محمد عثمان الرضى يكتب :التدخلات الأجنبية الخطر الداهم

27فبراير2022م 

 

لأول مرة في تاريخ السودان ومنذ استقلاله، يصير مرتعا خصبا وملاذا آمنا وأرضية صلبة لممارسة النشاط المخابراتي لمختلف الدول العربية والأوروبية بمختلف الواجهات المعلنة والخفية وعلى رؤوس الأشهاد وتحت مرأى ومسمع السلطات السودانية المختصة وإن وجدت.

 

حتى صار هنالك إحساس مشترك بان السودان أصبح دولة فاقدة للسيادة وفشلت تماماً في كيفية حماية أمنها القومي من الاختراق الأجنبي، والأدهى والأمر من ذلك أن يكون هذا الإحساس لدى القائمين في إدارة الدولة في مختلف مؤسساتها الأمنية والاقتصادية.

 

نشاط مزعج ومريب للعديد من السفراء المعتمدين لدى السودان بممارسة أنشطة تتنافى مع بنود اتفاقية فيينا المنظمة للنشاط الدبلوماسي، وذلك من خلال لقاء قيادات الأحزاب السياسية ورموز الإدارة الأهلية والسفر إلى مختلف ولايات السودان بمناسبة وبدون مناسبة.

 

غياب كامل لوزارة الخارجية المنوط بها مراقبة ومتابعة تحركات السفراء المريب علماً بأن للوزارة كامل السلطات في استدعاء السفراء ومحاسبتهم وطردهم إذا دعت الضرورة إلى ذلك ومغادرتهم البلاد في خلال 72 ساعة، ولكن يبدو ان وزارة الخارجية يعجبها الحال المائل وبذلك تمنح الضوء الأخضر بطريقة غير مباشرة لهؤلاء السفراء لكي يتمددوا أفقياً ورأسياً في أي زمان وأي مكان.

 

رئيس دولة تركيا رجب طيب أردوغان عندما تدخل سفراء 10 دول من بينهم أمريكا وفرنسا في شؤون بلاده الداخلية اتخذ قراراً عاجلاً بطردهم في الحال من دون مجاملة وحدد فترة زمنية محددة بمغادرة بلاده، مما دفع سفراء تلكم الدول للاعتذار من الخطوة، وقطعاً قرار الرئيس التركي ينبع من إرادة سياسية قوية انبنت على العزة والشموخ.

 

السودان يمر بأخطر مرحلة في تاريخه يحتم على القائمين على أمره بضرورة العمل على انتشاله من وهدته لكي لا نتباكى على ضياعه يوما من الأيام، كل ما تشرق صباح يوم جديد يتأكد لنا جلياً أن السودان يسير نحو الهاوية وللأسف الشديد بأيادي أبنائه.

 

عجز النخب السياسية في إدارة الدولة يفتح الباب واسعاً للتدخلات الأجنبية ويزيد من شهيتهم لابتلاع خيراته بنهم شديد ونحن غارقون في اتون الصراعات السياسية الداخلية من دون أن نعير الوطن أي اهتمام وقطعاً سيتسلل من بين أصابعنا من دون أن نشعر بذلك.

 

كرهنا وبغضنا لبعضنا البعض حجب الرؤية عنا للنظر في مستقبل بلادنا وأصبح همّنا الأول والأخير الاستيلاء على السلطة من أجل الانتقام والتشفي وتصفية الحسابات مستخدمين بذلك كافة الأساليب الأخلاقية وغير الأخلاقية من أجل الوصول إلى الهدف غير النبيل.

 

إذا سارت الأمور كما عليها الآن قطعاً سنعض على أصابع الندم، حيث لا ينفع الندم انظروا إلى العالم من حولنا ما هي نتيجة التدخلات الأجنبية في تلكم البلاد، كانت النتيجة خراباً ودماراً واقتتالاً ولم ولن يصلح حالها وإن غادرتها الدول التي احتلتها.

 

الاحتماء والاستقواء بالأجنبي عواقبه وخيمة ونتائجه كارثية يظهر في ظاهره الرحمة ويأتي من باطنه العذاب والشر المستطير فاعتبروا يا أولي الألباب، فلا بد من التفكير الجاد والرؤية الثاقبة من أجل الخروج من هذا النفق المظلم قبل فوات الأوان.

 

اللهم إني قد بلغت اللهم فأشهد وأن تنصح متأخراً خيرٌ من أن لا تنصح ولنا عودة إن كان في العمر بقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى