اليوم الأول

انقضى اليوم الأول من الإضراب السياسي الذي أعلنه تحالف قوى الحرية والتغيير (قحت) في مواجهة المجلس العسكري لإرغامه على التنازل عن المجلس السيادي.. وحقق الإضراب نتائج سالبة على الأطراف جميعاً.. وأول الخاسرين من الإضراب المواطنون العاديون الذين لا ناقة لهم ولا حتى (تيس) في الصراع السياسي العقيم بين الصفوة البرجوازية من قوى الحرية والبرجوازية (العسكرية) القابضة على مفاصل الحكم.. ومن كان في طريقه أمس إلى إحدى بلدان الجوار العربي عبر رحلات طيران السعودية ومصر فقد تأجلت رحلات من خطوط الطيران.. وتوقفت بعض المصارف عن تقديم الخدمة للمواطنين والتزمت مصارف أخرى بخدمة عملائها.. واضطربت شركة توزيع الكهرباء ما بين نوافذ تعمل وأخرى (مغلقة) وأطلت المزايدات وسط العاملين في الخدمة المدنية التي ما كان لها أن تتصدع وتتمزق ما بين (مضرب) وعاصٍ للإضراب.. ودخل القضاة آخر الأمل في الخدمة العامة (المستقلة) عن الصراع السياسي والتصنيف والموالاة.. ونبت تنظيم باسم (نادي القضاة) وآخر باسم (نادي المستشارين) ليغرس مسماراً في قيم العدل الراسخة ويصبح الجهاز العدلي (يهتف وسط الهتيفة) تعبيراً عن حاله التي تغني عن السؤال.. وخسرت قوى الحرية والتغيير شعبياً بسبب الأضرار التي حاقت بالمواطنين المقبلين على أعياد الفطر المبارك، وفجأة وجدوا أنفسهم أمام إضراب شامل.. باستثناء الأسواق ومحطات الخدمة وأغلب الصيدليات.. وخسرت قوى الحرية والتغيير بتمدد الفجوة والقطيعة مع شريكها العسكري الذي مصيرها ومصيره واحد ولكنهم آثروا الصراعات الصغيرة وطغت المصالح على المبادئ والقيم.. واحتقن الطرفان بمرارات في النفوس تبدت من تعابير نائب رئيس المجلس العسكري الفريق محمد حمدان دقلو الذي تحدث بغضب مكتوم عن شركائه في التغيير و(نفخت) قوى الحرية في أشرعة الخلاف واستلت سيوفها.. ووظفت أبواق إعلامها للنيل من المجلس العسكري ومحاولة زرع بذرة خلاف وفتنة بين المكونات العسكرية للدولة.. وخسر المجلس العسكري من الإضراب العام من واقع مسؤوليته عن حياة المواطنين والخدمات التي ينتظرها، والمجلس العسكري رغم حسن أداء رئيسه البرهان وفاعلية نائبه دقلو.. إلا أن المجلس يمشي وحده بلا سند سياسي ولا قوى تقف من ورائه إلا بعض الإسلاميين الذين وجدوا أنفسهم مرغمين على حضور زواج (أمهم) من رجل كان صديقاً لوالدهم الراحل..!

انقضى اليوم الأول من الإضراب ولا منتصر ولا مردود يذكر من تعطيل دولاب الحياة العامة.. وشق وحدة صف القطاع الوظيفي وتخويفه وتخوينه وإرغام الموظفات للخروج في قطيع الرافضين للإضراب أو المؤيدين له في مشهد عبثي لدولة ظلت نحو شهرين إلا قليلاً بلا دستور وبلا قانون.. وبلا حكومة.. وبلا برلمان.. لأننا (فلات) ضمن (فلوات) العالم الثالث العجيب الغريب..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى