إلى متى..؟

لا يتجادل اثنان، في أن السلطات التي تُمثّلها القوات المسلحة والدعم السريع والشرطة والأمن، تستطيع حسم الفوضى التي ضربت بأطنابها أجزاء واسعة من ولاية الخرطوم، وتستطيع كذلك إزاحة ما يُسمّى بالمتاريس وإغلاق الطرق حول ساحة الاعتصام وفتح الكباري والمعابر المختلفة.

 وظلّ المجلس العسكري كسلطة سيادية حاسمة يتعامل بصبر لا حدّ له ويتمسّك بالتحاوُر مع الجميع في الساحة السياسية خاصة قوى الحرية والتغيير بغية تكوين حكومة مدنية، ووضع ترتيبات إدارة الفترة الانتقالية، لكن يتضح كل يوم أن هذه المُعاملة الصبورة والمرونة المتساهِلة لم تُفهَم في مسارها الصحيح، واستغلتها المجموعات السياسية التي تعلم جيّداً أنها لا تعيش إلا في بيئة الخلافات والاضطرابات، فزادت مُعدّلات التجاوُز وانتشرت صور الفوضى، وتقف البلاد الآن على حافة الخطر لو لم تتصد القوات النظامية لهذه الظواهر الفالِتة وتُعيد الأوضاع إلى نصابها ..

لذا يتوجّب على المجلس العسكري الانتقالي، أن يتحرّك بسرعة قبل فوات الأوان، سواء كان عبر التفاوُض البنَّاء المُثمر لإنهاء الخلافات السياسية وإعادة الحياة إلى طبيعتها، أو بالتعامُل الحازِم وفرض هيبة الدولة وسلطانها وبسط قوة القانون، قبل أن تنزلق الأرجل جميعاً إلى وُحول المواجَهات والصدامات التي بدأت نذرها تظهر وتلوح …

مسؤولية المجلس تُحتّم عليه الأخذ بمبدأ أخف الضررين، إما أن نكسب جميعا دولتنا واستقرارها بحسم هذه الفوضى والإسراع بحفظ الأمن وحقن الدماء، أو يكسب المجلس ثلة من السياسيين المُتبطّلين الذين يسعون عبر تسخير الاعتصام لمصالحهم ولصالح طمعهم في السلطة ويُوهمون الناس بأنهم حُرّاس مطالب الثورة وهُم عرّابوها الكِبار ..

كل هذه الألسن السياسية الكذوبة التي تُلعلِع الآن وتدَّعي تمثيل الجماهير، منافقون.. طمّاعون.. مراءون.. خدّاعون .. لا همَّ لهم بالشباب المُتجمّع في مكان الاعتصام أو الذين يقطعون الطرق ويحرقون إطارات السيارات، وتحترق حناجرهم من الهتاف، هؤلاء السياسيون هم عَبَدة السلطة، فقط يتسلقون على رقاب وأكتاف الشباب، ليتسوَّروا مِحراب السلطة ويجلسون على كراسيّها، لا يمثلون أي مطلب جماهيري، إلا ما يضمن لهم مصلحتهم وذواتهم الخَرِبة، هم الأكثر جلبة وضجيجاً، يُحرّضون على الفوضى، ويسعون لإشعال البلاد ونشر الحريق فيها والنار لا تُبقي ولا تَذر ..

ليس هناك وقتٌ كافٍ، إما أن تصل جميع الأطراف إلى تفاهُمات تُنهي حالة العداء المستحكِم والكراهية والعنف الذي أطلّ برأسه، أو الطوفان، فالخيارات باتت ضئيلة وتكاد تنعدم في ظل محاولات ابتزاز الحرية والتغيير للمجلس العسكري وتهييج الشارع، وإذا أراد المجلس نهاية لهذه الابتزازات فليُشمِّر عن ساعِد الجد، ويكشف للشعب تواطؤ  مجموعات السياسيين وخبث مؤامراتهم وسعيهم المخبول نحو السلطة، ثم يُعلن المجلس عن ترتيبات تكوين حكومة مدنية من الكفاءات والخبرات السودانية المستقلة لترتيب الانتخابات خلال أشهر معلومات وبعدها (الحشاش يملأ شبكتو)، لا وقت نُضيّعه في انتظار ألاعيب القوى اليسارية ووكلاء الخارج وعناصر الحركات المُتمرّدة، كل وقتٍ يمضي سيكون أكثر شِدّة ويُقرّبنا من الكارثة، ونظن أن القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى تعلم علم اليقين المُخطّط الذي يُحاك ضد البلاد والقوى المُتربّصة بها، ونعلم جميعاً اجتماعات الغُرف المُغلقة بين هؤلاء السياسيين ومُدِّعي النضال وسارقي الثورات مع السفراء الغربيين وغيرهم والتنسيق معهم، وتلقّي المعلومات والأموال التي يأخذونها باسم الثورة والثوار ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى