صلاح الدين عووضة يكتب : نصف كلمة!

13 يناير 2023
أو مني النصف..
ومنكم؛ أنت… وهي… وهو… وجميعنا… النصف الآخر..
النصف المكمل لنصفي السردي هذا..
وذلك من أجل أن نسمو فوق الصغائر العصبية… والقبلية… والجهوية… والعنصرية..
وما أبرئ نفسي – الأمّارة بالجهل – من نصف الذي أتحدث عنه..
بمعنى أنني لا أتحدث كواعظ… من على منبر وعظ..
ولكن هذا ما يتّسق ومنهج الدين؛ ويتماهى وقيم الحضارة..
وإليكم نصف كلمتي في شكل قصة… قصة حقيقية تماماً؛ ولها – دون شك – أشباهٌ وأشباهٌ..
فقد تخرّج طبيباً في جامعة الخرطوم..
وهو من أبناء منطقةٍ بشمال بلادنا؛ حيث يجري النيل منحنياً… وبعض الموروثات كذلك..
ولكنه من الذين لا مصاهرة بينهم وبين غالب أبناء المنطقة هذه..
ونحجم عن الشرح أكثر مراعاة لخطوط حمراء ليست سياسية؛ بل اجتماعية… ونفسية..
فوضوح الشرح قد يأتي – أحياناً – بنتائج عكسية..
وأراد أن يُكمل نصف دينه؛ بعد أن أكمل كل تعليمه..
بيد أنه لم يشأ النظر أفقياً؛ في مساحة أهله… وأسرته… وعشيرته… ومن يحملون جيناته..
بل رأسياً؛ تطلعاً لمن رأى إنه ارتقى إلى مصافهم..
أو – على الأقل – دنا منه؛ مُستعيناً في ردم الهوة الافتراضية بشهادة ظنها تشفع له..
الشهادة هذه؛ وعملٌ صالح اشتهر به مذ كان يافعاً..
ومفردة مصاف هنا لا تُفهم إلا من زاوية ما هو مشاع من مفاهيم بين الناس؛ كل الناس..
وطرق بيوتاً عدة في تلكم المنطقة؛ طلباً للقرب..
فكان البعد – أو الإبعاد – هو مصيره عقب كل طرق؛ بتهذيبٍ حيناً… وتجريح أحياناً..
وقاده الطواف – آخر المطاف – إلى بيت وجيهٍ… ابن وجيه..
وليس لأنه جُن؛ وإنما العكس تماماً… فقد كان في غاية التعقل وهو يطرق طرقته الأخيرة..
فالوجيه – ابن الوجيه – هذا له زوجتان..
إحداهما من اللائي ينظر إليهن بطل نصف كلمتنا هذه رأسياً؛ والأخرى من ذوات الأفق..
أو من ذوات السطح الممتد على مستوى أفق وضعه الاجتماعي..
وضعه هذا الذي لا يد له فيه؛ وإن كان له يدٌ في أن يرضى به – كقدر محتوم – أو يأباه..
فصوب بطلنا نصف دينه صوب إحدى بنات زوجة الوجيه الأفقية..
فكانت المفاجأة – له قبل الآخرين – أن تم صده أيضاً؛ فالعبرة هنا بالأب…. لا الأم..
وانتهت نصف كلمتي؛ وكل قصتي..
ولا ندري ماذا فعل صاحبنا – ذو الخلق… والشهادة… والعمل الصالح – بنصف دينه..
وكل مأساته!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى