محيي الدين شجر يكتب: ست النفور

في الهواء الطلق

محيي الدين شجر

ست النفور

(ست النفور أحمد بكار) التي سقطت شهيدة برصاص الغدر في مواكب 17 نوفمبر بمنطقة بحري, ألهمت كل جموع الشعب السوداني إلا من أبى وأنبتت في النفوس جذور النضال من جديد بعد أن كادت تخمد.

ست النفور الشابة المبتسمة المتطلعة دوماً إلى مشرق غدٍ مدني  وسودان متقدم متحضِّر, رسمت بإطلالتها في المواكب الثورية خارطة لسودان الغد كما يراه شباب السودان الثائر لأجل الحرية والسلام والعدالة.

إن الشرطة التي قالت إنها فتحت تحقيقاً في التظاهرات الأخيرة, مَطلوبٌ منها أن تكشف للرأي العام تفاصيل تلك التحقيقات, لأنها مسؤولة عن أي جريمة تحدث بالسودان في إطار مسؤوليتها عن حفظ أرواح السودانيين.

هي مسؤولة عن كشف أولئك الذين أطلقوا الرصاص على ست النفور وأردوها قتيلة وعلى بقية الثوار.. بما أنها ذكرت أنّها تتحرّك لتأمين سير المواكب.. ولم تطلق رصاصة واحدة.

هي مسؤولة عن أي خروقات تحدث بما أنها أكدت أنها لم تستخدم القوة المفرطة.

هي مسؤولة عن أي رصاصة تُطلق.. بأسلحة قالت إنها لم تطلقها في صدور الثوار.

إنّ التحوُّل المدني وتنفيذ أهداف ثورة ديسمبر لا يتم بالحديث وحده, بل بالتطبيق على أرض الواقع, فمن يريد إثارة الشباب وزيادة وتيرة حماسهم بالرصاص والقتل..؟

لقد أصبحت منطقة بحري قبالة المؤسسة, منطقة مُشتعلة بالثوار والغاضبين بسبب ما حدث من حصدٍ لأرواح الشباب.

لقد كنت أظن أنّ خروج الآلاف من الشباب من السودان في الفترة الماضية بسبب الأوضاع الاقتصادية وبسبب البحث عن جامعات مُستقرّة في الخارج سيؤثر في عدد الثوار, لكني وصلت إلى قناعة بأنّ كل الشباب يحلمون بوطن كما يروه هم, وطنٍ تحكمه حكومة مدنية وقوانين تحترم. يحكم من يحكم ويذهب إلى حال سبيله إذا فشل في تقديم ما يشفع له بالبقاء.

ولهذا, فإنّ أي محاولة للرجوع عن الدولة المدنية سيُقابل برفض منهم, وستكون أي حكومة قادمة في مواجهة معهم باستمرار مَا يؤدي إلى عدم الاستقرار.

ولن تستطع أي حكومة قادمة أن تفعل شيئاً وستتدهور الأوضاع أكثر مما هي عليه, لأنها ستكون مُحاصرة داخلياً وخارجياً.

المطلوب أن نقدر الأمور التقدير الصحيح, وأن ندرس مسيرة الثورة ضد النظام البائد وكيف صمد الثوار لأكثر من ستة أشهر في نضالٍ مُستميتٍ ولم ييأسوا.

شباب السودان الحالي يتمتّع بإرادة وطموح كبيرين ويجب أن نُساندهم بدلاً من خذلانهم.

يخرجون في المسيرات بإرادتهم, وقويت شوكتهم وأصبحوا لا يهابون الموت, ومُحاولات التغلب عليهم بالقوة سيحول السودان إلى سوريا أخرى.

المطلوب، الهُدوء والتراجُع عن القرارات والتفكير فيما ينفع الناس من شِيم الكبار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى