عقب القرارات الاقتصادية .. ما هي الخيارات المطروحة لإنقاذ الاقتصاد من المأزق؟

 

الخرطوم: سارة إبراهيم عباس      14فبراير2022م

الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد من غلاء فاحش في الاسعار ومعدلات عالية للتضخم وصلت الى حد الجنوح وغيرها من الأزمات التي ضربت  الاقتصاد السوداني،   كان من المأمول الخروج منها من خلال ميزانية العام 2022م، ولكنها للأسف أتت على غير التوقعات!!!

فالموازنة بدلامن ان ترفع ولو جزءا يسيرا من المعاناة، ضاعفت الازمة باعتمادها على الموارد الذاتية، واتجهت وزارة المالية لسد العجز من خلال فرض المزيد من الضرائب والرسوم  على كافة القطاعات الانتاجية،  ورفعت الدعم من الدقيق والكهرباء  والغاز والمحروقات، وعليه ضربت فوضى عارمة في اسعار السلع الاستهلاكية  وزيادة تعرفة المواصلات!!!!

وهناك سؤال جوهري  طرحته “الصيحة” على عدد من الخبراء حول ماذا تبقى لوزير المالية  من قطاعات يمكن ان يضاعف عليها الرسوم لسد عجز الموازنة؟ وكيف له ان يجد من السبل ما يجعل المواطن البسيط يحصل على احتياجاته من السلع الضرورية في سهولة ويسر؟ وكيف يدير عجلة الاقتصاد الوطني في ظل توقف الدعم الدولي؟؟؟؟!

** الحلول الاقتصادية

وفي ذات السياق، قال الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي، إن الخيارات المتاحة كثيرة لأن الاقتصاد السوداني لا يزال يزخر بمكنونات كبيرة وغير مطروقة ، واشار الى الزيادات الاخيرة التي اضطرت وزارة المالية لفرضها كالكهرباء والغاز والوقود وغيرها، التي نتجت زيادتها لارتفاع اسعار النفط عالمياً، فبرميل النفط ارتفع من السبعينات ليصل الى 93 دولاراً في اسابيع قليلة وهذا يعتبر تضخما مستوردا، وارتفاع اسعار السلع من خارج السودان وهناك سلع نستوردها ولا نستغنى عنها، اضافة الى مدخلات الإنتاج الزراعية والصناعية وغيرها، وقال الرمادي في حديثه لـ (الصيحة) ان الخيارات كثيرة لانقاذ الوضع الاقتصادي الحالي، واضاف ان المسؤولين ينشغلون بالاوضاع السياسية ولا يتطرقون للحلول الاقتصادية وليس لديهم القدرة على التركيز او الاستعانة بذوي المهنية العالية وخبراء في كافة المجالات الذين يمكن ان يساعدوا لوضع الحلول الاقتصادية بعيداً عن المحاصصات الحزبية.

** قوانين رادعة

وشدد الرمادي على اهمية الالتفات الى الامكانيات الموجودة،  وان تكون للحكومة كلمتها في تغيير القوانين بأن تكون قوانين رادعة فيما يتعلق بالتهريب والفساد بكافة انواعه، وان حقوق الشعب السوداني منهوبة والفساد اصبح مستشرياً في كل اتجاه وجعل العقوبات رادعة للمفسد والمهرب، وكمراقبين للوضع لا نقبل الاعذار الواهية التي يطلقها زعماء التهريب بأن الحدود واسعة ولا يمكن السيطرة عليها، من قال لك اننا نحتاج وضع جندي على كل متر في الحدود، لذلك ينبغي الضرب على ايدي المهربين بتجريدهم من كافة الاموال والسجن مدى الحياة مع الاعمال الشاقة مهما عظمت أهميته الاجتماعي. يُهرّب الذهب ومنتجات الصادر على رأسها الصمغ العربي لإثيوبيا ويباع لشركات فرنسية بأضغاف أسعاره حتى أصبحت بؤرة الصمغ العربي في اثيوبيا وليس الخرطوم هي لا تمتلك شجرة هشاب واحدة، وشدد على اهمية الانضباط والحزم في تنفيذ القوانين.

** تشوه الاقتصاد

وحسب صندوق النقد الدولي، فان دعم السلع تشوه في الاقتصاد، نعم هو تشوّه لكن طفيف جداً بالنسبة للتشوهات  الاخرى، لماذا غفلت اعينهم ان ترى هذه التشوُّهات في تهريب السلع ووقف الفساد والرشاوى والتسيب، لماذا لا تجمع استحقاقاتها الإيرادية على رأسها الجمارك وديوان الضرائب، كل هذا ينبغي أن تكون عليه رقابة دقيقة والذي يُخطئ يجب معاقبته ويجب الالتفات الى المشروعات الإنتاجية على رأسها الذهب، ولدينا كنوز وأكثر من 200 موقع ويعملون فيها شباب يقدرون بـ2 مليون نسمة لا يكلفون الدولة أي شئ، لذلك لا بد من الاهتمام بهم. ودعا الى قيام مؤسسة تقوم بتقديم الخدمات حماية لهؤلاء الشباب. ونحتاج الى نظرة عامة جذرية لكل المرافق الحيوية والمنتجات وكل منتج تكون له مؤسسة خاصة به وفتح مشاركة القطاع الخاص لتوفير موارد لوزارة المالية لدفع الرواتب، من أين يأتي وزير المالية في الأشهر القادمة بالزيادة الموعود بها اصحاب الدخل المحدود العاملين في الدولة، وقال يمكننا انتاج كثير من السلع بالإمكانيات التي حباها الله بها ولا توجد دولة في العالم بهذه الخيرات ونحن نضيعها سدىً وتقبع تحت ارجلنا ونجوع ونمد ايدينا الى العالم هذا عجز القادرين على الكمال، لماذا ها التقاعس والخير بين أيدينا، فلنبدأ باستغلاله ونضرب المفسدين.

** تداعيات خطيرة

وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي، إن رفع الدعم وزيادة الرسوم واسعار الخدمات والجبايات في ظل ظروف الفقر والتدني الشديد للقدرة الشرائية للمواطنين، وانعدام الأمن الغذائي لنسبة عالية جدا من الأسر السودانية، يمكن أن تنتج عنه تداعيات خطيرة اجتماعية واقتصادية، كلفتها تفوق كلفة الدعم لأن الضرائب والجمارك ورغم ارتفاعها لا تمثل سوى 16% من الإيرادات، خاصة أن قيمة الجنيه تتهاوى، والتضخم يوالي الارتفاع، والناتج المحلي ينكمش بمعدل 2%، ونسبة المواطنين خلف خط الفقر بحوالي 70%، والبطالة مرتفعة، والأسر عاجزة عن الاستثمار رغم امتلاكها الأصول.

** خيارات صعبة

الوضع الاقتصادي بدون عودة الدعم والمساعدات الدولية سيكون صعباً للغاية، بل قد يشهد انهياراً خاصةً التوترات المتواصلة من ناحية الاحتجاجات والتظاهرات.

وزير المالية اليوم بين خيارات صعبة، فتم رفع الدعم عن السلع الرئيسية، ومواطن فقير انهكته واثقلته الضرائب والرسوم وارتفاع مستويات الأسعار وبين عجز موازنة مزمن، الوضع الاقتصادي الراهن يقلص حجم الخيارات المتاحة أمام الحكومة.

**غياب الإبداع

وابدى فتحي خلال حديثه لـ(الصيحة) تساؤلاً عن الحل لعجز الموازنة وقال ان السياسات التي تم اتخاذها من قبل وزير المالية لم تعد مجدية، في الوقت الذي غاب فيه الإبداع عن الساحة الاقتصادية للخروج من المأزق الحالي الذي يعيشه السودان، وضرورة التفكير بطرق زيادة الانتاجية واستقطاب الاستثمار الذي يشغل الأيدي العاملة للحد من الفقر والبطالة، السودان الآن بحاجة لحلول شاملة من أجل مُواجهة ضعف النمو وارتفاع العجز والدَّين وعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية، إن كل ما يوضع من خطط وإجراءات سواء لضبط سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية أو استقطاب دعم خارجي أو ترشيد الدعم، تبقى جوفاء وحبراً على ورق ما لم تبدأ خطوات الاستقرار السياسي والامنى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى