محمد البحاري يكتب : أزمة مبادئ!!

29يناير2022م 

للحياة البشرية قواعد أساسية تحكم تطوُّرها ومراحل رقيها، فكلما علت بالمبادئ والأخلاق السليمة تعلو حضارتها، فالأخلاق والفضيلة هما أساس الحضارة، ولنا في حضارتنا الإسلامية وغيرها من الحضارات الإنسانية دلائل نستند إليها، وفي زمننا الحالي نعيش ظاهرة خطيرة أخذت تؤثر سلباً على تعاملات البشر ألا وهي الانفلات الأخلاقي، فلم تعد هناك معايير أو مبادئ ملزمة للأفراد.

نشاهد وباستنكار، انتشار الكذب وأساليب اللف والدوران وهو ما يُعرف بالشطارة عدا خيانة الأمانة والغش بكل أنواعه كالغش في الحديث وفي الامتحانات وفي الجنسية والشهادات الجامعية والمسبحة تجر حبات لأنواع الغش لا نعلم نهايتها، والحِقد والغِل والحَسد وأكل أموال الناس بالنصب والاحتيال بالإضافة للرشوة والسرقة واغتصاب الحقوق والاعتداء على المال العام وترويع المواطنين بنشر الشائعات والأخبار المزيفة وتزايد حالات انهيار الأعصاب عند أبسط الخلافات ليبدأ سيل الشتائم والسّب وقد يصل الأمر للضرب.

إذا نظرنا لواقعنا الآن، نجد هناك أزمة مبادئ حادة جداً فكل من يرفع شعارا تجده في الواقع بعيدا عن الشعارات التي يرفعها وينادي بها، بل حتى لا يحتمل مجرد حوار يشعر فيه بميلان الكفة لغير صالحه.

ودعنا نظاماً إسلامياً رفع شعارات يسيل لها لعاب كل مسلم وخاطب في الناس المبادئ وتحسس فيهم الشهامة والمروءة والعزة، وهذه شعارات حميدة بكل تأكيد، لكنه من ناحية أخرى تجده وضع الإسلام في خانة المتهم دائماً، وكانت الممارسة فيها كثير من الإخفاق والتشهير والتشفي لا تمت للإسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد رغم ذلك نحتفظ له بكثير من الإنجازات الواضحة التي لا تُخطئها العين.

أما الذين يرفعون شعار (الحرية والديمقراطية) فهم مسيرة عام من شعاراتهم التي يرفعونها فلا يحتملون حتى كلمة ممكن أن تكون في غير صالحهم، فكيف لهم أن يحتملوا أفكارا لا تمت لشعاراتهم بصلة.

ما دعاني لكتابة هذا المقال هو الشائعات الكثيرة التي أصبحت سمة من سمات المجتمع ، فلو أخذت جولة واحدة على (مواقع التواصل الاجتماعي) تجد نفسك أمام غابة كثيفة من الشائعات والتلفيق والكذب وشعار (الغاية تبرر الوسيلة)، فالبعض يصدق أي نشر يصب في خدمة أهدافه بغض النظر عن الحق والحقيقة، ويتعامى عن صوت الحق الجهير إن كان لا يخدم أهدافه أو يمكن أن يخصم مما يدعو إليه، فنحن أمام سيل جارف من المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أكثرها ملفقٌ وفيه تلاعبٌ بالفوتوشوب، لكن البعض يصدقها دون الرجوع حتى لعقله لأنّه يُريد لجهة ما أن تخسر ولا يحتمل أي رأي صحيح يُصب في غير مصالحه.

صوت العقل والضمير هو المَخرج الوحيد فلو كل شخص فينا حكّم ضميره قبل أن يرسل أو يلصق أو يجري تعديلات على كل منشور، لاختلف واقعنا تماماً عن ما نحن فيه من فتن كقطع الليل المظلم.

أيضاً يبقى دور الإعلامي صاحب القضية والهدف في حفظ المجتمع أن ينور الناس بعيداً عن الجهوية والعنصرية والعصبية.

وأيضاً للفن ونجوم المجتمع أدوارهم المُهمّة تجاه ما يحدث الآن من هذا الهرج والمرج عبر السوشيال ميديا، فلا بُدّ أن تتكامل كل الجهود لحفظ المجتمع من الفتن، فلن يصلح حال المجتمع بهذه الحالة ولا بُدّ للكل أن يعي دوره تماماً تجاه نفسه وأسرته والمجتمع ككل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى