قراءة بعيون خُبراء الاقتصاد .. إعادة تعرفة الكهرباء المُجمّدة.. مَحاذير ومَخاوف!!

 

الخرطوم: جمعة عبد الله              27يناير2022م 

أثار إعادة وزارة الطاقة والنفط، الزيادات المجمدة على أسعار الكهرباء، جدلاً واسعاً من جديد، وقوبلت الخطوة برفض واسع من المستهلكين في مختلف القطاعات السكنية والزراعية والصناعية، فيما يرى خبراء اقتصاديون ان استمرار الحكومة في تطبيق التعرفة الجديدة يؤدي لخسائر مُحتملة، وقالوا إن هذه الزيادة ستضرب الاقتصاد في مقتل وتزيد معاناة المواطن، وإن الهدف منها هو تمويل الموازنة من جيب المواطن، موضحين أن المواطن وفي ظل ارتفاع الأسعار وثبات الدخل لا يقوى على مزيد من الأعباء الاقتصادية.

ووفق وزارة المالية والطاقة، فقد تمت زيادة أسعار الكهرباء استناداً على موازنة 2022م والتي اعتمد فيها دعم الحكومة لتكاليف تشغيل الكهرباء بنسبة 69%، على أن يتم تحصيل نسبة 31% من تكاليف التشغيل عبر التعرفة، وأعادت الحكومة الأسعار المُجمّدة كما هي، فيما خفضت أسعار كهرباء القطاع الزراعي بواقع 9 جنيهات للكيو واط.

تَمويل المُوازنة

يقول عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير، كمال كرار، إنّ إصرار الحكومة على زيادة أسعار الكهرباء لأن موازنتها تعتمد في الإيرادات فقط وعلى الضرائب وزيادة أسعار السلع، ومضى قائلاً: فلاقتصاد منهار وليست هناك إيرادات من قطاعات أو مؤسسات إنتاجية، وربط زيادة تعرفة الكهرباء بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لأن فيه إلزاماً بزيادة أسعار الكهرباء، نافياً أن تكون هذه الزيادة مرتبطة بالتكلفة أو الدعم، وأشار إلى أن إنفاق الحكومة على الأمن والدفاع كبيرٌ وكذلك على امتيازات المناصب الدستورية، وبالتالي فهي تُريد تغطية بعض هذا الإنفاق من زيادة الكهرباء، وأكّد أنّ هذه الزيادة ستضرب الاقتصاد في مقتل وتزيد معاناة المواطن، ونوه إلى أن الهدف منها هو تمويل الموازنة من جيب المواطن!!!

أزمةٌ كبيرةٌ

يقول المحلل الاقتصادي د. محمد الناير، بالنسبة لقرار زيادة تعرفة الكهرباء مرة أخرى وحينما بدأ تنفيذ هذا القرار دون إعلان وإخطار المستهلكين سواء كان القطاع السكني أو الزراعي أو الصناعي وهذا الأمر خلق أزمة كبيرة جدا، واعتبر لـ”الصيحة” ان القرار له تداعيات كبيرة على الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وبالتالي يؤثر على أسعار السلع والخدمات بصورة كبيرة جداً ويؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة عكس ما هو موضوعٌ في الموازنة العامة للدولة، وزاد: هذا تعارض في السياسات وتضارب بصورة كبيرة، وقال الناير إن عودة القرار مرة أخرى كأنما الدولة فهمت إصدار هذا القرار قبل إجازة الموازنة العامة للدولة هو المشكلة، ويرى أنه ليس المشكلة لوحدها وإنما هذه الزيادة ستؤثر على مجمل الأوضاع الاقتصادية في القطاعات المُختلفة، وتوقع أن يؤدي إلى انهيار القطاعات الإنتاجية بالكامل، كالقطاع الزراعي بشقيه والقطاع الصناعي بشقيه الاستخراجية والتحويلية والقطاع الخدمي، وقال إن الخطأ في القرار السابق لم يُعالج وهو دراسة هذا الأمر بصورة علمية ليتّضح ما هو أثره على الشرائح الفقيرة والضعيفة، وكذلك على الإنتاج والإنتاجية وعلى الصادرات السودانية، مُبدياً أسفه لعدم دراسة الأمر وكان فقط تم تجميده حتى تأتي الموازنة ثم يُجاز ثم يعاد مرة أخرى القرار للتطبيق، وقال إن الشيء المؤسف أنّ رئيس اللجنة المكلفة، عضو المجلس السيادي باعتباره جزءاً من السلطة التشريعية المُؤقتة التي أجازت الموازنة العامة للدولة، إذن ليس لهذه اللجنة إمكانية أن تتحدث عن الأمر، وتابع قائلاً كان يفترض أن يعترض رئيس اللجنة داخل الاجتماع المشترك بين مجلسي الوزراء والسيادي وأن يوضح حجم التعقيدات الذي تلمسها على أرض الواقع، وأضاف كنت أتمنى أن يتم إلغاء هذه الزيادة تماماً أو أن تكون زيادة معقولة وقليلة لا تؤثر سلباً على الإنتاج بصورة  أساسية، ولكن للأسف الشديد بعد أن أُجيز هذا القرار من قِبل مجلسي السيادة والوزراء وكأنّ هذا إقرارٌ كاملٌ من قِبل السلطة التشريعية المُؤقّتة في ظل غياب المجلس التشريعي، أصبح القرار نافذاً، والآن المواطن يتوقّع حجم الزيادة الكبيرة التي ستظهر على السلع والخدمات خلال الأيام القادمة بصورة لا يستطيع تحمُّلها، ولفت إلى أن المواطن تحمّل ارتفاع الأسعار خلال العام الماضي 2021 ولا يتحمّل أكثر من ذلك في ظل محدودية الدخول، بجانب ضعف دخول العاملين في القطاع العام، ونوه إلى أنّ الزيادة للعاملين في القطاع العام في موازنة العام 2022 ضعيفة جداً، وازدياد معدلات الفقر والبطالة ومعدل التضخم بالتأكيد سيتزايد ولن ينخفض كما هو متوقع في الموازنة العامة للدولة، واعتبر أنّ الموازنة تشمل تناقضا كبيرا جدا بين معدل تضخم ينخفض إلى 202% وزيادة في الكهرباء وإلغاء الخبز المدعوم وهذه من شأنها أن تعيد التضخم إلى ما يقارب 500%.

ارتفاعٌ شاملٌ

الباحث الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي قال إن المواطن يتألّم لرفع الأسعار المستمر وعدم الإحساس به، وفي ظل ارتفاع الأسعار وثبات الدخل لا يقوى على مزيد من الضربات الاقتصادية التي يتأثّر جميع المستهلكين، وقطع بأن زيادة تعرفة الكهرباء سيطال ارتفاعا في أسعار المشتقات النفطية، والمنتجات الصناعية، وأجور النقل، والخبز، وجميع المنتجات التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالكهرباء، كما سيلحق الضرر الفادح في القطاع الزراعي والقطاعات العاملة بالزراعة سواء الثروة النباتية أو الحيوانية، وبالتالي ستتأثّر سلباً لأنّ الكهرباء عاملٌ أساسيٌّ في المزارع سواء للري أو الإنارة، داعياً إلى إعادة النظر في القطاع الزراعي باعتباره من القطاعات المهمة التي تلعب دوراً حيوياً في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية وخاصة في المجتمعات الريفية في ظل تزايد ظاهرتي الفقر والبطالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى