محمد عثمان الرضي يكتب : ثورة العظماء

الشعب السوداني ضرب أروع أنواع الأمثلة في التفاني ونكران الذات والوطنية الخالصة، وأرسى أركان الوطنية الحقة بتقديم التضحيات الجِسَام من أجل أن يكون السودان في مقدمة الدول.
لا يتغالط اثنان في حب السودانيين لوطنهم ومما يؤكد ذلك سقوط أرتال من الشهداء وإصابة المئات من الجرحى من أجل رفعة وتقدم السودان والحفاظ على ترابه الغالي التي وصى بها الأجداد الأحفاد.

الحفاظ على السودان ووحدة أراضيه من الأولويات القصوى التي لا يجامل فيها أهل السودان ويبذلون في ذلك النفس والنفيس والمهج والأرواح من أجل أن يكون السودان حراً مستقلاً ودولة ذات سيادة.
حب الوطن خط أحمر لا مجاملة ولا مساومة ولا تهاون فيه مهما كلف الثمن ولا يتأتى ذلك إلا بالمزيد من التضحيات الجسام وتسقط كل الرتب والألقاب في حضرة الوطن.

الاستقواء والاستعانة بالأجنبي في شؤوننا الداخلية أمر في غاية الخطورة وتترتب عليه آثار كارثية ويظهر ذلك جليًا في انعدام الإرادة السياسية الوطنية، إلى جانب انعدام الثقة ما بين القيادات السودانية التي تلجأ في كل صغيرة وكبيرة لتجد الحلول من المجتمع الدولي.
التدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية يضعف من فرص نجاحنا في إدارة البلاد، ويخلق صورة ذهنية سالبة للمجتمع الدولي بأننا عاجزون في حلحلة مشاكلنا وهذا من شأنه أن يوردنا موارد الهلاك.

المرحلة القادمة للشباب في قيادة دفة الحكم، لأنهم الفصيل المتقدم في صناعة ثورة ديسمبر المجيدة، وهم من ضحوا بدمائهم الطاهرة من أجل أن تصل الثورة إلى غاياتها النبيلة، ولكن لا يتأتى ذلك إلا من خلال رؤية واضحة المعالم ومن خلال برنامجٍ مدروسٍ.
الشخص العاقل والراشد يوزن الأمور بعقله ويقدم المصلحة العامة على الخاصة، عكس الذي يفكر من خلال العاطفة وينظر إلى تحت قدميه، فلذلك لا يصلح في تقدم الصفوف وقيادة الناس، لأنه غير مؤهل لهذه المهمة الحسّاسة.

قيام ثورة وإمكانية نجاحها أمر ساهلٌ، ولكن الصعوبة في الحفاظ عليها حتى نهايتها وتحقيق أهدافها بأقل الخسائر الممكنة.
الشعب السوداني معلم الشعوب في تنظيم الثورات في شتى دول العالم، وصار بذلك أنموذجاً يُحتذى به ومضرباً للأمثال في تقدم الوعي وتحريك الشارع كيفما شاء ووقتما شاء.
الدولة المدنية المتقدمة تُبنى بسواعد أبنائها وحمايتهم لها صمام أمانها ديمومتها واستمرارها، فلذلك الشباب من أهم مكوناتها وأحد أعمدتها الرئيسية.

قيادة الشباب الراشد والواعي والمدرك للمرحلة القادمة من عمر البلاد فرصة ذهبية نادرة، يمكن من خلالها الخروج من عنق الزجاجة.
الحماس الزائد من دون وعي وفهم، والاندفاع نحو المجهول لا يقودنا إلى الإمام، بل يعود بنا إلى المربع الأول، ويدفع بنا إلى الدرك السحيق.
الإقصاء وعدم الاعتراف بالآخر أمراض مزمنة، ظل يعاني منها الجسد السياسي السوداني منذ زمن طويل وما لم يتعاف منها من الصعب العبور إلى الأمام.

السودان بلد واعد ويمتلك إمكانيات اقتصادية مذهلة، وبقليل من الجهد المدروس يمكن أن يكون في مصاف الدول المتقدمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى