جزاءات مجلس الأمن.. الماضي يلاحق الحاضر

 

تقرير: مريم أبشر      10فبراير2022م

يبدو أن مترتبات العهد السابق وتداعيات ما بعد أكتوبر, تلقي بظلالها على مجمل الأوضاع المضطربة أصلاً في السودان, فمنذ العام 2005 ظل السودان يُخضع لتدابير جزائية فرضها عليه مجلس الأمن الدولي عام 2005, بموجب القرار الصادر عنه تحت الرقم (1519) . وهي عقوبات  خاصّة بالدول التي توجد فيها نزاعات وتخلف على إثرها مآسٍ إنسانية.

تَجدُّد الجزاءات

 

وظلّت الجزاءات تتجدّد في شهر مارس من كل عام, ورغم التطورات السياسية التي شهدها السودان في الفترة الماضية والإطاحة بالرئيس المعزول عمر البشير ونظامه عبر ثورة ديسمبر المجيدة، إلا أن مجلس الأمن ظل يجدد أمر العقوبات سنوياً نظراً للتداعيات التي حدثت عقب السقوط والتي تُخضع لمراقبة فريق الخبراء الأممي المعني بمراقبة الأوضاع, حيث ظل سنوياً  يوصي بتجديدها, نظراً لأن الأوضاع لا تزال مضطربة خاصة بعد إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر وما صاحب ذلك من عنف ضد المتظاهرين.

رفضٌ حكوميٌّ

فى الجلسة التي تترأسها روسيا الرئيس الحالي لدورة مجلس الامن الدولي التي خصصها المجلس  الاثنين الماضي للنظر في العقوبات المفروضة من قبله على بعض الدول الاعضاء، وجه ممثل السودان, انتقادات للمجلس بفرضه جزاءات على الدول الأعضاء، واستمرارها لسنوات طويلة, على الرغم مما تخلِّفه من تأثيرات كبيرة على المجموعات والفئات الضعيفة في البلدان المستهدفة، فضلاً عن تأثيرها السالب على بلوغ الأهداف التي وضعها ميثاق الأمم المتحدة.

وقال ممثل السودان عمار محمد محمود من بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة, إن قيام مجلس الأمن بفرض جزاءات على الدول يُثير جدلاً مُتواصلاً يتعلق بتأثير هذه الجزاءات على بلوغ الأهداف المرجوة, وأضاف ممثل السودان ان الخرطوم تشعر بالقلق العميق إزاء لجوء مجلس الأمن إلى فرض الجزاءات والعقوبات، الموجهة منها وغير الموجهة، الأمر الذي يثير مسائل أخلاقية عن مدى تأثيراتها غير المقصودة على المجموعات والفئات الضعيفة في البلدان المستهدفة. وأضاف: لتلافي تلك الآثار غير المنظورة للجزاءات، فليس ثمة بد من تقييد اللجوء لفرض التدابير العقابية والاستعاضة عن ذلك بتفعيل السُّبل السلمية التي يُتيحها الميثاق, ولفت الى ان العقوبات  يمكن أن تصبح سلاحاً ذو حدّين إذا لم تأخذ بعين الاعتبار العوامل الإنسانية خاصة في الدول التي يُعاني فيها المدنيون كما الحالة السودانية، من الضعف والمؤسسات من الهشاشة، وقد طبّقت في دول عديدة من بينها السودان وساحل العاج وغيرهما.

 حيثيات المجلس 

رغم انتقادات مندوب السودان بالامم المتحدة بإبقاء العقوبات على السودان ضمن مجموعة دول تعيش نزاعات مسلحة داخلية، الا ان مراقبين اكدوا ان الحيثيات التي على إثرها اصدر مجلس الامن الدولي عقوباته على السودان ما زالت قائمة, بل ان بعضهم اشار الى ان الوضع أصبح أسوأ مما كان رغم الثورة المبهرة.

وقال الدكتور صلاح الدومة الأكاديمي والأستاذ الجامعي, إن الجوانب التنظيرية هي الأسهل خلافاً للجوانب العملية محل الاهتمام الدولي, واشار الى أن العنف والانتهاكات اللا انسانية عادت بقوة اكثر من ذي قبل, وان الواقع يؤكد ذلك, وطالب بأن توجه العقوبات حيال المتسببين في الانتهاكات والخروقات اللا انسانية دون التأثير على الشعب السوداني وجلب المزيد من الصعوبات عليه.

دواعٍ باقية

بغض النظر عن رفض السودان من عدمه، إلا أن الدواعي الخاصة ببقاء السودان ضمن منظومة الدول الواقعة تحت القرار 1519 الصادر لمجلس الأمن ما زالت باقية وحيثياته متوفرة, هذا ما يراه الخبير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة, الذي قال لـ(الصيحة) ان  القائدين عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور ما زالا يحملان السلاح ضد الدولة, ويرفضان الدخول في مباحثات سلام, وزاد حتى القوى السياسية والشعبية ترفع صوتها الآن احتجاجاً على الوضع الراهن والمظاهرات مستمرة, نتجت عنها العديد من الوفيات والجرحى والإصابات, وقال الرشيد إن كل التداعيات التي تشهدها الساحة السياسية الآن برغم الثورة, تشير الى ان بقاء السودان ضمن منظومة الدول  المشمولة بقرار مجلس الأمن الدولي 1519 ما زالت باقية, وأضاف: حتى الذين أتت بهم اتفاقية جوبا للسلام من الحركات المسلحة دخلوا الخرطوم بقواتهم وبدون إذن, وبدلاً من دمجها او تسريحها تورط بعضهم في تجنيد العديد من الأشخاص لقواتهم.

وألمح الرشيد الى أن هنالك نوايا شريرة, واصفاً الأمور (بالجايطة), وأشار الى ان بالبلاد أكثر من جيش, وليس من المنطق في ظل هكذا وضع أن نقول لا يجب أن يُطبّق على السودان القرار وكل حيثيات تطبيقه متوفرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى