بعد أن دبّروا له مكيدة لأنه ظلّ يُطالب بحقوق المُعدِّنين، واتّهموه زُوراً بسرقة مُكيِّفات مع أنها مُتعطِّلة، وقال: كيف لشخصٍ يتعامل في الذهب أن يَسرق مُكيِّفات مُعطّلة؟ وتحدّث اللحيمر عن وُصُول لجنة أمنية من ولاية البحر الأحمر والتقت برئيس لجنة المُعدِّنين ووعدت بالنظر في مَطالبهم، إلا أنّها لم تفعل شيئاً.

جبايات

محمد أحمد عبد الله مُعدِّنٌ تقليديٌّ قال لـ(الصيحة): ما يحدث في محلية هيا من جبايات لا مثيل لها في السُّودان، مُشيراً إلى قيامِ مجموعةٍ مَعروفةٍ تَسعى لتحقيق مَصالح مُشتركة فيمَا بَينهم و(نظام مأكلة) ويجدون حمايةً في المنطقة، ولهذا يتّبعون سياسة تكميم الأفواه.. وأضاف: أنا قدّمت شكوى ضد الشركة السودانية وضد المحلية التي تهتم بالجبايات ولا تقدِّم خدمات وتهتم بأخذ (التلت) من إنتاجنا دون أن تُقدِّم لنا أية خدمة.. مُؤكِّداً أنّ الثورة لم تُغيِّر من مفاهيم هؤلاء الناس ولا يزالون يتبعون نفس سياستهم القديمة القائمة على القهر والتخويف.. وقال إنّه بعد أن منحوا الشركات 60 كيلو متراً من وادي العشار وهي المناطق التي كُنّا نَعمل فيها لجأنا إلى مناطق أخرى، وعند اكتشافنا للذهب تقوم المحلية بنزعها أيضاً وتَسليمها لشركاتٍ أخرى لأنّ مَصالحهم واحدةٌ.

وحول البوابة قال: تمّ إنشاؤها لتكون مصدراً للجباية وما عليك إلا أنّ تدفع، وإن كان إنتاجك من الذهب ثلاثة مليارات جنيه المحلية، تقول إن نصيبها مليار جنيه وعليك أن تدفع..!

دخلٌ خرافيٌّ

محمود جبريل مُعدِّنٌ تقليديٌّ وأحد مُؤسِّسي المنطقة تحدث لـ(الصيحة) بقوله: فرضوا علينا بأن ندفع 140 جنيهاً كرسوم لأيِّ جوالٍ يمر عبر البوابة ويوميتها تُقدّر بأكثر من مليار جنيه وتأخذ رسوماً لأيِّ شيءِ وللماء، حيث تبلغ رسوم البرميل مائة جنيه وكذلك العربات.

مُطالبة لوالي البحر الأحمر

المُعدِّنون طالبوا عبر(الصيحة)، والي البحر الأحمر بالنظر فيما يحدث بمحلية هيا من ظُلمٍ وَاقعٍ عليهم من الشّركات العاملة في الذهب ومن محلية هيا ومن بعض الأجهزة الأخرى.. وقالوا إنّ معتمد المحية بعيدٌ كل البُعد عن قضاياهم وعن قضايا المنطقة التي تحتاج إلى كَثيرٍ من الخدمات.
وذكر عثمان هاشم أوشيك بأنّ مُواطني المنطقة في حاجةٍ ماسّةٍ لتوفير خدمات المياه والكهرباء، مشيراً إلى أنّ منطقة وادي العشار مظلومة ظلم الحسن والحسين مع أن فيها ذهباً ضخماً وأموالاً كثيرة..!

المحلية تُوضِّح

حملت (الصيحة) كل اتّهامات الدّهّابة بوادي العشار ووضعتها أمام المدير التنفيذي لمحلية هيا شوقي أحمد جبارة ، حيث نفى قيام المحلية بأخذ نسبة 30% من إنتاج المُعدِّنين، وقال إنّ أهل المنطقة من البشاريين وهو تنظيمٌ أهليٌّ يطلقون على أنفسهم المحلية، أما هم كمحلية فيفرضون فقط الرسوم الحكومية المعروفة كرسوم التّصديقات للدكاكين وغيرها.. وقال إنّ بالمنطقة أيضاً الشركة السُّودانية لتعدين الذهب.

استنكار

المُواطن عيسى أوهاج من سُكّان المنطقة تَحَدّث لـ(الصيحة)، وقال إنّ وادي العشار منطقة يسكنها البشاريون ومن حقهم أن يستفيدوا من خيراتها، واستنكر إعطاء شركات الذهب مساحات كبيرة فيها.. وقال إنّ شركات الذهب لم تُقدِّم أيّة تنمية في المنطقة، مع أنها حَقّقَت فوائد كبيرة من التعدين بمنطقتنا.. وَأَضَافَ بقوله: نحن نُطالب بإيقاف هذا العبث الذي يتم بوادي العشار، لأنّنا أولى بالاستفادة من خيراتنا، وأنّ الشركات التي تملك الإمكانات لا تُقدِّم لنا أية مُساعدات.

تكميم أفواه!

وقال إن المنطقة تُعاني من انعدام الخدمات في المياه والكهرباء وفي الصحة، ولا نجد أيِّ عَونٍ لا مِنَ المَحَليّة ولا مِن الشركات العَاملة في الذهب، وقال إنّ العهد البائد كانت تتم فيه مُمارسات خَاطئةٌ وتجاوزاتٌ كثيرةٌ كنا نعلمها، لكننا كنا محرومين من الحديث، وإلا تعرّضنا للاعتقال!! ولكن بعد التغيير الذي حَدَثَ نتمنّى أن تَستقيم الأُمور وكل صَاحب حَقِّ يجد حَقّه الضائع..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى