إلغاء مسار الشرق.. بوادر خلاف داخل الجبهة الثورية

 

الخرطوم: محجوب عثمان

على الرغم من ان كثيرا من المكونات السياسية وعلى رأسها مكونات شرق السودان اعلنت ترحيبها الكامل بإعلان مجلس السيادة الانتقالي تعليق مسار شرق السودان الموقع ضمن مسارات اتفاق سلام جوبا, الا ان بوادر خلاف بدأت تطل في الافق السياسي داخل قوى الجبهة الثورية ومكوناتها بعد ان برز جناح يرفض تعليق الاتفاق, كون ان ذلك يؤثر على الاتفاقية التي تلتزم بها الحكومة حرفياً خاصة بعد ادخالها ضمن بنود الوثيقة الدستورية ما يجعل تعديل الاتفاق ربما يستلزم ادخال تعديلات اخرى على الوثيقة الدستورية.

ويرى كثير من المراقبين السياسيين ان البروتوكول الخاص بمسار الشرق لم ينفذ وظل معلقاً على الرغم من مرور أكثر من سنة على تنفيذ اتفاق السلام بين الحكومة والجبهة الثورية, ويلفتون الى ان الاتفاق ظل معطلاً بسبب اعتراض بعض المجموعات التابعة لمكونات جهوية وقبلية وسياسية على الاتفاق، ما يتطلب ان يكون هناك حل جذري يؤدي لحل الخلافات والتوصل لمنطقة وسطى تسمح بمرور بنود الاتفاق الذي يتضمن كثيرا من المشروعات التنموية التي يرون انها يمكن أن تغير شكل الحياة في الإقليم للافضل.

ترحيب

وبعد اعلان نائب رئيس مجلس السيادة, رئيس وفد الحكومة لمفاوضات جوبا الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”, تجميد مسار الشرق, اتفقت مكونات الشرق رغم خلافاتها السياسية على الترحيب بإعلان تجميد المسار. فقد قال بيان صدر عن قيادة مسار الشرق مهر بتوقيع مشرف مسار الشرق خالد ادريس ورئيس وفد التفاوض لمسار الشرق أسامة سعيد, إنهم يرحبون بالتعليق المؤقت لاتفاق مسار الشرق استشعاراً للمسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه كل الشعب السوداني ومستقبل الامن والاستقرار في البلاد وإيمانًا بخطورة التصعيد المستمر لأزمة شرق السودان وأثرها السالب على النسيج الاجتماعي في شرق السودان, واعلنت قبولها التعليق المؤقت لمدة أسبوعين, وأكدت استعدادها للانخراط فورا في عمل اللجان المقترحة لبدء المشاورات حول حلول تنهي الازمة في شرق السودان, وشددت على عدم التنازل عن المكتسبات الواردة في اتفاق مسار الشرق والعائدة الى كل ابناء وبنات شرق السودان.

وبدوره, أشاد رئيس مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة، ناظر عموم الهدندوة، محمد الأمين ترك، بقرار تجميد مسار الشرق الذي أصدره مجلس السيادة امس, وقطع بعدم وجود أي خلاف بين البجا والبني عامر والحباب, مشيراً إلى أن خلافهم حول مسار الشرق سياسي, وقال “قرار تعليق مسار الشرق بشرى كبيرة ونسوق التهنئة لكل الشعب ولأهل الشرق بصفة خاصة لأن هذه القرارات تساهم بشدة في لم شمل أهل الشرق وحل قضية شرق السودان بكل مكوناته”، وأضاف “لم يكن هناك قصد معين من البجا تجاه البني عامر أو الحباب.. لا من البجا ولا من الهدندوة ولا مني أنا شخصياً كناظر، نحن كلنا مع بعض وسنحل كل هذه القضايا بصورة أسرية”.

تعقيد

ورغم الترحيب من رئيس الوفد المفاوض لمسار الشرق ومن رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة, الا ان المجلس نفسه عاد ووضع العربة من جديد امام الحصان ببيان أصدره أمس الجمعة وتلقت (الصيحة) نسخة عنه فقد, اعتبر أن تجميد المسار خطوة في الاتجاه الصحيح من حكومة الفترة الانتقالية, لكنهم اعادوا مطالبهم بإعلان إلغاء مسار الشرق في مفاوضات جوبا بشكل واضح وصريح نصاً وليس تجميدا, وطالبوا بإعلان المنبر التفاوضي تنفيذاً لمقررات مؤتمر سنكات, وأعلنوا الرفض القاطع لما وصفوه تلاعبا من الوسيط الجنوب سوداني توت قلواك بان المسار عطل لأسبوعين، وان المؤتمر سيقام لإعطاء الشرعية للمسار، وقالوا ان مجلس تنسيقيات البجا والعموديات المستقلة لن يكون جزءا من هذا المسار على الاطلاق.

ضد الإلغاء

وإن كانت مكونات شرق السودان قد رحبت بتعليق المسار,  الا ان الجبهة الثورة كان لها رأي آخر, فقد أكد رئيس الجبهة الثورية عضو مجلس السيادة الهادي إدريس التزام الحركات الموقعة بكل ما جاء في اتفاق جوبا للسلام, مشيرا الى انه ضد تجميد مسار الشرق في الاتفاقية, وقال الهادي ادريس لقناة النيل الأزرق أمس “أنا ضد تجميد او تعليق مسار شرق السودان وهذا ليس حلا وتجميد مسار الشرق سيفتح الباب لمزيد من المشاكل في المسارات الاخرى”, وأكد ان للشرق قضية حقيقية وعادلة واعترف بها الجميع, وقال ان الاقليم عانى من التهميش السياسي والاقتصادي, واضاف “للاسف الشديد الناس تنظر لاتفاق الشرق في الشخوص وليس فيما حققه الاتفاق لإنسان شرق السودان والاتفاق به ميزات كثيرة لشرق السودان منها قيام صندوق خاص لشرق السودان يتم فيه إيداع 300 مليون دولار لدعم التنمية في ولايات الشرق بالاضافة للتمييز الإيجابي لأبناء وبنات شرق السودان”, وزاد “يجب المحافظة على هذه المكاسب لأن هذا الاتفاق اتفاق مثالي استخدمنا كل تجاربنا لننتج اتفاقا سليما ويجب أن ننظر إليه بإيجابية كبيرة, كما يجب المحافظة عليه لانه خاطب كل القضايا السودانية خصوصا التقسيم العادل للسلطة والثروة والانتخابات والمؤتمر الدستوري والهوية وغيرها”, ومضى بالقول “لكن للأسف الشديد تمت شخصنته وقال اي إلغاء في هذا الاتفاق سوف يقودنا الى نتائج وخيمة”.

رد مخالف

وربما ظهرت بوادر اختلاف في وجهات النظر سريعا من كبير مفاوضي مسار الشرق عبد الوهاب جميل الذي قال مخاطبا الهادي إدريس “دعك من رفض التجميد يا دكتور الهادي, فأنت تعلم أن المسار مجمد اصلاً”, وأضاف “كنا نتوقع منك موقفا قويا ومشرّفا لصالحنا باعتبارنا رفاقك في الجبهة وكان حري بك أن تسجل موقفاً للتاريخ وترفض الجلوس في الموقع والكرسي الوثير إلا بعد تنفيذ اتفاق مسار شرق السودان باعتبارك رئيسا للجبهة الثورية”, مبينا انه يحترم وجهة نظر الهادي إدريس لكنها لا تفيد مسار الشرق في شئ حالياً بعد ان حدث ما حدث, وقال “احسم لنا الوضع في دارفور ذلك الجزء العزيز من السودان مع أمنياتي لك بالتوفيق”, وختم حديثه بالقول “لنا معك عودة وصولات وجولات يا سعادة رئيس الجبهة الثورية السودانية جناح الهادي”.

رؤية

وربما فسر الخبير القانوني المحامي ياسر عثمان موقف الهادي ادريس الرافض لتجميد المسار, مبيناً انه اتخذ الموقف خوفاً من مآلات التجميد على مسار دارفور وما يمكن ان يجره, مبينا ان الهادي أشار صراحة في حديثه الى ان اعادة الحوار حول مسار الشرق سيؤثر على بقية المسارات, وقال الهادي ينظر للبعيد خاصة وانه منشق في الاساس عن حركة عبد الواحد وان فتح مسار الشرق سيحتم فتح مسار دارفور حال عودة عبد الواحد محمد نور للحوار والتوقيع على اتفاق يضمن في اتفاق جوبا كما هو مخطط, وأشار الى ان كثيرين يرون ان اتفاق جوبا منح دارفور الكثير ومع ذلك فشلت قيادات الجبهة الثورية في احراز اي تقدم على الأرض رغم مرور عام على بدء تنفيذ الاتفاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى