الأمين السياسي للشعبي السفير إدريس سليمان لـ(الصيحة)(2-2):

لا زالت سهام الاتهام تطال حزب  المؤتمر الشعبي  في كل مرة بعد نجاح ثورة الاحتجاجات، بل تعدى ذلك إلى دمغه بأنه جزء من النظام السابق، يطاله ما طال المؤتمر الوطني، ورغم أنه لا ينكر أنه جزء من النظام السابق، وزاهد في المشاركة الانتقالية، إلا أنه متمسك بثوابته وبأطروحاته الواضحة، ويدافع عنها بقوله إنه لن يفض الشراكة مع الوطني، ويسعى إلى الإصلاح من داخله. وقال إن المشاركة السابقة في الحكومة كان قرار المؤسسة ، وأنها واحدة من الأسباب الأساسية لنجاح الثورة الشعبية.

ودافع عن الشعبي والإسلاميين حينما قال: لولا مشاركة الإسلاميين في الثورة ما كان لها أن تنجح، ورغم ذلك حذر من تداعيات الثورة من خلق حوار ثنائي واتفاقات ثنائية، وأوضح: لا يمكن أن نستبدل تجربة شمولية بتجربة إقصائية…

الصيحة جلست إلى  الأمين السياسي للحزب السفير إدريس سليمان، فماذا قال؟..

 

حوار: صلاح مختار

تصوير: محمد نور محكر

 

* الإسلاميون كانوا  في السلطة وتركوا المعارضة خلال العقود الثلاثة الماضية… الآن الساحة والمشهد السياسي تبدل، وأصبح الحكم لقوى معارضة ليس من بينها الإسلاميون؟ كيف تنظر إلى الأمر؟

 

– الإسلاميون كانت مواقفهم مختلفة، ليس كلهم في الحكومة حتى كانت هنالك قوى إسلامية كثيرة جداً في المعارضة، وحتى القوى الإسلامية التي شاركت الحكومة في الآونة الأخيرة بعد الحوار الوطني، كانت متمايزة جداً عن المؤتمر الوطني والنظام، ولا يمكن أن نجمع كل الإسلاميين بأن يكونوا في جهة واحدة. وأن الثورة قامت عليهم لولا مشاركة الإسلاميين في هذه الثورة ما كان لها أن تنجح. الآن الإسلاميون موجودون في الاعتصام، وفي الميدان ليسوا بالعدد القليل، العكس أن  الإسلاميين، وبكل  أحزابهم اشتركوا وشاركوا في هذا الثورة وفي الاحتجاج على نظام المؤتمر الوطني.

*  البعض يحاول تصوير أن الثورة ضد الإسلاميين أليس هذا صحيحاً؟

– ليس صحيحاً، أن الثورة ضد الإسلام أو الإسلاميين. هذه نعرة تحاك من بعض الأحزاب التي ليست لها حيثية جماهيرية، تبنى عليها، وتحاول أن تقول ذلك، ولكن الذي صحيح هو  العكس. ما كنا نعتقد أن النظام السابق نظام إسلامي، ولذا كنا نعترض عليه، لقد أدخلنا السجون وشردنا وحوربنا في أرزاقنا واستشهد منا من استشهد، لأننا كنا نعتقد اعتقاداً جازماً أن النظام السابق لم يكن نظاماً إسلامياً، بالتالي لا يمكن أن يحاسب الإسلاميون على نظام كانوا أنفسهم يظنون أنه نظام غير إًسلامي.

*كأنك تقول إن التجربة انحرفت من البداية وأنتم فيها؟

– طبعاً، لأنه من البداية الخطة الاستراتيجية بالنسبة للحركة الإسلامية هي رد السلطة للشعب بعد ثلاث سنوات من الانقلاب،  ولكن بعض العناصر العسكرية، والتي تحب السلطة انحرفت بالتجربة، وبالتالي خرج الإسلاميون الحقيقيون، وعلى رأسهم الشيخ الترابي خرجوا على هذا النظام، واعترضوا عليه، وظلوا يرفعون عليه راية الإسقاط إلى أن جاء. وعندما شعر بأن هنالك خطورة في مسألة الإسقاط تؤدي إلى تفتت السودان وإلى انقسامه وتجزئته دخلوا في مشروع الحوار الوطني، مشروع الحوار الوطني كان القصد منه فقط التغيير بطريقة سلسة وآمنة.

* بعد أحداث (قرطبة) شعر البعض أن الشعبي غير متماسك من الداخل، كذلك هنالك سوء تقدير واختيار للمنطقة إلى أي مدى صحة ذلك؟

– ليس هنالك عدم تماسك وليس هنالك سوء تقدير، كل الذي حدث أن  هناك بعض المكائد والمكر من بعض القوى السياسية المعروفة، عندما حشدت لم تحشد ثواراً حتى يقفوا ضدنا، وإنما حشدت مجموعة من عصابات النهب والسرقة، وهناك دليل على وجود أكثر من (40) عربة فككت وحطمت  فهل هذه ثورة؟ وهل هؤلاء ثوار أو لديهم اعتراضات سياسية على الشعبي؟ هذه ليست لديها صلة بالسياسة، وإنما حركة فوضوية ضد الحرية والديمقراطية، وكل الذي تنادي به الثورة من سلام وعدالة الذين قاموا بالفعل أناس محدودون جداً عندهم أغراض محددة وهي مكيدة.

* ولكن هل تقدير الموقف الأمني لقيام هذا المنشط  بالنسبة لكم جاء  من مصادر حقيقية معروفة لديكم؟

–  إذا أردت تدبير حادث ضد جهة ما مهما كان التقدير الأمني قد يحدث ذلك. لأن الأمن كان مستتباً وليست هنالك إشكالية، ولم يكن هنالك اعتراض من الأجهزة الأمنية من إقامة الاجتماع، وهذه المنطقة خضنا فيها انتخابات، وتقريباً تساوينا فيها مع كل الأحزاب التي اجتمعت ضدنا أمام الجبهة الإسلامية القومية، وكنا نحن في جهة، وهم في جهة أخرى، ولم يتفوقوا علينا  إلا بعدد قليل من الأصوات هذه الدائرة عندنا فيها عضوية وموالون ومؤيدون، وهؤلاء لم يشتركوا أصلاً في التدبير الكيدي. هناك عدد محدد من الأحزاب (حزبان معروفان) هما من قاما بهذا العمل.

*لماذا لم تتخذوا أي إجراء قانوني ضد هؤلاء؟

– طبعاً سوف نتخذ ضدهم إجراء قانونياً لأنهم معروفون لدينا، الآن إخواننا القانونيون في طريقهم لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد الذين قاموا بهذا الحدث، نحن فقط كففنا أيدينا، وكنا نعلم أن التدبير كان أكبر من ذلك، هؤلاء الذين قاموا بهذا المكيدة كانوا يظنون أن المؤتمر الشعبي عنده فرقة تأمين ولديه سلاح، ويتصدى ليهم ويقتل منهم، وبعد ذلك تكون فتنة في البلد، نحن فوتنا عليهم فرصة تحملنا الجراح والخسائر وفوتنا عليهم الفرصة التي كانوا يريدونها.

* أليس الذي حدث مؤشراً لعدم قبول الشعبي وسط الرأي العام؟

–  العكس الآن إن لم نكن من أكبر الاحزاب السودانية، نحن حزب موجود في كل أنحاء السودان. لدينا فيه جماهير ليس لدينا أي مشكلة في الذهاب إلى الانتخابات وإلى حكم الشعب في أي لحظة من اللحظات. الآن الشعبي بخير على العكس، إن كان هنالك من درس وعبرة أن هنالك فئات محددة ضد الديمقراطية، وضد حكم الشعب وضد الحرية والسلم الاجتماعي وضد العدالة. هذه الفئات والمجموعات محدودة، ولكن سوف تظل تعبث بهذه القيم لأنها لا حظ لها وسط الجماهير. تحاول أن تقود البلد إلى فوضى وتعطل الأعمال والمؤسسات وتعطل مصالح الناس والزراعة والاقتصاد، بالتالي العمل الذي يقومون به ليس ضد الشعب، وإنما ضد السودان ومصلحته.

*على خلفية ذلك، البعض يتهم الشعبي بأنه يسعى لعرقلة ما يتم الاتفاق عليه بين المجلس العسكرية وقوى الحرية والتغيير؟

– ليس هنا اتفاق حتى نعرقله، هم أنفسهم لم يتفقوا حتى يتفقوا مع المجلس العسكري، ليس هناك شيء حتى نعرقله هذا الاتهام باطل لجهة أنه ما في شيء حتى يُعرقَل، هؤلاء الناس غير متفقين فيما بينهم، وبالتالي لا يمكن أن  نقول إنهم سيتفقون مع المجلس لأن ليس لديهم مشروع محدد حتى يتفقوا أو يختلفوا عليه مع المجلس العسكري. والآن إذا المجلس العسكري سلمهم السلطة رشحوا الناس حتى يتم تسليمهم السلطة لما استطاعوا.

*إذاً على ماذا يقوم الحوار بينهم؟

الحوار هذا حوار طرشان، هم أنفسهم يذهبون للحديث مع المجلس يأتي آخرون يقولون هؤلاء لا يمثلوننا أو هذا ما كلامنا أو ما لا نريده، اليوم يأتون بشيء وغداً بشيء آخر. هناك إشكالية في التفاوض، لأنه ما في مشروع يطلق عليه محدد، حتى يفاوضوا على أساسه، حتى يتم الاتفاق أو الاختلاف، حتى الوثيقة الدستورية التي طرحوها بعضهم قال هذه لا تمثلنا، لأننا لم نُستَشر فيها والبعض قال إنه يستطيع عمل عقد أفضل منه. هؤلاء لديهم اشكالية حقيقية فيما بينهم، بالتالي قصة الشعبي يعرقل أو لا يعرقل هذا اتهام باطل. الشعبي لديه رؤية ومشروع مقترح طرحه للجميع إذا أراد الناس الأخذ به أو لا إلا أنه قابل للأخذ والرد. ولكن ما في شيء لدى الجهة الأخرى حتى نذهب إليه وحتى نعرقله أو نقف معه أو ضده.

* لماذا لم يحاور الشعبي تجمع المهنيين؟

– نحن فتحنا الحوار مع الجميع ليست لدينا إشكالية مع أي أحد، لأن دعوتنا قائمة على الحوار بالنسبة لنا منهج واتجاه أساسي لذلك نتفاهم مع الجميع.

*هل فعلاً حاورتهم تجمع المهنيين؟

– نعم حاورناه…  ولكن إذا كان من تحاوره مختلفاً معك في أشياء وأنت كذلك، قد لا يقود الحوار إلى اتفاق، ولكن التواصل والحوار موجود، وسيظل مع الجميع، والمؤتمر الشعبي منفتح نحو الجميع، ليست لدينا مشكلة فيما يتعلق بالحوار، لأن الإشكال الوطني لن يحل إلا بالحوار، مهما فعلنا في النهاية لن تُحل المشكلة السودانية إلا بالحوار.

*قدمتم مقترح الوثيقة الدستورية.. ولكن ما أوجه الاختلاف والتوافق مع بقية المقترحات الأخرى؟

–  أولاً وثائقنا كلها مكتملة، هناك تصور كامل بكل تفاصيل الحكم فيه وثيقة الحقوق والحريات، بالإضافة لوثيقة عن السلام وأخرى عن  المشكلة الاقتصادية السودانية وتقديم الحلول من رأس الدولة أو المجلس السيادي مجلس الوزراء المدني والمجلس التشريعي  الانتقالي حكم الولايات، المحليات، كل تفاصيل الحكم من عدد الوزارات وأسمائها مقدمة في المقترح بتفصيل يشمل جميع مراحل الانتقال. لم نترك شاردة ولا واردة إلا قدمنا فيها تصوراً أو رؤية للحل، وبالتالي فإن الشعبي قدم  مشروعاً شاملاً ومتكاملاً، إذا أراد الناس فعلاً الخروج بالسودان إلى بر الأمان، ينبغي الأخذ به وبجدية يحاورونا والآخرين على ضوئه. نحن قلنا لن نشارك خلال الفترة الانتقالية، بالتالي قدمنا هذا لمصلحة البلد، والناس والشعب السوداني، وليس لمصلحة حزبنا في الفترة الانتقالية.

* في اعتقادك هل عالجت الوثيقة نقاط الخلاف الذي انتهت إليه المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير؟

–  نعم، قلنا نحن نريد مجلس سيادة من (7) أعضاء تتفق عليه القوى السياسية والثورية، إذا لم تتفق القوى السودانية جميعها على هذا التشكيل لن تكون هناك موثوقية لأي مجلس تقيمه مجموعة أو فئة أو شريحة لن تكون محل إجماع أو اتفاق. بالتالي الأفضل أن يستمر المجلس العسكري الانتقالي.

*وفي حال الاتفاق؟

– إذا تم التوافق على نقل السيادة، وهو مطلبنا الأول أن تتوافق جميع فئات الشعب السوداني على مجلس سيادة مدني، نحن مع الحكم المدني، ولكن اشترطنا في هذه المسائل التوافق السياسي والوطني والتراضي، بغير ذلك لا يمكن أن نبني أجهزة حكم نقول إنها مدنية، وتكون هي تمثل شريحة محدودة من الشعب السوداني، لأنها تدخلنا في مشكلة الإقصاء والعزل والشمولية والدكتاتورية غير مقبولة.

* في اعتقادك أيهما أنسب لإدارة الفترة الانتقالية .. حكومة مدنية أم تكنوقراط أم كفاءات .. ولماذا؟؟

–   نحن نريد شخصاً ذا كفاءة وخبرة وأمانة ونزاهة ودراية، لا نريد أن يكون حزبياً صارخاً، ولكن لو كان مسيساً يكون (كويس) يكون رجلاً يعرف سياسة أو لديه تعاطٍ بالسياسة، لأن البعيد عن السياسة قد لا يصلح للفترة الانتقالية، لابد أن يكون مستقلاً، قدمنا مواصفات للأشخاص.

*ولكن الخلاف أيضاً لا زال موجوداً في تحديد الفترة الانتقالية؟

-أهم ما  في الفترة الانتقالية هي فترة تسيير الأعمال وتهيئة البلاد للانتخابات الحرة النزيهة الشفافة، لذا يكون أقصر مما يمكن، نحن قلنا عاماً واحداً تكفي، لأن كل التجارب السياسية كانت عاماً، الآن يمكن أن تكون عاماً نحن في التصور الذي قدمناه اقترحنا فترة عام.

* لماذا الأربع سنوات التي طالبت بها قوى الحرية ثم تراجعت لثلاث؟

-هناك قوى تعرف أنها في الديمقراطية ليس لها نصيب تريد حكم السودان دون تفويض، يقولون نريد أن نغير ونبدل، أنت ما مطلوب منك تغير أو تبدل الذي يفعل ذلك هو الذي يفوضه الشعب السوداني بالتالي من أنت تأتي دون تفويض؟ الذين قاموا بالثورة ليس أنت فقط. وإنما الشعب السوداني وهو لم يبصم لك، ولم يفوضك، هل تدعي أن لديك تفويضاً من الشعب السوداني. أقول لك إذا جلسوا أربعة أعوام سيأتون ويقولون لم تكفي لأن في تصورهم الذي كنا نناقشهم فيه كانوا يقولون (10) سنوات (وبعدها يقولون ما كملنا دايرين عشرة أخرى)، أقول أي إنسان ليس لديه تفويض من الشعب السوداني ما يقعد فترة طويلة في الحكم. الفترة الانتقالية لتسيير الأمور ويتم تسليمها لمن ينتخبهم ويفوضهم الشعب السوداني، بعد ذلك نكون مطمئنين أن الذين يجلسون يمثلون الشعب السوداني حتى إذا أحدثوا أي تغيير سطحي أو جوهري يكون مرحباً به.

* كيف تنصح لتجاوز ذلك؟

– لا بد أن يدور حوار بين مكونات الشعب السوداني وقواه السياسية والاجتماعية والوصول لحلول لكل هذه المسائل إذا تم الاتفاق ليست هنالك مشكلة بالترحيب بأي شخص يأتي يكون لديه برنامج وفترة زمنية محددة يسير الأمور فيها إلى أن يسلم الأمانة إلى من يختاره الشعب السوداني.

*هل يقدم الشعبي على تغيير اسمه وقياداته إن أراد دخول الانتخابات؟

-هذه خيارات تبحث فيها الأجهزة لا زلنا نسمى المؤتمر الشعبي، وسوف نظل بهذا الاسم إلى أن نغير، غير ذلك إذا مثلاً قررنا الانضمام إلى المنظومة الخالفة لأن الاسم يختاره الناس، نحن نكون جزءاً منها ولا نختار منها مثلنا والآخرين، نجلس مع بعض لاختيار الاسم والنظام الأساس والبرنامج والدستور، حينها يتم التغيير .أما الآن فسنظل المؤتمر الشعبي إلى أن  يحدث الله أمراً كان مفعولا.

*هناك تأخير في قيام أجهزة الحزب؟

– في الفترة الماضية عقدنا هيئة القيادة ومجلس الشورى التي حدثت فيها المشكلة المشهورة .

* بالنسبة للتغيير الداخلي للشعبي البعض يطالب بإسناد دور للشباب للتعاطي مع المرحلة الحالية؟

–  “يا ريت” هذا ما نحبذه ونفضله، وإن شاء الله يحدث أصلاً دوام الحال من المحال، أصلا أصبحنا من الشيوخ ينبغي للشباب أن يتقدم ويستلم القيادة ليس لدينا اعتراض على هذه المسألة، نرحب بها جداً، وربما تحدث في مقبل الأيام، وعملنا تغييرات كبيرة في داخل أجهزة الحزب  سوف نحدث مزيداً من التغييرات لكي يأتي العنصر الشاب ليتبوأ مقعد القيادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى