خميس عبد الله أبكر والي غرب دارفور لـ(الصيحة): تولّيت مهامي والياً في وضع مؤلم

 

* سنمنع مسألة الفزع بمرسوم واضح

* المرأة في غرب دارفور مُحطّمة نفسياً

* ثلاثة أشهر بلا انفلاتات أمنية في الولاية

* ما حدث بشمال الولاية نتيجة قضايا مُتراكمة

* القضايا الشائكة بين السودان وتشاد تسبّبت في مشاكل

* لا أتوقّع ما حدث بجبل مون أن يتكرّر مرةً أخرى

* الأجهزة الأمنية بالولاية تقوم بدورها والمواطن لا يتعاون معها 

* لم ننجح في الوضع الإنساني لعدم تعاون المركز

* البرهان زار الولاية من قبل ولم يُحرِّك ساكناً

* لولا ذهابي ميناء بورتسودان واستلام الدعم الإماراتي لدخل غابة الخرطوم

 

ولاية غرب دارفور التي شهدت صراعات ونزاعات سياسية بثوب قبلي خلال العامين الماضيين تأثرت بأوضاع إنسانية كارثية، أدت لنزوح ما يقارب ثلاثة أضعاف نازحي معسكري “كدرينق وأبو ذر”، في ظل فشل المنظمات العاملة في الجانب الإنساني الإيفاء بتوفير مواد الإيواء، وبعد توقيع السلام كلّف رئيس التحالف السوداني، خميس عبد الله أبكر والياً لغرب دارفور  لعله يتمكّن من طي ملف تلك الصراعات وإعادة الأمن والسلام للولاية؟؟ فهل نجح في مهمته..؟

“الصيحة” طرحت للوالي خميس جُملةً من الأسئلة الساخنة وخرجت بالحصيلة التالية:-

حوار: فاطمة علي سعيد     6ديسمبر2021م

عقب مباشرتك وتوليك مهام الولاية ما هي أبرز الملفات التي بدأت بها؟

أولاً, شكراً للاستضافة ومرافقتنا الشاقة وتحمُّل الوضع في المناطق التي وقعت فيها الأحداث المؤسفة، ثانياً أنا تولّيت مهامي في وضعٍ مُؤلمٍ جداً تحديداً الوضع الأمني, وعندما أتيت الجنينة كان أول ملفاتي هو الملف الأمني والذي بالطبع يحتاج إلى مجهود وتكاتف الجميع, وحاولت جعل كل مكونات الأجهزة على مسافة واحدة, لذلك استطيع أن أقول بأنني نجحت في ذلك ولقد وضعنا ارتكازات أمنية في أماكن كثيرة، نجحت في الحد من الاحتكاكات, أيضاً عملنا في جانب آخر رغم تأخرنا وهو الموسم الزراعي، وكوّنا قوات مشتركة لحمايته أعطيناها مهام تأمين الموسم الزراعي ونجحنا رغم حدوث تداعيات، والجيد في الأمر إننا منذ ثلاثة أشهر لم نلتمس انفلاتاً بصورة كبيرة, صحيح هنالك اعتداء يحدث بين مزارع وراعٍ في مكان ما، لكن هذه هي طبيعة الحال في دارفور او اي مكان آخر، لكن ما حدث بشمال الولاية جاء نتيجة لقضايا متراكمة منذ فترة حكم الإنقاذ، والمنطقة التي زرناها صليعة كانت في يد قيادة حركات مسلحة, وهنالك من خرج بعد السلام وحتى بعد احتلال المنطقة ما عادوا إليها مرة ثانية، وفي النفس الوقت هناك قضايا شائكة بين تشاد والسودان. وتسببت لنا مشاكل.

نقول هناك مجرمون بين الناس يشتغلون لمصالح ذاتية هنا وهناك ويقوموا بنهب بهائم الناس وبعدها يحدث احتكاك, وما حدث في جبل مون بسبب قيام لصوص بسرقة إبل وآخرين سرقوا أبقاراً, ولا أتوقع تجدُّد الأحداث مرة أخرى، لأننا سنضع  تدابير واضحة ملزمة لكل المواطنين، كما إننا سنمنع مسألة الفزع, لأن البلد بها حكومة, ويجب أن يُبلِّغ من فقد بهائمه الأجهزة الأمنية وهم مسؤولون عن حمايته ومواشيه، سنصدر مرسوما واضحا لمنع الفزع حتى لا تحدث احتكاكات.

هل يمكن القول إنّ هناك تقصيراً من الأجهزة الأمنية بالولاية؟

لا يوجد تقصيرٌ, ولكن الأجهزة الأمنية يجب أن تُبلِّغ فوراً بأي خروقات لكي تتحرّك وتتصدّى للمشكلة, ولكن دائماً يحدث الفزع ويحاول الناس أخذ حقوقهم بأيديهم وهنا تحدث المشكلة, وعلى المواطنين كما ذكرت لك أن يقوموا بتبليغها لأنّ العملية متكاملة.

 إلى أيِّ مدىً يُؤثِّر انتشار قوات الحركات وتعددها بالولاية في الانفلات الأمني؟ وهل عدم تنفيذ بند الترتيبات الأمنية يمكن أن يؤدي لتمردها؟

إذا تحدثت عن الجيوش داخل المدينة فنحن مسؤولون عنها، نعم نقر, حدث تأخير في الترتيبات الأمنية وهو متعمد نوعاً ما، ولكن لا أتوقع أن يحدث تمرد مرة أخرى ونستطيع التحكم فيها.

حدِّثنا عن الوضع الإنساني بالولاية؟

صراحةً… وأكون صادقاً هذا الملف هو الوحيد الذي لم يحالفنا فيه النجاح نسبةً لظروف الولاية وعدم تعاون المركز للوضع الإنساني, أيضاً إمكانات المنظمات الموجودة بالولاية أصبحت محدودة لأنهم راصدون ميزانية لنازحين أصلاً موجودين بالولاية، لكن ما حدث مؤخراً جعل هناك ثلاثة أضعاف نازحين بالولاية، وإمكانات الولاية شحيحة ولقد استقبلنا مع آخرين قافلة كبيرة من الإخوة الإماراتيين ووصلناها الولاية, وسوف نبدأ توزيع ما نملكه ليخفف كثيراً من الضيق، وما لم ننجح فيه وجود النازحين داخل المؤسسات، لكن رغم ذلك حدثت تفاهمات من أهلنا النازحين الموجودين داخل المؤسسات وأبدوا رغبتهم بالعودة طوعياً،  وشرعنا في إفراغ المؤسسات من النازحين بوجود بعض مواد الإيواء وأخرى في الطريق, وأيضاً بعض المنظمات وعدت بتقديم مواد مقدرة، لأننا محتاجون فوق الـ٢٠ الف مواد إيواء، لذلك تأخّرنا ونقول إن الوضع الإنساني مستقر نوعاً ما مادام الأمن مستقر فقط محتاجون لإفراغ المؤسسات لكي تعمل دواوين الحكومة، وأيضاً نريد للمدارس أن تنطلق لتعليم التلاميذ.

ولقد زرت مناطق (كردينق، هبيلا، بيضة فوربرنقا، مستري، صلعية وكُلبس) والأمور فيها طيبة ونجتهد لتحسينها أكثر وأكثر والأمر يحتاج إلى دعم كبير لخلق استقرار كامل بالولاية.

* ماذا عن الترتيبات الأمنية بالولاية؟

مسألة الترتيبات الأمنية لها وجهان, قبل التوقيع كنا نسمع ان هناك أصواتاً رافضة للاتفاق نفسه داخل السلطة, لذلك كلما الناس تجتمع للحديث عن الترتيبات الأمنية نسمع بأنها تحتاج الى ميزانية, وتحديداً معظم الأصوات من الشق المدني تتحدث بعدم توفر موارد، الوجه الآخر تخوف لأنّ الاتفاق أعطى الحق لقوات الحركات أن تصبح جزءاً من المؤسسات الأمنية بالدولة ولكن لا مفر وضروري ان ينفذ الاتفاق، ولا عودة للحرب مرة أخرى.

حالياً وزير المالية هو جزء أساسي من مكونات الجبهة الثورية المُوقّعة اتفاق جوبا, هل تسمعون منه أيضاً عدم وجود ميزانية؟

وزير المالية اجتهد ونحن لسنا بعيدين عن د. جبريل وهو جزء أساسي لتنفيذ الاتفاق خاصةً بند الترتيبات الأمنية, ولكنه يعاني والمالية كمؤسسة موجودة, لكن المال ليس بيده.

بماذا تفسر حديث عضو الوساطة ضيو مطوك وصلنا  الخرطوم ولم نجد سلاماً وهناك جهات تعمل حواجز؟

لدينا ضعف في مكان ما وأيضاً هنالك تخوُّفٌ، وعدم قدرة على إدارة التنوُّع الكبير الموجود في السودان، وأيضاً هنالك الخوف وأي شخص يعتقد ان كل شيء حقه، ولهذا المطلوب المشاركة وأن نكون سواسية والابتعاد عن المصلحة الخاصة, نعم هنالك مَن هو ضد الاتفاق ولكننا جرّبنا الحرب ونعرف ضررها, والمطلوب من الجميع أن يعلموا أن الحرب تضر ولا تنفع.

هل تتوقع أن يأخذ رئيس مجلس السيادة قرارات جريئة لإنفاذ الاتفاق والترتيبات الأمنية خاصة بعد التغيير الذي حدث؟

تحدثنا بعد التغيير، تحديداً مع المكون العسكري حول تنفيذ بند الترتيبات الأمنية, وأكدوا اجتهادهم وذكروا بضرورة تنفيذ بند الترتيبات الأمنية مهما كلف الأمر، وحدث تفاهم كبير, وسنشرع في تنفيذ البند بالشكل المتفق عليه وتنفيذ بقية الملفات مثل ملف إعادة النازحين والمُصالحات, لكن دون توفير الأمن لا نستطيع أن نفعل شيئاً.

نعود للوضع الإنساني والوضع الصحي ومع دخول فصل الشتاء, فهل هناك اي اتصال بالمنظمات والتواصل مع المركز  لإسراع الخطى لإنقاذ النازحين بالجبل؟

صحيح الوضع سيئ واستمعنا للمواطنين بجبل مون، وهناك تحرك للمنظمات لمساندتهم وتقديم مُساعدات إسعافية، وخاطبنا المركز والرئيس البرهان نفسه زار الولاية ورأي الوضع لكنه لم يحرك ساكناً، شخصياً لا نعول على المركز كثيراً، وبعد إكمال زيارتي للمحليات سوف أذهب للخارج للبحث عن وضع أفضل للولاية، هناك تقاعسٌ من المركز بكل أجهزته وليس عدم إمكانيات ولا نستطيع أن نقول غير ذلك، وأقول في أحداث معسكر أبو ذر العام الماضي قبل أن أكون والياً, حاولت إرسال قافلة مواد طبية وغذائية للولاية مُباشرةً، لكن حكومة المركز رفضت إلا تقدم عبرها ووصلت القافلة الخرطوم ودخلت غابة المركز، لذلك ذهبت بنفسي واستلمت الدعم الإماراتي من ميناء بورتسودان ولولا ذهابي لدخلت الغابة أيضاً.

*أين الخلل ومن صاحب القرار, الشؤون الاجتماعية أم مجلس الوزراء، لنعرف الخلل والتعطيل؟

الخلل في الحكومة السابقة أي شخص يعتقد بأنه رئيس وهذه هي المشكلة.

مسألة التخلف القبلي, إلى أي مدىً يقف الناس خلف سلاح القبيلة, متى نخرج من ثورة التحرير إلى ثورة الوعي التي يحتاجها الإقليم؟ هل لديك  خُطط أو تصوُّر لحل المشكلة؟

نبدأ من الجنينة, لم يكن بها فندق رغم أنها معبر إلى غرب أفريقيا حتى فترة قريبة, ولم تكن هنالك قبلية ويمكن لأي شخص أن يستضيف آخر إذا وجده تائهاً, ويمكن لأي شخص أن يطرق الأبواب وتتم استضافته دون أن يُسأل عن لونه أو قبيلته, فلا يمكن القول إنهم في ذلك الزمان كانوا على قدر كبير من الوعي واندثر الوعي الآن, الحقيقة الآن هنالك تخلف سياسي وأشخاص مستفيدون منه, والحقيقة أيضاً أن الدولة السودانية بدأت خطأً, ولذلك لا أصبحنا من الأفارقة ولا من العرب ولا حتى قبلنا أنفسنا كسودانيين وأصبحنا ضائعين في المنتصف, ولهذا نريد أن نركز على المصالحات، ونفعِّل  اللجان مع بعضها البعض، وتفعيل السلام المجتمعي وندخل بيتاً بيتاً ونحارب الفقر والجهل.

*المرأة في دارفور غائبة ليس لها صوتٌ, متى يعلو صوتها؟

في اتفاقية جوبا خصّصنا لها نسبة٤٠ %.

 مقاطعة: لكل عملياً ليس لها وجود على ارض الواقع؟

سوف نعمل على تنزيله أرض الواقع.

المرأة في غرب دارفور محطمة نفسياً تحتاج لمجهود لإخراجها للمجتمع للاندماج وتصبح متفاعلة، لذلك حتى في الترتيبات الأمنية خاصة الشرطة مستهدفون المرأة أكثر من الرجل لسبب واحد أنها ظُلمت كثيراً ولا تستطيع أن تعبر عن مشاكلها، ايضاً الفهم والتغيير الكثير الذي حدث للمرأة ولدينا أكثر من رؤية في هذا الجانب ومن المهم أن نبدأ بدايةً صحيحة.

*هناك مبادرة قمتم بها قبل مجيئك الولاية للتعايش السلمي أين وصلت الآن؟

المبادرات تعمل وهي أحد إفرازات الهدوء الذي حدث, وهناك تعدد للمبادرات شبابية نسائية وأسماء مختلفة، ونحتاج لدمجها في مكان واحد وعقد مؤتمر.

بكم في المائة نُفِّذ اتفاق سلام جوبا؟

حتى الآن لم ينفذ سوى ١% من الاتفاق ومرّ عامٌ، وفي كثير من الأوقات أقول إن السودانيين جميعاً يستطيعون توقيع اتفاق ولكن لا يستطيعون التنفيذ.

ظل رئيس التحالف السوداني خميس عبد الله صامتاً منذ ما قبل ٢٥ اكتوبر وحتى بعد ذلك فلماذا الصمت؟ وماذا عن الإعلان السياسي بين البرهان وحمدوك؟

لا لم أكن صامتاً وتحدثنا كثيراً, لا بُدّ من تغيير وفي ذلك الوقت لم أكن والياً وكنت عضواً بمجلس الشركاء، وما حدث كان ينبغي أن يحدث منذ الأول, وبصريح العبارة لا أحد له تفويض مُطلقٌ من الشعب أو عبر انتخابات وهي فترة انتقالية تحتاج لإدارة صحيحة بالحوار والوفاق السياسي لتخفيف مُعاناة  الشعب، لذلك نبارك الخطوة.

كلمة أخيرة..؟

نشكر “الصيحة” وزيارتكم لنا لمنطقة جبل مون ونتمنى مرافقتنا للمناطق الأُخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى