في مُنتدى فكري المشروع الوطني.. الغائب الحاضر!

تقرير: صلاح مختار.  13 فبراير 2022م
أكاديميون وخبراء وأساتذة جامعات آلوا على أنفسهم, إيجاد مخرج للأزمة السياسية في البلاد, واضعين في الاعتبار الحالة الراهنة التي يصفها البعض بالخطورة والخوف من انزلاق البلاد في اتون حرب قبلية واهلية. تلك العوامل كانت حاضرة في ذهنية الباحثين عن الحلول للازمة السودانية. ولعل البعض بدأ خطواته من تشريح جذور الأزمة, التي بدأت كما قال البعض في ندوة حول (ملامح وأسس المشروع الوطني)، التي نظمها مركز خدمة المجتمع بجامعة المغتربين بسبب اختلال الموازين السياسية, ادت بدورها الى حالة الارتباك وعدم الاستقرار في السودان.
وأكد الخبراء أن غياب المشروع يعتبر وصمه معرفية، مُنتقدين في ذات الوقت القوى السياسية والأحزاب لتمسكها بالتقليدية وانعدام الرؤية الحقيقية للمشروع الوطني، مؤكدين في ذات الوقت على أهمية دورهم في النهوض بالبلاد.
مرحلة مُزرية
راهن بعض الخبراء والمفكرين على الشباب في انتصار المشروع في النهاية, وقال إن حركة الشباب الثوري الآن تبحث عن فضاءات ما بعد الأحزاب والجيش, لإيجاد صيغة للمشروع الوطني, مؤكدين أن الوضع الحالي وصل مرحلة الذروة, ولا بد من مشروع يتوافق عليه كل السودانيين, مشيرين الى ضرورة إيجاد مخرج للأزمة السياسية الحالية.
واكد البروفيسور عثمان الحسن محمد نور مدير جامعة المغتربين, أهمية مواصلة الجهود بموضوعية وعلمية لمشروع المواطنة وإعادة الانتقال والتحول الديمقراطي والعدالة ، وقال ان ثورة ديسمبر عظيمة ويكفي أنها سلمية وشهد العالم بذلك، وتأسف للأحداث التي وقعت في (25) أكتوبر بعد ان انفتح السودان على العالم الخارجي.
ملامح المشروع
ولان المنتدى الذي حضره لفيف من الاكاديميين والاساتذة, يسلط الضوء على القضايا السياسية الراهنة وعكس مجهودات الشباب، فإن الأوراق طرحت ملامح واسسا للمشروع الوطني السوداني, واشارت إلى أن غيابه وصمة لم نستطع التخلص منها حتى الآن, وحمّل المشاركون, المفكرين واساتذة الجامعات مسؤولية العمل على تغيير العمل الاستعماري بالوطني, وانتقدوا الاحزاب السياسية القائمة على العقل الأيديولوجي في ظل غياب المفكرين, وأكد عثمان أهمية وضع المعالجات لتمضي الثورة الى غاياتها بتحقيق شعاراتها المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة ، مشيرا الى ان السلام تحقق جزئياً ، وان الحرية بعد ان تنسم الجميع عبيرها تراجعت، وقال: الشباب قادرون على تخطي المرحلة.
أشواق السودانيين
من جانبه, قال امين دائرة الفكر والدراسات بالاتحاد العام للأدباء والكُتّاب السودانيين د. محمد عبدالقادر ان المشروع الوطني السوداني ظل أشواق السودانيين منذ الاستقلال, واكد ان المشروع الوطني يحتاج الى توسعة, قبولاً ورفضاً وهو خلاصة خطابات تضع تصورات لنظم الحياة في السودان مُستخلصة بعقول سودانية، وقال: يوجد عدد من الامثلة التي توضح كيفية الحكم وما نرغب فيه، وأضاف: لكن وصلنا درجة عالية من الجدل السفسطائي عن احقية هذه السيادة ووصلنا مرحلة الاحتراب ، ولم نستطع تحويله الى جدل نوعي. موضحاً أن دواعي وجود مشروع وطني مرتبط بالمعرفة واذا لم يتم تنظيم الحياة يمكن ان تصل الى مرحلة الفوضى، وقال ان وصولنا لمرحلة الصراع على الآراء عطّلت المشروع وكيفية وضع تصور للحياة والخروج من التخلف الى التقدم.
أسس المشروع
وأشار عبد القادر الى عدد من الأسس الضرورية لقيام المشروع الوطني, من بينها ضرورة التعامل مع العقل الوطني بتشريح دقيق, وارجع عدم التقدم الذي تعيشه البلاد لأن العقل تم فصله من جغرافيته, كما ان بعض السودانيين الذين هاجروا قبل عقود امتهنوا مهناً بسيطة ، تعاملوا ببدائية مع الأرض، مؤكداً أهمية ضبط الموضوعات التي يجب التفكير فيها ، وقال: توجد فجوة معرفية في العقل السوداني، واضاف ان 75% منهم مزارعون, الا ان اغلب القوانين لا علاقة لها بهذا الأمر، والنظريات الاقتصادية لا تستطيع حل مشاكل السودان. وقال عبد القادر إن بعض الأحزاب السياسية أيديولوجية ومن يفكرون لها هم خارج البلاد، مؤكداً أن مخرجات المشروع الوطني تؤثر على الحياة وتحل مشاكل البلاد.
مساحة نقدية
مدير مركز خدمة المجتمع بجامعة المغتربين د. عثمان حسن عثمان، اكد اهمية الانفتاح على التجارب وقال لا بد من مساحة نقدية لأي برنامج وليس النقد السطحي، وأوضح ان ثورة ديسمبر المجيدة لم تكن للتغيير السياسي، لكن لوضع نسق لتطور البلاد، مشيرا الى انها كشفت عن تقاطع بين وعي الثورة ووعي النخبة، وأن الوعي بالثورة كان كبيراً وشمل حتى المُهمّشين وهذا الأمر سبّب قلقاً للوعي التقليدي, وقال عثمان إن النخبة السياسية تعتبر أن ثورة الشباب تمثل مصدر احراج للوعي السياسي، لأنها لم تستطع التخلص من عاداتها وأظهرت عجزها عن حل المشاكل المستجدة، وهذا فتح باباً لحلول خارجية قُدمت للسودان، مشيراً الى ان مكونات قحت لا تثق ببعضها, بدليل انها لم تُعيِّن رئيساً للوفد اثناء المفاوضات مع المكون العسكري!!
أجندة خاصة
وتطرق المفكر د. علي عبد الله الى ان دولة المواطنة لا تكون فيها أي من اشكال السلطة في الدولة المدنية، وقال إن بعض الأحزاب السياسية ظلت تنفذ اجندتها الخاصة بالتالي ليست لها الرغبة في انفاذ المشروع الوطني, وأضاف لا بد من حل سحري يدفع السياسيين الى الاتفاق السياسي وتحقيق دولة المواطنة، مؤكداً ان لجان المقاومة يمكن ان تحقق هذا الأمر, لأن فكرهم غير تقليدي وحتى هتافات الشباب الثوري تصب في صالح المواطنة، داعياً الى ترك التفكير العشوائي للتخطيط الاستراتيجي والتخلي عن القبلية والطائفية والأيديولوجية والانتقال الى عالم المواطنة الواسعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى