الخلايا الإرهابية.. ظهور بأمر الاعتصام

تقرير: النذير دفع الله

تكررت عمليات ضبط الأسلحة مؤخراً بصورة كبيرة وملفتة، مع إعلان حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس المخلوع  منذ مارس الماضي، ولكن كثيرًا من الناس تولدت لديهم بعض الشكوك أن تلك الضبطيات ما هي إلا واحدة من سيناريوهات النظام السابق لإخافة الناس من أن هنالك جهات تستهدف أمن البلاد خاصة تلك الضبطيات التي تحمل إيحاءات غير منطقية أو مقبولة، ولكنها كانت تجد حظها من الإعلام والانتشار بالحشد لتلك الضبطيات، ولكنها اختفت تماماً مع عدم وجود انتشار أمني كبير، وعدم وجود حكومة تقوم بمهامها كاملة.

وبين هذه الظروف، استطاعت  قوات الدعم السريع وضع يدها على خلية إرهابية تمتلك أنواعاً مختلفة من الأسلحة والأحزمة الناسفة والقنابل الرقمية والتفجير من بعد، يقول عنها البعض إنها استغلت الحشود والاعتصام لتظهر في العلن ضبطية ربما تحسب في سجل قوات الدعم السريع التي امتلكت الخبرة والقدرة على التعامل مع هذه الخلايا.

استغلال الثغرات

مصدر أمني مقرب أكد (للصيحة)، وجود استهداف للسودان  من قبل المجموعات والخلايا الإرهابية باعتبار أن السودان دولة مفتاحية للإقليم، لذلك تنشط تلك المجموعات لتكوين خلايا في السودان لها علاقة بوجودهم في دول الجوار خاصة تشاد وليبيا وغيرها من الجماعات حتى  مصر، مبيناً أن تلك الجماعات تعتمد على التنوع الغثني والثقافي والحدود الواسعة التي يمتاز بها السودان وإمكانية العمل في تلك الحدود والتساهل الذي تم مع بعض الجنسيات السورية واليمنية وغيرها، مشيراً إلى أن الجماعات الإرهابية استغلت حالة السهولة الأمنية في ليبيا  وتمددت حتى وصلت سيناء في مصر للتهريب عبر الحدود سواء إلى إسرائيل أو غيره عن طريق بورتسودان، ومنها إلى القرن الأفريقي.

 وكشف المصدر عن وجود طرح بين الأجهزة الأمنية السودانية والمصرية لتبادل المعلومات في هذا الجانب  موضحاً أن وجود هذه الخلايا في ليبيا ومصر وغيرهما لا يمنع أن تُشكِّل ذات الخلايا وجوداً لها في السودان. وأضاف المصدر أن السلاح التي يدخل عن طريق البحر الأحمر يمكن استغلاله في عمليات إرهابية في بعض الدول لأي ثغرة تتاح لهم، مشدداً على أن السودان يعمل بجهد كبير في مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية والتطرف والجريمة المنظمة والتجارة العابرة للحدود، كل هذه تمثل كتلة واحدة وتداخل فيما بينها، معتبراً أن الهجرات التي تأتي من أفريقيا والتي ترتبط بالحالات الإنسانية، لابد من التشديد والتدقيق والتمحيص،  منوهاً أن وجود القوات في الحدود المصرية وغيرها والتي لم تصل حتى اللحظة إلى مرحلة القوات المشتركة  بينما ليبيا لا زالت تتحفظ على تشكيل قوات مشتركة للخلافات مع قوات حفتر التي أدت للسيولة الأمنية في إقليم دارفور بتجنيده لتلك القوات.

مؤكداً أن وضع الانفلات والفوضى التي تحدث حالياً والتي يعيشها السودان والانشغال بقضايا الصراع أصبحت جواً مناسباً يسمح لهذه الخلايا والعصابات بالظهور والدخول، وتنشيط  الخلايا النائمة، التي يمكنها الدخول باسم الثورة والاعتصام وغيرها، واستغلال أي ثغرة في البلاد.

 وأشار ذات المصدر أن ضبط الخلية الأخيرة في الطائف لا نجزم بأنه يرتبط بهذه السيناريوهات، ولكن لا نستبعد أي تحركات غير طبيعية، كاشفا أن الأجهزة الأمنية وقوات الشرطة المتخصصة أصابتها حالة من الإحباط تحت ضغط الثورة، كأنما هي “محجبة” عن أداء دورها، مشيداً بقوات الدعم السريع التي وصفها بالواعية لتعاملها مع هذه الحالات من التجارب التي خاضتها من قبل ولديها تجارب ومعلومات كبيرة متوفرة لديها.

جسم موازٍ

الخبير الأمني والإستراتيجي، عبد الباقي كرار، قال (للصيحة)، إن كل هذه الأعمال التي تتم من جانب قوى إعلان الحرية والتغيير في شكل المذكرات والنقاشات التي بدأت تظهر فيما بينهم،  وما قام به حزب الأمة من نقد الوثيقة الدستورية، وبيان الحزب الشيوعي واعتراضه على بعض القضايا، هي مؤشرات ليس جيدة، مضيفاً أن هنالك مشاحنات بين قوى إعلان الحرية  والتغيير بدأت تظهر المكامن الداخلية لهم، مشيراً أن هذه المجموعات بدأت تتكاثر الآن، سيما وأننا شهود على عصر أكتوبر،  وفي العام 85 ما كان لتلك الأحزاب مثل الشيوعي وغيره أن يفوزوا بالانتخابات في أي مرحلة من المراحل برغم سيطرتهم على عدد من النقابات منها نقابة السكة حديد ومشروع الجزيرة الذي تم استهدافه من قبل المؤتمر الوطني، وحدث فيه خراب كبير، مؤكداً أن نقابات الشيوعيين لعمال السكة حديد  في عطبرة والمزارعين في القضارف كانت هي انطلاقة الثورة،  بينما المؤتمر الوطني كانت لديه مراحل محددة وآخرها الانتخابات، فكان التمكين الذي استهدف الخدمة المدنية، وأوضح كرار أن المؤسسات الأمنية التي أسسها المؤتمر الوطني تتعلق بجلب المعلومات فقط، ووضع الاستراتيجية للدولة فبدأت هذه المؤسسات كأنها منظمة عسكرية وتمت هيكلتها من الداخل ، مشدداً أن الجهة الوحيدة المنوط بها حفظ الأمن داخلياً وخارجياً هي القوات المسلحة، وبدون الأمن سيكون هنالك تعطيل للتنمية، مبيناً أن ما حدث من ترويع لبعض الخلايا ما هي إلا (شخص نزعت منه القوة) فبدأ بالتخبط مشيراً أن هنالك بعض المجموعات  تحاول أن تكون بديلا ثالثاً موازياً لقوى إعلان الحرية والتغيير، فبدأت بتحريك مجموعتها من الشباب غير المنتمين لأي اتجاه حالياً، وبدأت تعتبر نفسها الضلع الثالث للحرية والتغيير الذي يمثل شيوعيين قدامى وعدداً من النقابات التي كانت موجودة مسبقاً، والذين كانوا يسيطرون على تلك النقابات الشيوعية، فكان اتحاد المهنيين المرادف للنقابات السابقة خاصة وأن اتحاد المهنيين يضم في داخله كل الوظائف من الأطباء وحتى آخر مهنة أو وظيفة التي تجمعت في صعيد واحد لتكون بديلا للمؤتمر الوطني، وقال كرار: كل الفوضى والمجموعات المتفلتة توجد عند جهتين، إما المؤتمر الوطني الذي لن يظل ساكتاً هكذا أو النقابات الأخرى التي تريد أن تظهر كل فترة بصورة أخرى، حتى يتحدث عنها الناس، وهو أقرب تحليل لما يحدث حالياً، مشدداً على أن الوضع أصبح من السهولة بمكان إقامة أي شيء لعدم وجود حكومة سيما وأن القوات المسلحة لا تعرف ماذا تفعل والطرق أصبحت مغلقة، وأن الولايات أصبحت تعاني.

وأضاف كرار أن كشف هذه الخلايا يدل أن الأجهزة الأمنية وغيرها من القوات لا زالت صاحية، ولكن تعدد قنوات الأمن في دولة واحدة أمر غير محمود ومرغوب منبهاً أن جهاز الأمن تنحصر مهمته فقط في جمع المعلومات وعلى الجهات المختصة، وضع الخطة حسب تلك المعلومات الوافدة، واعتبر كرار أن القوات المسلحة لديها هيكلة تامة التي تمكنها من الحفاظ على الأمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى