شاكر رابح يكتب :التسوية السياسية بعيدة المنال

12يناير2022م

في تطور جديد ولافت للازمة السياسية، أعلن السيد فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام، رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، عن “بدء المحادثات بشأن الانتقال السياسي في السودان، وصولاً لاتفاق للخروج من الأزمة السياسية الحالية والاتفاق على مسار مستدام للتقدم نحو الديمقراطية والسلام، وقال إن المشاورات تأتي في اطار تفويض البعثة ومساعيها الحميدة لدعم الانتقال السياسي، وأضاف قائلاً رأينا عدة مبادرات سودانية جيدة في محاولة للخروج من الأزمة الحالية وصولاً الى المسار الديمقراطي، ونفى  بشدة ما رشح من أنباء حول أن المبادرة تقوم على تعديل الوثيقة الدستورية وأنها تتكوّن من عناصر رئيسية، وقال إن الأمم المتحدة لن تأتي بأية مسودة، وإن المبادرة تبنى أساساً على ما يخرج به الشعب السوداني، وانه يقدم مشاورات وليس مشروعات، وقال حتى الآن وجدت المبادرة ترحيبا من قبل القوى السياسية ماعدا تجمع المهنيين والحزب الشيوعي وحزب المؤتمر الوطني”.

 

من جانبه، كإبداء لحسن النوايا، رحب مجلس السيادة بالمبادرة التي طرحها فولكر لتسهيل عملية الحوار بين الشركاء، واشترط على ضرورة إشراك الاتحاد الأفريقى لإسناد المبادرة والمساهمة في إنجاح جهود الحوار السوداني، مع الحرص على أن يكون الحوار “سوداني – سوداني”.

وفي ذات السياق، قدمت اللجنة المكلفة من المجلس للتشاور مع القوى السياسية وتجميع المبادرات والتي يترأسها عضو مجلس السيادة مالك عقار، تقريراً حول جهودها ولقاءاتها من القوى والكيانات السياسية.

 

في تقديري، هناك تحديات جمة تواجه عملية الانتقال والتحول الديمقراطي في السودان، هذه التحديات تتطلب اكثر من اي وقت مضى من كافة القوى السياسية و«الشركاء» بمؤسسات الحكومة الانتقالية إعلاء المصلحة الوطنية العليا للبلاد، وتجميع كافة المبادرات المطروحة لمعالجة المشكل السوداني، والتوافق على برنامج سياسي وطني تحد من خطر التشظي والانقسام السياسي القومي والمجتمعي.

 

قرارات القائد العام في 25 اكتوبر وما تلاها من توقيع الإعلان السياسي الجديد بين البرهان وحمدوك قد فشلت في تحقيق تقدم يؤدي إلى انهاء حالة “القطيعة” بين المكونين العسكري والمدني من جهة، وبين المكون المدني (أ) و(ب) من جهة أخرى، رغم التفاؤل الكبير الذي واكبها من السواد الأعظم للشعب السوداني.

اعتقد ان قوى الحرية والتغيير بتمترسها واستعدائها للمكون العسكري وحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام، وعدم الاعتراف بالقوات المسلحة كشريك أساسي في التغيير والحكم وإقصاء القوى السياسية، بهذا تكون قد تعمدت على إفشال اي جهود سودانية تدعو للحوار والمصالحة والتوافق بين الشركاء، وانها تعول وتستقوى بالامم المتحدة ودول الترويكا على حساب الحلول الوطنية، التصريحات الاخيرة لقادة قوى الحرية والتغيير تدل بما لا يدع مجالا للشك، انها تمارس التضليل والخداع والهروب الى الأمام من مسؤولياتها التاريخية والتنصل من التزامات  الوثيقة الدستورية والتراجع عنها.

 

مما لا شك فيه، إن البعثة الأممية في السودان لن تنجح في وضع حد للأزمة لسبب التباين الكبير بين الشركاء والفرقاء، اضافة الى ما رشح رغم نفي فولكر ان هذه المبادرة ستعيد رئيس الوزراء المستقيل الى موقعه واعادة الحاضنة السياسية، واجراء “جراحات” مفصلية في مؤسسات الحكم بما في ذلك تقليص عدد اعضاء مجلس السيادة، لن تنجح هذا السيناريو إلا اذا جلس كل اطراف الازمة، اضافة لكل القوى السياسية “يسار، يمين”، بما في ذلك المؤتمر الوطني، في مائدة مستديرة واحدة وبأجندة وطنية خالصة، على الرغم من تأكيد الجميع على ضرورة حل الأزمة، الا ان هناك تحديات تتمثل في موقف “قحت” الرافض الجلوس مع المكون العسكري، والتصريحات الاخيرة تشي بأن المصالحة وحل الازمة والمضي قدماً في عملية التوافق على التحول الديمقراطي واستكمال الفترة الانتقالية والوصول للانتخابات عقب نهاية الفترة الانتقالية بعيدة المنال، وأصبحت أكثر بعداً إن لم نقل إنها عادت إلى المربع الأول.

 

استفحال الأزمة السياسية في السودان نتيجة للتدخل السافر في الشأن الداخلي من أطراف إقليمية ودولية مارست ضغوطاً على المكون العسكري ، تظل هذه الضغوط الدولية بعيدة في تحقيق اي تقدم بسبب الفجوة بين الشركاء وانحياز المجتمع الدولي لأطراف بعينها بمعزل عن قوى سياسية فاعلة اخرى، والحل يكمن في الاتفاق على برنامج وطني مرحلي عبر رؤى وبرنامج سياسي يكون اساساً لإدارة حوار جدي يُوصِّل الجميع للانتخابات.

 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى