أحمد موسى قريعي يكتب : الإسلام السياسي.. يوميات البارود والدم (26)

28نوفمبر 2021م 

الإخوان المسلمون والحركة الفكرية في إثيوبيا (3)

التغلغل التنظيمي لجماعة الإخوان المُسلمين في إثيوبيا

لم تنقطع تلك العلاقة الغامضة بين “إخوان مصر” والحركة الفكرية في إثيوبيا، بل تحقق الاتصال والتواصل التنظيمي والفكري بينها عبر قنوات وروابط  ثقافية وسياسية وعسكرية كثيرة يمكن أن نحصرها في الآتي:

أولاً: الوجود التاريخي لإخوان مصر في إريتريا

جميعنا يُدرك أن لجماعة الإخوان المصرية وجوداً تاريخياً في إريتريا كان له تأثير كبير على إثيوبيا باعتباره جزءاً أساسياً من النسيج الاجتماعي والسياسي في إثيوبيا، خير شاهد على وجود هذا التأثير الإخواني الإريتري “جمعية الشبان المسلمين الإثيوبية” التي تأسّست سنة 1992م والتي تم عبرها تغلغل الإخوان في إثيوبيا رغم تبعيتها إلى “الندوة العالمية للشباب الإسلامي” المدعومة من الحركة السلفية الوهابية في السعودية.

ثانياً: الكتابات والأدبيات الإخوانية

تعتبر الكتابات والأدبيات الفكرية رافداً مهماً في تغلغل الوجود الإخواني في إثيوبيا، بل إنها كانت المدخل المباشر لهذا التغلغل، فقد ساهمت مجلات “الدعوة”، و”بلال”، و”المنار” بدور كبير في نشر الفكر الإخواني وسط المجتمع الإثيوبي، بجانب هذه المجلات فقد تأثّرت الحركة الإخوانية في إثيوبيا بخطب وكتب شيوخ الجماعة في مصر ولبنان خاصةً كتابات المؤسس”حسن البنا” وداعية التكفير والحاكمية “سيد قطب” و”فتحي يكن” مؤسس حركة الإخوان في لبنان، بل إن هذه الكتابات شكّلت المبادئ الفكرية الأساسية للخطاب الديني لإخوان إثيوبيا خاصةً بعد انفصال إريتريا واستقلالها الرسمي سنة 1993م.

ثالثاً: الجمعيات والشخصيات السودانية

هنالك مجموعةٌ من الجمعيات الفكرية والثقافية، وبعض الشخصيات المحسوبة على نظام الحركة الإسلامية المخلوع في السودان قد قامت بدورٍ كبيرٍ ساعد على ترسيخ التغلغل الإخواني المصري في إثيوبيا.

رابعاً: الترابط الفكري

اهتمت جماعة الإخوان بنشر أفكارها ومبادئها وسط طلاب الجامعات والمدارس الإثيوبية، بالإضافة إلى بعض المثقفين والأكاديميين والمهنيين، وهذا يعني أن الجماعة اختارت النشأة “الفوقية” القائمة على “النخبة المثقفة” على عكس تنظيماتها الفرعية التي نشأت بشكل “قاعدي” في كثير من بلدان العالم.

بالرغم من وجود هذا الترابط الفكري الواضح, إلا أن هنالك ضبابيةً وخلافاً تنظيمياً حول تبعية إخوان إثيوبيا إلى إخوان مصر، ظهر هذا الخلاف بشكل علني عند الممارسة العملية، إذ حرص إخوان إثيوبيا تمسُّكهم بالقيم والمبادئ الإخوانية وابتعادهم عن العمل السياسي، وبالتالي اختارت “الاعتدال” ربما بصُورة براغماتية لتُحافظ على ذات المسافة بين الجميع، الأمر الذي مكّنها من لعب دور الوسيط بين الحكومة وبعض فئات المجتمع المُسلمة، وبين المُسلمين وغيرهم من جانب آخر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى