د. محمد جبرائيل حاج محمد يكتب :هكذا يُمكننا الخروج من عنق الزجاجة….

 

1فبراير2022م

تمر بلادنا هذه الأيام بحالة لا نظير لها في تاريخها الطويل من انسداد للأفق وفقدان للبوصلة. الجميع يشترك في ما آلت إليه الأمور لكنهم ليسوا على نفس القدر من المسؤولية.

حكومة الإنقاذ والتي تلتها كان لها بالغ الأثر في تزكية وتشجيع خطاب الكراهية بين أبناء وبنات الشعب السوداني، فبينما وظفت الإنقاذ جميع مقدرات الوطن لتمكين دولة الإخوان المسلمين، جاءت بعدهم قحت لتقوم بإزالة هذا التمكين واستبداله بتمكين آخر، لكن الاتّجاه المُعاكس، والنتيجة كانت مُتشابهة في كلا الحقبتين حيث تمدّدت الاختلافات والصراعات الأيديولوجية بين السودانيين أفقياً ورأسياً.

النجاح لا يتجزأ والفشل لا يتجزأ، الوضع الذي تعيشه بلادنا هذه الأيام هو وضع فشل بامتياز وقد انعكس سلبا على كافة جوانب الحياة في بلادنا. بل إن الذين يشهد لهم بالحكمة قد تم شيطنتهم وزُجّ بهم في أحد المعسكرين (الكيزان – الشيوعيين) ليتم ابطال دورهم المهم في هذه المرحلة الحساسة.

 

شخصياً، لم أتوقّف للحظة عن التفكير في إنتاج خارطة طريق للعبور ببلادنا إلى بر الأمان، حيث ظللت في تواصل مستمر مع قطاع واسع من المجتمع السوداني، وخصوصاً الشخصيات المؤثرة في فضاءات واقعنا السياسي، املاً في جمع المعلومات الكافية التي ستُمكِّنني من صياغة خطوط عريضة للبرنامج الوطني والذي أرى أنه سوف يكون طوق النجاة لبلادنا العظيمة.

في سَعْيِي هذا، لم اتردّد للحظة في الاستماع للجميع وقد كان لي عظيم الشرف اللقاء بمجموعة من قواد العمل السياسي في بلادي من أمثال دكتور الشفيع خضر، أ. محمد عصمت، أ. ساطع الحاج وأخيراً وليس آخراً الفريق حميدتي، هذا فضلاً عن تواصلي المستمر مع نفر من شباب لجان المقاومة، بالإضافة لمشاركتي في عديد المؤتمرات والندوات – بعضها يتبع لأحزاب سياسية – والتي سمحت لي بالالتقاء بشخصيات لها ثقلها السياسي من أمثال بروف صدقي كبلو.

يمكنني تلخيص أهم ملامح الحلول الممكنة في ظل هذا المنعطف التاريخي المهم والذي تمر به بلادنا:

– يلزم طرفي الصراع السياسي في بلادي (العسكريين والمدنيين) تقديم تنازلات جوهرية لمصلحة السودان على النحو التالي:

– أرى أن يقوم المكون العسكري بالتراجع عن موقفه المعلن بعدم تسليم السلطة للمدنيين إلا بالانتخابات، وأن يُعلن فوراً حل المجلس السيادي الحالي كعربون لحوار شامل بين جميع مكونات الشعب السوداني، بحيث يفضي في النهاية إلى توافق وطني عريض يمهد لتكوين جميع مؤسسات الفترة الانتقالية ولو أدى ذلك إلى إلغاء الوثيقة الدستورية.

– المدنيون عليهم احترام المؤسسة العسكرية والاعتراف بدورها والكف عن الإساءة لها وخصوصاً قادتها. وأن يُظهر المدنيون حُسن نية وأن يتبنوا مشروع المصالحة الوطنية والعفو العام بحيث يتم تجفيف جميع الزنازين من المُعتقلين السياسيين على نحو ما حدث في الدول التي مرّت بظروف مماثلة مثل جنوب أفريقيا ورواندا.

حاجة أخيرة:

لا أرى داعياً لصب مزيدٍ من الزيت على النار، وهنا أقصد سياسة الرفع الكلي للدعم عن الكهرباء، حيث إنّ القرار جانبه التوفيق ولم يكن في وقته تماماً، هذا بالرغم من موقفنا المُسبق من قضية الدعم والتي تُعتبر تشوُّهاً اقتصادياً خطيراً يلزم إزالته لكن بالتدريج ثم اختيار التوقيت المُناسب. هذه الزيادة في تعريفة الكهرباء قد ضاعفت من مُعاناة المواطن مع انخفاض مهول في الدخول وعجز بائن للاقتصاد عن خلق وظائف جديدة، إن أخطر تداعيات زيادة الكهرباء أنها ستؤدي إلى تعطيل الإنتاج الزراعي، وهذا ما دفع أهلنا في الولاية الشمالية للتعبير عن رفضهم لهذا القرار بالإغلاق التام لشارع شريان الشمال، والأحداث هناك في اتّجاهها للتصعيد إن لم يتم تدارك الأمر والعدول عن هذا القرار غير المُوفّق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى