طارق أبو تبيان يكتب :حتى متى يظل المجتمع الدولي مُتفرِّجاً على أدوار قُوّاتنا المسلحة في مُكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية؟!

 

5ديسمبر2021م

ظلت القوات المسلحة السودانية (قوات الدعم السريع) تنتشر بصورة كثيفة في الشريط الصحراوي المتاخم لدول (مصر, ليبيا وتشاد) وهي تتابع عن كثب الظواهر والممارسات اللا إنسانية التي ظل يمارسها معتادو الاجرام المختصون في تجارة الحدود (التهريب).

 

الموقع الجغرافي الشاسع للسودان جعله يكون من أهم المعابر البرية التي تنشط فيها التجارة العابرة للحدود، مع انشغال اجهزتنا النظامية (جيش .. شرطة.. أمن) بمشكلاتها ومشكلاتنا الداخلية، الأمر الذي يحتم عليها العمل فوق طاقتها, وإلا فإن عملية مراقبة الحدود والطرق التجارية الدولية بين بلدان الجوار الأفريقي تعتبر عمليات بها نوع من المشقة وان الفاتورة اللوجستية لمقابلة هذا الأمر باهظة التكاليف، لا تستطيع حكومتنا  الوطنية الحالية المنهكة بالديون  من الإيفاء بسدادها وهي منذ ازمان طويلة ظلت تعاني وتشكو من انعدام السيولة مع انعدام الإعانات والهبات والدعم من منظمات المجتمع الدولي والإقليمي.

 

إن واقعية القوات المسلحة الوطنية جعلتها تفي بأدوارها الدستورية في الحفاظ على البلاد من المهددات والممارسات الأمنية التي تنشط بها الجماعات المسلحة في الحدود، فبالتالي تحتاج القوات المسلحة لتفعيل دور التنسيق مع الأجهزة الأمنية العالمية والإقليمية لدراسة ومناقشة مسألة تقديم الدعم والاسناد اللازمين للقوات المسلحة السودانية لكي تستمر في تقديم إسهاماتها المباشرة بالحفاظ على دعم (السلم والأمن الدولي) بالمنطقة.

 

 

المتتبع لمسيرة الانفتاح على طول الحدود الصحراوية التي تنتهجه  تلك التشكيلات والتعزيزات العسكرية التي ظلت على الدوام ترسلها قوات الدعم السريع من حين لآخر بغرض تأمين وحراسة حدود الوطن والحد من الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب السلاح والذخائر والمتفجرات والجماعات الإرهابية التي تحاول استغلال عدم استقرار الاوضاع السياسية الداخلية بالبلاد, يتيقن له بأن الوطن يحرسونه ابناؤه الشرفاء الذين سالت دماؤهم فداءً للوطن ومازالت مسيرتهم ماضية، بالمساهمة الفاعلة التي قادت الى نتائج ملموسة، اعترفت بها منظمات الامم المتحدة، لكن مع بروز وازدياد حالات خلق الجفوة بين القوى الوطنية ، التي يسعى لها المرجفون عبر حملات التشويه وتبني خطابات الكراهية التي تنتجها جهات سياسية، ظلت باستمرار تسعى للوصول الى مصالحها الحزبية على حساب (جيشنا الوطني) الذي اكدت الشواهد والأحداث المعاصرة بأنه يستحق منا الالتفاف وتوحيد جبهتنا الداخلية حتى نكون على استعداد دائم لمواجهه الاخطار الخارجية التي تتربص ببلادنا والتي تحركها الاطماع الخارجية التي تهدف لتفكيك قوة دفاع الوطن صاحبة التاريخ المشرف.

إنّ قوات الدعم السريع برغم حداثتها، برهنت للعالم الخارجي قدرتها العسكرية بتقديم  المساعدة الكبرى لدول أمريكا وأوروبا  في قضاياها الدولية التي  ظلوا على الدوام يشكون منها (الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات)، وان مساهمة قوات الدعم السريع تمثلت في انفتاحها بنقاط وقواعد عسكرية منتشرة على طول الشريط الحدودي مع ليبيا ومصر وتشاد.

بالإضافة لتجربة القوات المشتركة السودانية التشادية التي مازال تطبيقها مع الجارة تشاد يقود إلى نجاحات كبيرة, ظلت محل فخر واعتزاز بين مسؤولي البلدين.

المهتمون بمتابعة الأوضاع الامنية في العالم يجدونها تأثرت تأثيراً مباشراً، بالمتغيرات الاقتصادية التي خلفتها (جائحة كورونا) وبرزت ازمات وخوانق مالية ضربت الدول الكبرى, وبالتالي فإن مسألة شح وضعف الامكانات المادية هي حالة عامة، يجب ان يتعامل معها المسؤولون السودانيون بشئ من الواقعية ، ويرفعون اصواتهم مطالبين المجتمع الدولي والإقليمي بالمساهمة في توفير الدعم المادي والعيني وهي مطلوبات لوجستية عاجلة بمقدور الدول الأوروبية والأمريكية توفيرها (أجهزه اتصال حديثة – التقانة الفنية – البنية التحتية الأساسية).

لأن المتابع لأداء قوات الدعم السريع على حدود البلاد يلاحظ بانها تعمل في ظل ظروف صعبة وفي بيئة صعبة تفتقد لأدنى مقومات الحياة وكذلك بلا أدنى اهتمام وتقدير المجتمع الدولي والإقليمي، الذي  باعتباره المُستفيد الأول من إغلاق منافذ تهريب تجارة البشر والسلاح بالمناطق الحدودية.

بالرجوع إلى محاضر وتوصيات المؤتمرات الدولية، نلحظ هناك وجوداً لمؤشرات ونسب مقاييس عالية أعلنتها منظمات المجتمع الدولي والإقليمي، منها تأكيدات رسمية وردت في البيانات الختامية لمؤتمرات الأمم المتحدة التي انعقدت في السابق وتناولت بالنقاش المستفيض (طرق مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية) وهي تحمل إشارات إيجابية مباشرة تؤكد دور السودان المحوري في انحسار عملية تدفق (المهاجرين الافارقة) الى دول أوروبا وأمريكا.

ومن اهم اسباب الانحسار كما هو معلن هي السيطرة على زمام الأمور بالصحراء الشمالية الغربية للبلاد منذ بداية العام ٢٠١٦م الى يوم الناس هذا والتي لعبت قوات الدعم السريع دوراً مهماً في ذلك.

 

فبرغم كل هذه الاعترافات الدولية الممتازة للأدوار التي ظلت تقوم بها قوات الدعم السريع، إلا أن المجتمع لم يف بالالتزامات التي أشار إليها في اللقاءات الثنائية سابقاً، عندما أكد بانه سيقوم بمهام التدريب وملتزم بتقديم الدعم الفني والتقني لقواتنا السودانية، كي تظل ماضية في جهودها وأداء واجباتها ومهامها بصورة أفضل مما هي عليه الآن.

 

كما ان عملية تواصل واستمرار قوات الدعم السريع في دعم السلم والامن الدوليين بالطريقة الحالية بدون إيجاد الدعم من المجتمع الدولي والإقليمي ، فيه إنهاكٌ للقوات ومصحوب بمخاطر كبيرة ، يجب أن تجد المراجعة والتقييم من قيادة الدولة التي تقوم بانفتاحات عسكرية حدودية لمحاربة تجارة البشر لمصلحة دول المصب التي تنتظر مساعدة دول فقيرة كالسودان لكي تحد منها الهجرة غير الشرعية ومع ذلك هى لا تعطي أدنى اهتمام لهذا الدور.

 

المستمع الجيد للمؤتمر الصحفي الذي اقامته قوات الدعم السريع والذي سرد فيه كل من مدير دائرة العمليات والناطق الرسمي باسم القوات، كثيراً من المعلومات المغلقة والمهددة لاستقرار البلاد ويجب على قيادات الدولة أن تولي ذاك المؤتمر الأهمية الكاملة وان تضع المعلومات الواردة موضع المناقشة والتحليل وتحاول استخدام علاقاتها الخارجية لفتح منافذ ومجالات للتنسيق مع المجتمع الدولي والإقليمي حتي نجد حلولاً مناسبة تمكن قواتنا الوطنية من القيام بدورها على أكمل وجه.

ويجب أن لا تمر المعلومات المخيفة التي وردت بحديث اللواء عثمان محمد حامد مدير دائرة العمليات بالدعم السريع مرور الكرام، مع علمنا بأن استقرار السودان سياسياً واجتماعياً واقتصادياً يمر بمنعطفات تباعدية، تتطلب منا تغليب مصلحة الوطن على المصالح الحزبية والمصالح الشخصية, وبالتالي يجب على كل الفاعلين العمل سوياً لإخماد عملية التهاب الجبهات الداخلية سواء كانت الصرعات والنزاعات القبلية بشرق السودان وغربه وجنوبه، او حالة عدم التوافق الوطني التي تشعلها احزابنا السياسية وكلها تصب وتمضي في اتجاه تحقيق مصالح واهداف خارجية، المتسببون فيها هم منتفعون داخليون ظهرت حقيقتهم للشعب عقب ثورة الإصلاح في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م  والتي أفضت إلى توافق سياسي جديد لا بد لنا جميعاً كسودانيين من قبوله بغالبية كبيرة بعدما وجد قبولاً خارجياً عزّزته خطابات التأييد الدولية والإقليمية.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى