تفشي خطاب الكراهية.. مَن يهدد المجتمع؟

 

تقرير: عوضية سليمان     10فبراير2022م

تسيد تفشي خطاب الكراهية, المشهد السياسي والاجتماعي في السودان خلال الفترة الأخيرة. مما أثار مخاوف الكثيرين من القيادات السياسية والمثقفين ومطالبتهم بضرورة التصدي له ومواجهته بكل الطرق والوسائل, ونبه وزير الثقافة والإعلام الدكتور جراهام عبد القادر، الأجهزة الإعلامية بضرورة التصدي له, وقال تقع عليها مسؤولية حماية المجتمع ومحاربة خطاب الكراهية الذي بدأ يتفشى بشكل كبير. ودعا الى تبصير الناس بمضار بعض الموروثات الثقافية التي تحض مثلًا على الأخذ بالثأر وغيره, وتاريخ السودان يشهد بأن هذا الخطاب لم يكن جزءًا من حياة الناس ولم يكن النقد للبعض سائدًا وحتى النكتة التي قد تسيئ للبعض لم تكن منتجاً سودانيًا.

منتج فكري

وأضاف جرهام أن خطاب الكراهية قد يكون منتجا فكريا أو عقائديا أو عفويا، ولكن يجب على الجهات الرسمية أن تعمل على محاربة مثل هذا النوع من الخطابات. وقال إن مثل هذا الخطاب لا يجدي في بلد مثل السودان وإن تعزيز هذا الخطاب من شأنه أن يخلق دولة هزيلة وضعيفة ومفككة، جازما بأن السودان لا يمكن أن يهزم بمثل هذا الخطاب الذي ولدته ظروف معينة. وحمل الوزير بعض المثقفين والجماعات الثقافية مسؤولية انتشار خطاب الكراهية، داعياً الأجهزة الإعلامية إلى عدم الترويج لمثل هذا الخطاب والعمل على رفع الوعي لدى المواطنين وترسيخ معاني التنوع والتعايش وسط المجتمعات.

وجهة نظر

يرى المحلل السياسي د. عبد مختار أن خطاب الكراهية في المجتمع  ينظر له من عدة عوامل, أهمها الخطاب الإعلامي نفسه الذي لعب دورا كبيرا جدا في تفشي الظاهرة, بجانب الرسائل العنصرية وغياب الوعي التام. وأضاف لـ(الصيحة) من ضمن اسباب انتشار الخطاب النخبة الوطنية من خلال وسائل الإعلام وبالتالي هم مسؤولون عن محاربته, وقال: معالجة المسببات مهم جدا , من ضمنها التمييز العنصري, مؤكدا عدم المساواة بين مكونات المجتمع نتج عنه الشعور بالظلم الاقتصادي والتهميش السياسي والثقافي, وقال تلك عوامل كانت أسبابا مباشرة للشعور بالظلم , وابان بان معالجته تبدأ بالمعالجة النفسية أولاً و توفير العدالة في كل شيء السلطة والثورة, والتنمية, واشار الى معايير لمحاربة خطاب الكراهية, قال لها عدة مداخل منها المنهج التربوي, والمنهج القانوني, ومنهج اعلامي ثقافي, وبالقانون, بسن قوانين تردع كل من يثير ذلك, واضاف قائلاً: هنالك أشياء أهم من القانون هو التربية من خلال المنهج التعليمي المتكامل منذ المراحل الأولى. ولا بد من خطاب اعلامي منضبط وخطاب سياسي رشيد يجعل النخبة تقف في مسافة واحدة.

فهم خاطئ

وفي ذات السياق, يقول المحلل السياسي الرشيد أبو شامة لـ(الصيحة) ان السودان تختلف فيه الثقافات. وقال هنالك اتهام مغلوط بأن المواطن الذي يقطن العاصمة هو استولى على كل شيء, ويسيطر على كل الموارد, وهو فهم خاطئ جداً ويحتاج إلى تفسير, وبالتالي هنالك عوامل كثيرة من أسباب الكراهية والخوف بين الناس. وأشار الى ان رئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي علق في أحد خطابه بان بعض الناس تقطن جوار الكباري وبين النيلين, وهو يثير في نفس الخطاب , بالتالي لابد من فهم الاسباب التي جعلت تلك الفئة تقطن تلك المناطق قبل إثارة الخطاب, ونوه الى تركيز التعليم في الوسط بان المناطق البعيدة لم تجد فرصة التعليم وان الذين اتوا من بعيد هم من اثاروا خطاب الكراهية كلها عوامل تصب في هذا الاطار.

الانتماء والخصوصية

ويرى خبراء ضرورة قيد وسائل الاعلام المختلفة بضوابط تمنع الترويج لخطاب الكراهية, وقالوا ان عالم الانترنت لا يخلو من القيم والآداب والالتزام والاحترام. ويتمثل خطاب الكراهية في تسجيل أي تعبير يستعمله الشخص عن قصد أو غير قصد، تتضمن اساءة أو إهانة او اتهاماً بالنقص والدونية او التحقير او تحريضاً على العنف المادي او المعنوي ضد الاشخاص والجماعات على أساس العرق أو الدين أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو بسبب اللون أو اللغة أو الجنس أو طبيعة المهنة أو المظهر. ومن حالات او اشكال خطاب الكراهية ان تكون هناك دعوة للقتل او الانتقام او الاقصاء او العنف او التحقير والمس بالكرامة. ولا بد للقضاء على خطاب الكراهية او (التعبير عن الحقد) والحد منه من تعزيز لغة الحوار المسؤول والعمل على احترام الرأي والرأي الآخر وتبادل الاحترام للآخرين وآرائهم والاحتكام للقانون الذي يصون الحريات ويجرم اي انتهاك لها فهو الفصل بالنتيجة لاي موضوع. ومن مظاهر الكراهية وخطابها الداعي للعنف ضد الأفراد او الجماعات او ضد المعتقدات او الأفكار او الآراء.

حرية التعبير

وقال خبراء لكي نحد من هذا الخطاب لابد ان نمارس حريتنا بالتعبير بمسؤولية وان نحاكي اي مشكلة (نتناول جوانبها) دون المس بحرية الآخر أو معتقداته او آرائه وان نتقبّل الآخر وآراءه واستخدام لغة واسلوب الحوار البناء الهادف بمسؤولية والبعد عن الغوغائية والاحقاد و الغلو في تناول او معالجة اي موضوع، وان لا ينصب الشخص نفسه حكماً وخصماً بمواجهة اي رأي او طرح او فكرة او معتقد, ولنحتكم للقانون وللقضاء عند حدوث اساءة وهو صاحب الكلمة الفصل وصاحب الولاية في ذلك . فالكل يناضل من أجل حرية التعبير وحماية الحق في التعبير عن وجهات النظر ، ولكن لا نريد خطاب الكراهية ولا نؤيده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى