بسبب الكهرباء .. جبريل وبرطم.. في حلبة المُواجهة!!

 

الخرطوم: نجدة بشارة              30يناير2022م 

نذر صراع، وتجاذبات واضحة طفت على السطح مؤخراً بين عضو مجلس السيادة الانتقالي  أبو القاسم برطم ، ووزارتي المالية والطاقة ، بسبب اعادة تعديل وزيادة  فاتورة الكهرباء التي سبق وأبطلتها اللجنة السيادية التي يترأسها الاول، واتهم  برطم، وزارتي المالية والطاقة بتغيير أسعار تعرفة الكهرباء المتفق عليها في اجتماع اللجنة , وتوعد باتخاذ اجراءات حيال الامر، مشدداً على ضرورة إجراء مراجعة كاملة لقطاع الكهرباء.

 

تجاذُبات

يرى مراقبون ان الصراع غادر مربع المهام والصلاحيات التنفيذية بين مجلسي السيادة والوزراء وانتقل الى صراع سياسي، لا سيما وأن أبو القاسم سبق واتهم جهات سياسية لم يسمها بتعطيل تعديل فاتورة الكهرباء التي عدلها بقرار سيادي، في ذات الوقت أثارت هذه الزيادات احتجاجات في الولاية الشمالية وأُغلق بسببها الطريق القومي من قبل لجنة مزارعي الولاية الشمالي.

ولجنة المزارعين المحركة للاحتجاجات هي أحد الأجسام المنضوية تحت مظلة المجلس الأعلى لكيانات الشمال، والتي تعتبر مجموعة أجسام مطلبية خدمية،  يرأسها عضو المجلس السيادي  أبو القاسم برطم، قبل انضمامه للسيادي، أضف الى ذلك فإن زيادة تعرفة الكهرباء كانت لها تداعيات وتأثيرات كبيرة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، فضلا عن انعكاساتها السالبة على القطاعين الزراعي والصناعي بكافة الولايات، بينما يرى آخرون ان الصراع يكشف أزمة جديدة تلوح في الأفق بسبب الفراغ الدستوري وغياب دولة المؤسسات، الذي تعاني منه الدولة منذ اعلان رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان في الخامس من اكتوبر حل الحكومة الانتقالية.

 

إدارة عشوائية 

وما يعضد تحليلات المراقبين، حديث  أبو القاسم برطم في حوار مع الوطن (tv) بأنّ الوزارات الآن  تُدار بصورة عشوائية في ظل غياب دولة المؤسسات، وقال “تفاجأت بتغيير الاسعار وسأتخذ الإجراء المناسب”. واضاف برطم أن الاتفاق أقر التعامل بالتعرفة السابقة لقطاع صغار المنتجين على أن تتم المعالجة للقطاع الزراعي.

في ذات الاتجاه، ذهب وزير المالية، جبريل بالدعوة خلال حديث إذاعي  الى الإسراع في اختيار رئيس وزراء بالتوافق وتكوين حكومة تنفيذية فاعلة، في إشارة إلى تأثير غياب المؤسسة على ادارة الدولة،  واوضح اتجاههم لمراجعة تعرفة الكهرباء للقطاع الزراعي مجدداً، وأشار إلى أن وزارة المالية تحدد مقدار الدعم الذي تستطيع تقديمه للكهرباء، في وقت تحدد وزارة الطاقة التكلفة.

وسبق وأصدر مجلس السيادة، قراراً بشأن زيادة أسعار الكهرباء في   اجتماع ضم اللجنة المكلفة بمراجعة زيادة تعرفة الكهرباء من المجلس السيادي ، وزارات المالية ، الطاقة والزراعة والغابات، بحضور والي الولاية الشمالية المكلف عوض احمد محمد قدورة، وقرر الاجتماع تجميد قرار وزارة المالية الخاص بزيادة تعرفة الكهرباء في القطاع الزراعي والصناعي والسكني إلى حين عرضها على مجلس السيادة. غير ان  وزارتي المالية والطاقة والنفط  اعلنتا عن تعديل تعرفة الكهرباء استناداً لموازنة العام 2022 المجازة من الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء والذي اعتمد دعم الحكومة لتكاليف تشغيل الكهرباء للمرة الثانية، وتصاعدت بسببها الاحتجاجات واعاد  تجمع مزارعي الولاية الشمالية اغلاق  طريق شريان الشمال، احتجاجاً على زيادة تعرفة الكهرباء على المشاريع الزراعية.

 

غياب المؤسسية

المحلل السياسي بروف حسن الساعوري في حديثه لـ(الصيحة)، اعتبر أن هنالك خطأً إجرائياً وادارياً في قرار مجلس السيادة الذي صدر بواسطة لجنة برطم، وقال ان وزارة المالية ربما تماطلت في تنفيذ القرار الصادر بسبب ان مهام واختصاص مجلس السيادة يختصر على المهام التشريفية ، ولا علاقة للجهاز السيادي بالمهام التنفيذية التي توكل لمجلس الوزراء، واستدرك  الساعوري قائلاً: لكن اعتقد ان قرار إلغاء زيادة فاتورة الكهرباء ، كان يمكن ان يجد صداه ويصبح نافذاً في حال ان لجنة برطم رفعت القرار مباشرة من مجلس السيادة الى مجلس الوزراء ، في هذا الحال لا تملك المالية فرصة لعدم تنفيذ القرار، وقال ان برطم يحتاج الى اعادة القرار لمجلس السيادة، وبدوره يرفع القرار لمجلس الوزراء، والذي بدوره يصدر قرارا يصبح نافذا لوزارة المالية ، واردف قائلاً: ان هذا التضارب بسبب غياب المؤسسية بالدولة، واوضح ان استمرار الفراغ التنفيذي يظهر الآن في فوضى القرارات بين السيادي والتنفيذي، وزاد بأن المجلس السيادي أيضاً يعتبر شريكاً في إجازة الميزانية، بالتالي لديه السلطات والصلاحيات في تعديل القرارات على أن تأتي بصورة تراتبية ومؤسسية.

يحلها الشربكها

من جانبه، قال المحلل السياسي د. عبد الرحمن أبو خريس في تعليقه لـ(الصيحة) أن الصراع الخفي الذي تفجر بين برطم ووزارة المالية يفسر بغياب المؤسسية في ظل الفراغ التنفيذي الذي احدثه حل الحكومة السابقة، واضاف: صحيح أن الحكومة الحالية حكومة تصريف اعمال، لكن هنالك حلقة مفقودة متمثلة في غياب رئيس الوزراء والذي يمثل (مطبخ القرارات التنفيذية)، وزاد: وبالتالي يجب الرجوع الى رئيس المجلس السيادي في مثل هذه القرارات الشائكة، والتي ارتبطت بالصراع السياسي على خلفية الاحتجاجات، واوضح بأن برطم أصبح في مواجهة بين نارين، نيران الكيان الذي جاء منه، وبالتالي يميل كل الميل لتنفيذ مطالب المزارعين الخدمية، ونيران الموقع السيادي الذي يحيد من قراراتة الفردية ووزير المالية الذي يتبع للحركات الكفاح ، وبالتالي ارى ان من (يحلها هو الشربكها)، ويرى ان يترك برطم قرار الزيادات للدولة التي تضع التقديرات التي تراه مناسباً، وقال ادعو للتفاهم والتوافق بين هذه الاجهزة، لا سيما وان الدولة الآن تعاني من الاضطراب وتفتقر للمؤسسية الى حين تكوين حكومة تفصل في الصلاحيات والمهام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى