صلاح الدين عووضة يكتب : مرايا!!

12يناير2022م 

رحمه الله..

فقد استنطق حتى الصخر العصيا..

وذلك بعد استنطاقه المرايا قائلاً (كلميني يا مرايا)… فالمرايا أسهل استنطاقاً..

إنه كابلي؛ عاشق الليل… ومروي… والمرايا..

فأنت يمكنك مناجاتها خيالاً؛ كما يُناجى الغيم… والبحر… والدجى… والسَحر..

ثم يوحي لك خيالك هذا أنها تبادلك مناجاةً بمنجاة..

فالمرايا – حسب كثير من الناس – تفعل ما هو أكثر من الكلام… وتبادل الكلام..

فهي يمكنها أن تُظهر لك شيئاً خلاف انعكاس وجهك..

أو تُظهر لك انعكاسين في آن واحد؛ صورة وجهك… ووجه الشيء الآخر هذا..

فهو شيءٌ يدخل عقلك… ثم يدخل مرآتك؛ وليس العكس..

ولكن العكس هذا يؤمن به العقل الشرقي… والعربي؛ كما يؤمن به العقل الغربي..

وتعكس مرايا هوليوود هذا الإيمان أفلاماً للرعب ذات مرايا..

بل هنالك أكثر من فيلم رعب باسم المرايا؛ تعكس الشيء ذاته بأشكال مختلفة..

فقد يكون شيطاناً… أو شبحاً… أو زائراً من وراء الحجب..

أو ربما لا تعكس؛ وفي هذه الحالة يكون الشيء مصاص دماء..

وفي ثقافتنا السودانية – الشعبية – تحذير من النظر إلى المرآة… حين يُوغل الليل..

يُقال إنها قد تصبح خادعة في ذلكم الوقت؛ أو مخادعة..

فهل تكذب المرايا – إذن – عندما تفعل ذلك؟… أم أن فعلها هذا لا يد لها فيه؟..

تماماً كما لم تكذب مرآة الحلاق؛ في الطرفة الشهيرة..

فبعد أن أتم الحلاق عمله تذمر الزبون زاعماً أن صورته في المرآة (مش حلوة)..

فيرد الحلاق ساخطاً (خلقتك كده؛ أعملك إيه؟)..

والصحافة تسمى (مرآة الشعب)…. تعكس حاله كما هو؛ حلواً كان أم قبيحاً..

حال الشعب؛ الذي هو انعكاس لحال حكومته..

بل مرآتها هي نفسها قد تكون انعكاساً لحال الحكومة هذه…. فتتأثّر الصورة..

فقد تُشرخ عن قصد؛ فتجيء الصور المعكوسة مشوهة..

فيرى الناس… والعالم… و(الأشياء)… هذا التشوه إلا الحكومة؛ فهي تريدها هكذا..

ثم تراها صوراً جميلة؛ كعروس أمام مرآة الكوافير..

تماماً كما تعكسها برلمانات لا تكون هي ذاتها انعكاساً للشعوب..

وليست كل الحكومات – والأنظمة – تعشق المرايا الخادعة… والمخادعة؛ بالطبع..

فقط التي نفسها بغير جمال منها؛ وهي كثيرة في عالمنا الثالث..

وكثيرة جداً في عالمينا العربي والإسلامي..

فحيثما يوجد زعيمٌ (مكنكش) يُوجد القبح بتجلياته كافة..

وحين ترى هذه الأنظمة انعكاس صورها في مرايا العالم المتحضر تشتعل غضباً..

فهي صور شيء؛ قد يكون شيطاناً… أو شبحاً… أو (زومبي)..

فيأتيها الرد (خلقتك كده… نعملك إيه؟)..

وكلمتي هذه اليوم ليست من عندي… ولا من بنات خيالي… ولا من وحي إلهامي..

إنما استنطقت التي استنطقها كابلي..

وذلك بعد إحساسي بأن لديها ما تود قوله لي…. بل أكاد أكون سمعت همساً..

وربما صورتي هي التي كانت تهمس..

فتجاوبت معها من منطلق إيمانٍ لحظي – أعجبني – بالفنتازيا الميتافيزيقية هذه..

فقلت لها: كلميني…

يا مرايا!!..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى