شيطنة الجيش.. لمصلحة مَن؟

 

تقرير: صلاح مختار       26فبراير2022م

دعا رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أفراد الجيش إلى تحمُّل الإساءات وحملات التشويه المُمنهجة ضد القوات المسلحة والقوات النظامية التي تهدف إلى تشتيت وحدتهم وزعزعة إيمانهم بالوطن. وحَثّ، جميع مكونات المجتمع السوداني للتعاون مع القوات النظامية لحفظ أمن البلاد والمحافظة عليها. وحذّر من وجود تحديات وتهديدات تُحيط بالبلاد في الوقت الراهن.

وقال البرهان خلال تفقُّده منطقة الشجرة العسكرية أمس الأول، إن القوات المسلحة ستظل على العهد ولن تسلم البلاد ومقدراتها إلا لحكومة تأتي في ظل توافق وطني أو انتخابات شفافة. وأضاف البرهان: القوات المسلحة بوتقة تتجسّد فيها كل معاني القومية والوحدة الوطنية.

حديث البرهان ليس جديداً، فإن حملات تشويه صورة الجيش استمدّت من التظاهرات المُتعاقبة التي انطلقت قبل عامين من الثورة وبدأت كأنها حملات ممنهجة لإضعاف الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة ومحاولة شيطنتها.

حملات تشويه

خبراء ومحللون حذّروا من تناول اخبار القوات المسلحة بصورة سطحية دون تدبر، ولعل السيولة السياسية التي تمر بها البلاد فتحت الباب امام كل من هب ودب للحديث عن القوات المسلحة.

ولفت مصدر امني لـ(الصيحة) بأن الحملات بدأت في التقليل من شأن ودور الجيش، بجانب حملات تشويه على الجداريات والتقليل من رموزها العسكرية، وقال ان محاولات إبعاد الجيش عن الصورة صاحبها تشويه متعمّد من أحزاب سماها بغير الوطنية والتي تسعى الى تفكيك الجيش بالحديث المتكرر عن إعادة هيكلة القوات المسلحة، ورأى أن الحديث عن الجيش بهذه الصورة لم يحدث طيلة تاريخ السودان، واكد ان الجيش مكان احترام في السابق من كل السودانيين وهو جيش وطني وغيور ولديه مواقف شهد عليها الأعداء قبل الأصدقاء، ولكن كونه يتعامل بهذا الشكل من الشعب هو أمر خطير ويجب مراجعته، وقال رغم اختلاف الناس حول وضعية الجيش الحالية، الا ان ذلك لا يستدعي إشانة سمعته وإطلاق الشائعات والشعارات في كثير من التظاهرات بالقول مثلاً (معليش ما عندنا جيش). وأضاف: مثل هذه الشعارات لها تأثير سالب على الروح المعنوية للفرد العسكري وهو الآن يقاتل، ليس في جنوب السودان وليس في دارفور، وانما الآن يسد ثغرات كبيرة في الشرق وحراسة الحدود في الشمال.

مضيفاً: على كل يجب علينا أن نعي أن الجيش خط أحمر لا يمكن أن يتعداه إلا خائن وغير وطني. أما الحديث عن هيكلة الجيش هو أمر فني لا يمكن ان نتركه لكل شخص الحديث عنه.

خطوات قانونية

وسبق أن اتخذت القوات المسلحة، خطوات قانونية بعدما تجاوزت الإساءات والاتّهامات المُمنهجة حدود الصبر، وهي ضمن مخطط يستهدف الجيش، وأعلنت تقديم بلاغات لنيابة جرائم المعلوماتية ضد مجموعة من الناشطين والإعلاميين داخل البلاد وخارجها، بتهمة الإساءة للجيش.

وأشارت في بيان سابق إلى أن القوات المسلحة عيّنت في شهر مايو من العام الجاري مفوضاً عنها والقائد العام، ضابطاً متخصصاً في جرائم المعلوماتية لتقديم البلاغات ومتابعة الشكاوى ضمن فريق بإشراف المدعي العام العسكري وعضوية ضباط قانونيين من القضاء العسكري. وشدد على أن مهمة هذه اللجنة تتركّز في رصد كافة الإساءات التي تمس القوات المسلحة بكل مكوناتها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالها.

وقال البيان، “إنّ اللجنة رصدت عدداً من المُخالفات والإساءات للقوات المسلحة، فباشرت تقديم بلاغات للنيابات المُختصة تأسيساً لدولة القانون، ووفقاً للقانون الجنائي، الجرائم الموجهة ضد الدولة وقانون الصحافة والمطبوعات وجرائم المعلوماتية الذي أجيزت تعديلاته مؤخرا”. وأضاف أن هذه التعديلات حوت عقوبات رادعة، مؤكداً أن الإجراءات طالت مجموعة من الناشطين والإعلاميين وغيرهم داخل وخارج السودان سيتم تمليك تفاصيلها بانتظام للرأي العام. وتابع البيان “تلتزم قواتكم ناصية القانون كما هو ديدنها ولا تحاول تقييد الحريات أو المساس بحرية الرأي وإنما تنافح وفق الدستور لصون حقوق أكبر مؤسسة قومية وطنية بالبلاد مصدر فخر وإعزاز شعبنا الأبي الغيور.”

شيطنة الجيش

اعتبر المحلل والمختص في الشؤون العسكرية د. أبو بكر آدم ان المؤسسة العسكرية هي أكبر مؤسسة وطنية لها أدوار قومية، واعتبر محاولة المساس بها والتقليل من شأنها والتشكيك في دورها ومحاولة شيطنتها امرا مؤسفا، وقال لـ(الصيحة) إن (الإساءة للجيش) توازي (الخيانة العظمى)، في وقت تقوم فيه القوات المسلحة بحراسة الحدود وتأمين البلاد. وقال إن الجيش والشرطة اللذين يمثلان كل الشعب يسقط منهما شهداء مصابون لا يليق أن تسمح لأحد بالإساءة إليهم. وأضاف، ليس هذا دور الإعلام فقط، بل دور كل أجهزة الدولة، ان لا يسمح بالإساءة إلى الجيش أو الشرطة هي مؤسسات تقوم بأدوار لا يقوم بها احدٌ حتى وإن اختلف معنا البعض، وتابع أي شخص يسيئ إلى الجيش أو الشرطة، فإنه يسيئ إلى كل السودان وليست في هذه حرية رأي.

حب مُتبادل

ولعل الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بداية التغيير أظهر حباً متبادلاً بين الشعب السوداني وقواته المسلحة. ويطلق المدنيون على القوات المسلحة مصطلح (الجياشة) كناية على اسم ألفته ووسم (للحب) المتبادل بين شعب السودان وقواته المسلحة، ويستند فوق ذلك الى تاريخ ضارب في القدم، عكست أيام الاعتصام المستمر حتى الآن قصة تلاحم فريدة بين الشعب السوداني وجيشه تستلهم ذكريات الماضي الجميل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى