اتفاق الحرية والعسكري.. تحقيق استقرار اقتصادي

الخرطوم: مروة كمال

عاشت البلاد منذ أكثر من شهر أوضاعاً اقتصادية متأزمة لم تكن بالجديدة، وكانت قد شهدت أزمة اقتصادية مستفحلة رزحت تحت قبضتها منذ أكثر من عامين،  تدهورت فيها قيمة العملة الوطنية وسيطر السوق الموازي على النشاط الاقتصادي الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني بالأسواق، وأزمات متلاحقة في الخدمات من قود وخبز وسيولة، حتى انتفض الشعب السوداني في 6 أبريل معلناً دخول البلاد في اعتصام أمام القيادة العامة للجيش مطالباً برحيل النظام، ودخلت البلاد في مرحلة جديدة ما بعد حكم الإنقاذ، احتبست الأنفاس مع مفاوضات قوى التغيير والحكومة والمجلس العسكري أبرز سماتها تصاعد الخلافات بشأن السلطة حتى توصل الطرفين إلى اتفاق نهائي لخروج البلاد من نفق الخلافات إلى بناء سودان جديد.

والثابت طيلة فترة المفاوضات أن الوضع الاقتصادي شهد إضرابات كبيرة في شتى مجالاته بسبب تأثر الخلافات السياسية، ويأمل خبراء اقتصاديون أن يفضي الاتقاق الأخير بين الطرفين إلي استقرار اقتصادي يخرج البلاد من أزماتها.

ويرى الخبير الاقتصادي، د. الفاتح عثمان أن الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير هو الأداة الوحيدة المتاحة لتكوين الحكومة، وقال “للصيحة” إن الإضراب السياسي أدى بشكل واضح لعدم استقرار اقتصادي، وأضاف أن غياب الحكومة أعاق توصيل الربط الكهربائي بين مصر والسودان، بجانب توصيل المواد البترولية من المحطات الخارجية، فضلاً عن جعل المانحين في الخارج يترددون في التعامل مع وضع غير مستقر في السودان، مؤكدا أن الفرصة حالياً متاحة للحكومة الجديدة لتحسين العلاقات الخارجية والبحث مع المانحين لتمويل احتياجات الحكومة في أوضاعها الاقتصادية السيئة، مشيرا إلى وجود أزمة حقيقة تتمثل في بلد يستهلك أكثر من مما ينتج ويدعم ويساعد الاستهلاك والاستيراد، لافتاً إلى أن التغيير الحقيقي يكمن في تحويل الدولة من مستهلكة الي دولة منتجة ومصدرة، ورهن تحقيق ذلك بتغيير جوهري وجذري في الخدمة المدنية والعسكرية والحكومات الاتحادية والولايات، مشدداً على أهمية أن يكون الإنفاق الحكومي لدعم القوى لزيادة الإنتاج والخدمات الأساسية بدلا عن الإنفاق على مخصصات الحكومة، وحذر من توجيهات السياسة الخارجية للسودان غير الحكيمة والتي تؤدي إلى توقف الدعم، جازماً بأن الحكومة تحتاج  لتتحسس بشكل حكيم تحت قدميها قبل اتخاذ أي قرار بشأن السياسة الخارجية الملغمة، مبيناً أن أوضاع السودان الاقتصادية الهشة، لا تحتمل مواقف “راديكالية” تجاه السياسة الخارجية، مثل الموقف من الحرب في اليمن.

 وقال إن الحكومة تحتاج إلى ترتيب أوضاعها بشكل جيد ووضع خارطة عمل واضحة تراعي أوضاع السودان الصعبة، داعياً إلى ضرورة التنسيق مع القوى الغربية لإزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب من أجل فتح ملف ديون السودان الخارجية وإعفائها، وشدد على الحكومة الجديدة ضرورة وضع السياسة في خدمة الاقتصاد وإدارة العلاقات الخارجية بما يساعد السودان في الخروج من أزمته الاقتصادية.

واتفق مع الفاتح، الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين د. محمد الناير،  وقال إن كلمة السر في تحقيق الاقتصاد السوداني في الاستفادة من التوافق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، وأضاف لـ(الصيحة) أنها خطو كبيرة رغم أنها جاءت متأخرة، في إذا تم التوصل إليها في وقت مبكر لكان وضع البلاد حالياً أفضل مما هو عليه الآن، مشيراً إلى أن الخطوة القادمة والمهمة تشكيل حكومة الكفاءات بأسرع وقت لا تتجاوز مطلع الأسبوع القادم حتى تتمكن الحكومة الجديدة من دراسة الوضع الاقتصادي ورسم السياسات الاقتصادية الجديدة المالية والنقدية، بما يتوافق مع متطلبات المرحلة القادمة، ودراسة موازنة العام 2019م وتحديد مدى قدرتها على الاستمرار لبقية العام دون إحداث تغييرات، وتوقع حدوث تغييرات في الموازنة وإعادة النظر فيها نسبة لما حدث من تغييرات كبيرة في هيكلة أنظمة الدولة، وأوضح أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تستدعي سياسات في المدى القصير لتحقيق استقرار في سعر الصرف، وخفض معدلات التضخم وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، لافتاً إلى أن السياسات على المدى البعيد تتمثل في زيادة الإنتاج والإنتاجية وزيادة الصادرات وإحلال الواردات وخفض العجز في الميزان التجاري فضلاً عن الاستفادة من قيمة المنتجات المصدرة قبل تصديرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى