يختلف سعرها حسب تصميمها وتطريزها.. بتول بت أبكر: كل رأس له طاقيته المُناسبة!!

 

حوار: سراج الدين مصطفى    15فبراير2022م 

مع محمد وردي:

الشعب السوداني عرف الفنان المبدع الأستاذ محمد وردي وصفّق له من خلال أغنياته العزيزة والخالدة، وهو فنان السودان الأول والموسيقار الحائز على جائزة نيرودا.. هو صانع الغناء الحديث ورائده الأول، مسيرته الفنية والوطنية كانت مشواراً طويلاً تعاقبت فيه أجيال على السودان.. أسهم بإبداعه وفكره وجهده في القصيدة الوطنية وحملها تاريخ كفاح ومجاهدات شعبنا السوداني منذ فجر التاريخ منذ بعانخي، مروراً بملاحم كرري وأم دبيكرات ومعارك الاستقلال منذ ثورة ود حبوبة وكفاح جمعية اللواء الأبيض ونضال الخريجين بقيادة أزهري ورفاقه.

مع محجوب شريف:

وتبقى العلامة البارزة في علاقته بالشاعر محجوب شريف.. حيث ارتبطوا مع بعض، وبصورة حميمة لأكثر من عشرين عاماً، وبالرغم من فارق السن الذي بينهما وهو الرباط الذي عبر عن نفسه بصورة خاصة في مجال الأغنية الوطنية ولدرجة أن وردي صار يضن بألحانه على شعراء آخرين، ومحجوب شريف يقول إنه يسمع صوت وردي أثناء تأليفه القصائد، كما تم سجنهم سوياً في كوبر أيام نميري.. ولعل من أبرز الأغنيات الوطنية التي جمعت بينهما أغنية (وطنا):

وطنا الباسمك كتبنا ورطنا.. أحبك

أحبك مكانك صميم الفؤاد وباسمك اغني

تغني السواقي خيوط الطواقي

سلام التلاقي ودموع الفراق

وأحبك ملاذ وناسك عزاز

أحبك حقيقه وأحبك مجاز

وأحبك بتضحك وأحبك عبوس

بعزة جبالك ترك الشموس

حالة استدعاء في السوق العربي:

استدعيت تلك الأغنية وأنا أقف في السوق العربي مع الخالة (بتول بت أبكر).. شدّني إليها النسج الأنيق (لخيوط الطواقي) وطريقة (رصِّها) وترتيبها والتي تشابه بناء محجوب شريف الشعري.. ووقتها ازدحمت الصور والأخيلة ما بينها وبين شاعر الشعب محجوب شريف.. وتعد صناعة الطواقي بالطريقة اليدوية والتي تقوم بها (بتول بت أبكر) تلك المهنة التي ورثتها عن أجدادها وأتقنتها بمهارة عالية، انتعاشة تتحدى بها التقنيات الحديثة، وحتى الماركات الكبيرة، فهي ما يبحث عنه الرجال، نظرًا لجودتها ومتانتها وطريقة صنعها، خاصة وأن ارتداء الطاقية لا يقتصر على الكبار، فللأطفال أيضًا نصيبٌ من إنتاج “الجمالي.”

الحوش الوسيع  التقت بصانعة الطواقي الرجالية في كشكها المتواضع بالسوق العربي الخالة (بتول بت أبكر) المشهورة بأم حامد، وأجرت معها الحوار التالي:

قصة الخالة بتول في صنع الطواقي:

وتسرد (الخالة بتول) قصتها مع صناعة (الطواقي) منذ القدم والتي تعد مصدر رزقها الوحيد، مُستخدمةً الإبرة والخيوط القطنية البيضاء في صناعة هذا النوع من الطواقي، مبينةً أنها تستغرق في حياكة الواحدة منها ما بين 10 إلى 15 يومًا، ويختلف سعرها حسب تصميمها وتطريزها، والوقت المستغرق في صناعتها، وتتراوح أسعارها ما بين (ألف جنيه) و(سبعمائة جنيه) وحتى (ألف وخمسمائة)  للطاقية الواحدة.

مهنة السيدات:

وأضافت (الخالة بتول) قائلة: تختلف صناعة الطاقية عن أي صناعة أخرى بأنها مهنة السيدات فقط في القرى، وظلت قاصرة عليهن حتى الوقت الراهن رغم التقدم التكنولوجي.

موهبة منذ الصغر:

وأضافت: تعلمت هذه الحِرفة منذ الصغر، وحرصت على إتقانها وإجادتها من أجل الحفاظ على هذه الحرفة اليدوية في مدينتي (كبكابية)، فهي تُعتبر من الحِرَف المهمة والقديمة التي تمارسها النساء في تلك الأصقاع النائية، وما زالت باقية تتوارثها الأجيال، بل إن هناك من يحرص عليها ويطلب تعلمها.

تأخذ (بتول بت أبكر) نَفَسًا عميقًا وتقول: “كنت أبيع نحو 60 طاقية في اليوم وما فوق، والآن هناك أيام لا أبيع سوى طاقية أو اثنتين، أو لا أبيع فظروف الناس أصبحت صعبة، والجيل الجديد أصبح لا يلبس الطاقية إلا في المُناسبات ويُفضِّل القميص والبنطلون، أما الجيل القديم فهو فقط المُتمسِّك بلبس الطاقية، وبسبب ضعف الإنتاج وقلة الطلب انصرفت البنات والسيدات لأعمال أخرى.”

تفضيل أوقات لبس الطواقي:

وتتابع الخالة بتول: “كما أن هناك من يُفضِّل لبس الطواقي بالعمة أو لبسها بدونها وخصوصًا الكبار، فما يميز الطواقي المصنوعة يدويًا أنها قوية وشكلها مميز، ويمكن للشخص نفسه أن يختار طريقة تشكيلها بالنقوش والزخارف، وما يميزها رغم سعرها العالي أنها تبقى وقتًا طويلًا دون أن تتلف، وتُستخدم في مُناسبات كثيرة منها الأعياد والزواج وغيرها وتجد الإقبال على شراء هذه الطواقي.”

الطواقي أنواع:

وتواصل: الطواقي في حد ذاتها أنواعٌ، فهنالك من يُفضِّلها عريضة، والبعض يُفضِّلها ضيقة، وتضيف ضاحكة: كل رأس له طاقيته المناسبة له.. واختتمت (بتول بت أبكر): “قديمًا لم يكن يشغل السيدات سوى البيت والزراعة والحياكة، وكن يعملن في تصنيع الطواقي في البيت، أما الآن فالبيوت تحتاج الكثير، لذا تُفضِّل البنات هذه الأيام العمل في المصانع والمحال التجارية”، مؤكدة أنها سعيدة بحرفتها التي اكتسبتها منذ الصغر، وشكرت صحيفة (الصيحة) على اهتمامها وتواجدها في السوق العربي بالخرطوم، والتعريف بهذه الحِرف والصناعات التقليدية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى