النيل الأزرق .. العائدون.. هُموم البحث عن مقومات الحياة

تقرير/ فريد الأمين     1ديسمبر2021م

ظلت قضية التعليم من القضايا التي تجد اهتماما كبيرا وسط قطاعات المجتمع بولاية النيل الازرق لا سيما  بعض المناطق التي تحسب من المناطق السياحية والجاذبة للاستثمار, اضافة الى وصفها كمناطق رعوية نسبة لأنها غنية بتنوعها الشجري والبشري في ظل تعدد الإثنيات التي تقطن بهذه المناطق، ولعل هذه المجتمعات تضم أغلب العائدين من معسكرات اللجوء بإثيوبيا عقب توقيع اتفاقية السلام مؤخراً، لكن أغلب العائدين الى الإقليم وجدوا اوضاعا قاسية في مناطقهم وقراهم التي سبق ونزحوا منها، حيث زارت (الصيحة) هذه المناطق واستمعت الى شكاوى العائدين عن، تدهور التعليم في مناطقهم، والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشوها, وطالبت حكومة الولاية بالتدخُّل لتوفير بيئة تعليمية لأطفالهم، ومقومات صحية لهم.

جبل حماد

تعتبر منطقة جبل حماد في الحدود المتاخمة للولاية وتضم تجمعا للعائدين من اثيوبيا والنازحين, الذين تركوا ديارهم منذ العام 2011 ومنهم من هجرها بسبب الحرب, وتضم منطقة جبل حماد خمس مناطق وهي (ماريو عرديبة وأبو المخالف وكمبال ويا غرو والمان) وتبعد حماد من اثيوبيا حوالي 20 كيلو متراً ومن حاضرة الإقليم حوالي 110 كيلو مترات, وقال الشيخ محمد مصطفى لـ”الصيحة”, إنّ المنطقة تعيش ظروفا اقتصادية صعبة كعائدين ولا تتوفر فيها أبسط الخدمات الأساسية من تعليم وصحة، وتضم نازحين وبعض اللاجئين، وقال إنّ بعض المدارس والتي تم تأسيسها من المواد المحلية (القش)، ولكن تفتقر الى وجود المعلمين، ولا يوجد مركز صحي وان مصدر المياه الوحيد هو النيل الأزرق, وان المسافة بين المنطقة والنيل تبلغ حوالي كيلو, موضحاً أنّ بابور الماء الوحيد والذي أسِّس بجهد شعبي خاص لأهالي المنطقة سُرقت ألواح الطاقة الشمسية والبطارية قبل فترة.

البنية التحتية

يقول أحد أعيان المنطقة، انور موسى لـ”الصيحة”, ان هنالك انعداما تاما  للبنية التحتية للمدرسة ولا توجد بها حمامات وان عدد الفصول الدراسية خمسة, اضافة لفصل رياض الأطفال، وأردف بان القوة العاملة بالمدرسة ثلاثة معلمين فقط ولا توجد أي معينات، واكد عدم استجابة المحلية والوزارة لمطالب المنطقة، واردف: هنالك تسرُّب للطلاب من المدرسة وان حوالي 300 طالب و160 طالبة ذهبوا لمناطق التعدين (البنات يعملن بالغربال والأولاد في الحفر) والتجنيد بالشرطة والجيش.

منطقة (المان)

في المُقابل, زارت (الصيحة) منطقة (المان) وهي تبعد 15 كيلو متراً من إثيوبيا وتضم عائدين من إثيوبيا وبعضهم رجع بعد عودته نسبةً لعدم توفر الخدمات الأساسية هناك ، وفي زيارة سابقة للوالي السابق كان قد وعدهم بحلحلة  مشاكلهم ولكن حتى اليوم لم تر النور، حيث روى الشيخ سليمان  نمر فرح بحسرة لـ”الصيحة” ما حدث لمنطقة المان إبان اشتعال الحرب سنة 2011م عندما نزح عدد كبير من سكان المنطقة إلى إثيوبيا، وقال: عدنا وكنا نأمل أن نجد مدارسنا والمركز الصحي.. لكن وجدنا  الدمار بالمدرسة فتمت سرقة الأسقف (الزنك, الكمر, الأبواب, الشبابيك والإجلاس) اضافةً الى المركز الصحي تم نهبه كاملاً.. ويضيف ان العائدين من إثيوبيا حوالي (5) آلاف نسمة، لكن لم يجدوا أي مقومات للحياة، من مدرسة صالحة للتعليم أو مركز صحي أو مياه الشرب.. واوضح: حتى مضخات المياه والآبار معطلة.
أما المواطنة فاطمة جاموس قالت إن اوضاع النساء بالمنطقة صعبة وتنتشر ظاهرة زواج القاصرات وحرمان البنات من التعليم.. وناشدت اهالي المنطقة للاتفاق والسعي لإيجاد الحلول اللازمة.

عدلان شلبي مساعد طبي بالمركز, قال إنّ الحرب أحدثت دماراً شاملاً للمركز الصحي وتم نهب كل المعدات، ولم يزر العائدين اي مسؤول حتى اليوم.

ولعل منطقة (شجمو الكدالو) لا يختلف الحال فيها عن بقية المناطق, حيث تعتبر المنطقة ممتدة داخل محمية الدندر الطبيعية وهي منطقة تحيط بها الجبال والأشجار تبعد 2 كيلو مترمن دولة إثيوبيا.. تحدث سكانها لـ”الصيحة” عن انعدام الخدمات الأساسية للإنسان وان المركز الصحي لا يُوجد به معمل ولا صيدلية وأن المساعد الطبي يأتي اليهم ثلاث مرات في الأسبوع.. وإن مدرسة شجمو الكدالو مبانيها من المواد المحلية القش وبها ستة فصول وثلاثة معلمين فقط.. شيخ شجمو الكدالو قال: لم نجد الجدية من قبل الوزارة والمحلية ورفعنا لهم عددا من الشكاوى ولم نجد الرد.

“الصيحة” حملت هذه المشاكل وتوجّهت به إلى محلية ود الماحي وقابلت  أحد مسؤولي التعليم الذي رفض ذكر اسمه, وأفاد بأن مشكلة العائدين واللاجئين بالمنطقة لا بد من الاهتمام به.. وأوضح أن نقص المعلمين  وعدم وجود البنية التحتية للمدارس والكتاب المدرسي مسؤولية وزارة التربية والتعليم, وهي التي أصبحت تعتمد بالكامل على المنظمات, وإن الوزارة لا تُقدِّم خدمات الكتاب المدرسي.. وأضاف أنّ المهنة أصبحت طاردة نسبةً لضعف الرواتب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى