أحمد موسى قريعي يكتب : الإسلام السياسي.. يوميات البارود والدم (31)

3ديسمبر2021م 

اتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال (3)

المرحلة الرابعة: مرحلة التمكين والاتحاد

علمنا في الحلقات السابقة أنّ محاكم شمال وجنوب العاصمة قد لعبت دوراً كبيراً ومهماً في سد الفراغ الأمني والقانوني في العاصمة، واستطاعت أن تحد من النفوذ القوي لأمراء الحرب، وتجنب العاصمة مغبة الانهيار.

ساعد نجاح تجربة محاكم العاصمة على انتشار المحاكم الإسلامية في كل مُدن ومُقاطعات الصومال وهكذا نشأت المحاكم الإسلامية الشرعية لتقوم في أول عهدها بدور القضاء, ثم سرعان ما استطاعت الهيمنة الكاملة على جميع مفاصل الدولة الصومالية.

بلغ عدد المحاكم الإسلامية المُكوّنة لاتحاد المحاكم في الصومال (24) محكمة مختلفة في توجهاتها وانتماءاتها القبلية والدينية، فهنالك (11) محكمة تُخضع بصورة فعلية لسيطرة التيار المُعتدل، و(3) محاكم كانت من نصيب التيار المتشدد، و(10) محاكم كانت تُخضع لسلطان قبيلة “الهوية” أو الهاوية التي كانت تسيطر على العاصمة مقديشو.

وهنالك بعض المحاكم المُستقلة التي لا تربطها أية صلة تنظيمية باتحاد المحالكم الذي كان على رأسه الشيخ “شريف أحمد شريف” زعيم التيار المعتدل.

تأسّس اتحاد المحاكم الصومالية في العاصمة مقديشو سنة 2005م تحت اسم (المجلس الأعلى لاتحاد المحاكم الإسلامية), حيث كان نصيب العاصمة من هذا الاتحاد (11) محكمة تمثل ميزان الخير والاعتدال.

حتى يُمكن الاتحاد لنفسه في أرض الصومال، فقد اتبع سياسة (عدم الصدام) مع أمراء الحرب إلى حين بناء جيش قوي من مليشيات القبائل التي تدعمه، وبالفعل استطاع أن يبني قوة مسلحة قوامها أكثر من (خمسة آلاف) مُقاتل مُسلّح يجيد فن القتال وحذ الرقاب، فقد تسارع الشباب المتدين لوضع نفسه تحت إمرة الاتحاد حتى يُصبح مقاتلاً في سبيل الله، فإما أن ينال الشهادة أو يقتل أعداء الله من الكفرة والطواغيت.

مؤتمر أسمرا وتوسيع قاعدة اتحاد المحاكم

في شهر سبتمبر سنة 2007م, تم عقد مؤتمر في العاصمة الإريترية أسمرا، شاركت فيه كل فصائل المعارضة الصومالية الرافضة لحكومة الرئيس “عبد الله يوسف” المؤقتة الموالية لإثيوبيا.

تم في هذا المؤتمر توسيع قاعدة المحاكم لتضم شرفاء المعارضة من القوميين والوطنيين تحت اسم تحالف “إعادة تحرير الصومال”, إلا أنّ شباب اتحاد المحاكم قاطع هذا التحالف واعتبره اتحاداً “للكفرة والعلمانيين”.

في سنة 2008م, انقسم تحالف “إعادة تحرير الصومال” إلى جناحين الأول جناح “جيبوتي” بقيادة الشيخ “شريف أحمد” رئيس الاتحاد، والثاني جناح “أسمرا” بقيادة الشيخ “حسن طاهر عويس” رئيس مجلس شورى الاتحاد.

في نفس السنة, بدأ جناح الرئيس “شريف” تفاوضاً تحت رعاية الأمم المتحدة مع حكومة الرئيس “عبد الله يوسف أحمد” المؤقتة، في المقابل اعتبر جناح “عويس” هذه الخطوة تنازلاً مجانياً لا يُمكن الاطمئنان إليه، إلا أن شيخ شريف واصل في عملية التفاوض إلى أن تم توقيع اتفاقية بينه وبين الحكومة المؤقتة من أهم بنودها:

– خروج القوات الإثيوبية من الصومال خلال ثلاثة أشهر.

– تشكيل حكومة وحدة وطنية، وزيادة عدد أعضاء البرلمان إلى (275) عضواً.

ثم جاءت فترة تمكين اتحاد المحاكم برئاسة شيخ شريف، وذلك عندما تم انتخابه رئيساً للصومال في الانتخابات التي جرت في شهر يناير من سنة 2009م.

واجهت حكومة شريف, جُملة من التحديات على رأسها مُعاداة حلفاء الأمس له، حيث تم اتهامه بالعمالة والتخوين والردة والكفر، نتيجة لذلك أعلنت (4) محاكم كانت تنتمي لحركة “الاتحاد الإسلامي” خروجها من الاتحاد وتشكيلها تحالفاً جديداً عُرف باسم “الحزب الإسلامي” بقيادة الشيخ “عمر إيمان” لمُواجهة حكومة الرئيس شريف، وقد ضم هذا التحالف جناح “الشيخ عويس” المعروف باسم جناح “أسمرا” بالإضافة إلى “الجبهة الإسلامية”، و”رأس كمبوني”، و”معسكر عانولي” سوف أتحدّث عن هذه الحركات بالتفصيل في الحلقات القادمة.

يتبع…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى