النميري عبد الكريم يكتب: أما آن لتكون للمياه وزارة غير الري..؟!

في ظل هذه المعاناة في الحصول على مياه الشرب لا بد من خيارات استراتيجية.

أهمية مياه الشرب والمشكلات التي يعاني منها المواطن (العطش) اقتصادياً الهجرات من مناطق الإنتاج لعدم توفر المياه، اجتماعياً عدم توفر المياه يعطل الإنتاج والنزوح والسكن في الأطراف، وأمنياً التدهور الأمني نتيجة للفقر والحاجة والنزوح.

إن قيام وزارة للمياه أصبح أمرا مهما في ظل التردي في توفيرها وانعدام المياه الصالحة للشرب، حيث انعدم مياه الشرب في الكثير من مناطق ولاية الخرطوم وفي بعض المناطق تجاوز الأسبوعين والشهر, وظل هذا الأمر يتكرر سنوياً في موسم الصيف في ولاية الخرطوم، أما في الولايات فلهم الله حيث لا تتوفر لهم مياه صالحة للشرب في معظمها. فهاهم أهل الولايات أصحبوا يطالبون جهاراً بتوفير مياه الشرب في القضارف، البحر الأحمر، كردفان، شمال دارفور والخرطوم. في السابق كانت هناك الهيئة القومية للمياه التي كانت مسؤولة عن كل السودان، في ظل التوسع والاحتياج الكثير للمياه تم ربط الإنتاج بالطاقة الكهربائية, الانقطاع المتكرر للكهرباء وعدم توفر الجازولين, حيث تزداد المعاناة في فصل الصيف بالمدن الكبرى, دعك عن الولايات والريف التي ليست بها شبكات مياه للشرب, بل إن بعض الولايات يشرب الإنسان والحيوان من الحفائر، مياه الحفائر قد لا تكون صالحة للإنسان وتسبب في نقل وانتشار الأمراض. لذا مسألة أن تكون الهيئة القومية للمياه هي المسؤولة عن المياه قد تجاوزها الزمن, بل أصحبت الهيئة القومية للمياه إدارة بوزارة الري، لو اتخذنا ولاية الخرطوم مثالاً في عدم توفر مياه الشرب ناهيك عن الأطراف, حيث عدد سكان ولاية الخرطوم يقارب ربع أو أكثر سكان السودان بعد الامتدادات الجديدة وبسبب الهجرات من عدم توفر الخدمات الأساسية، أصبح المُواطنون يحصلون على المياه عن  طريق عربات الكارو في أرقى أحياء الخرطوم.

إن قيام وزارة اتحادية للمياه ليس الغرض منها المُحاصصات السياسية أو الترضيات, إنّما أن تكون هناك وزارة متخصصة للمياه, فهو أمرٌ في غاية الأهمية وتهدف على الإشراف وتقديم الخُطط وتوفير المعدات والإسهام في تنمية موارد المياه على أساس منهجية للموارد المائية وتوفير مياه الشرب النقية وتخصيص المياه للاستخدامات الأخرى, وأهم هدف يتمثل في ترشيد استغلالها من خلال تبني التشريعات وتنفيذ البرامج ومُشاركة المجتمعات.

ضرورة أن تكون لهذا الوزارة هيئات ومؤسسات تابعة لها لتحقيق أهدافها من خلال الصلاحيات والتشريعات والخُطط المائية، لا بد من وضع استراتيجيات وسياسات لتنمية وإدارة المياه والعمل على التنسيق مع الوزارات ذات الصلة بعد خروج بعض الإدارات منها, على سبيل المثال وزارة الري والعمل على تطوير القوانين واللوائح وتعزيز نهج تكاملي في إدارة الموارد المائية التقليدية (حصاد المياه) وغير التقليدية مثل تحلية مياه البحر الأحمر لأهلنا في الشرق, وتنميتها واستخداماتها في المدن والريف, والتوسع على النحو الذي يحقق أهداف استقرار مياه الشرب, ووضع سياسات لتعرفة المياه، حيث تمّت زيادة التعرفة مع عدم توافر المياه في المدن، كما تعاني الأطراف من عدم وجود شبكات مياه مَا جعل إنسان هذه المناطق يُعاني أشد المعاناة من ارتفاع قيمة شراء برميل المياه وتأثير ذلك على بقية الخدمات التي بدورها تؤثر على صحة الإنسان. أما دور وزارة الري فلا بد من إفساح المجال للوزارة لإدارة ملف حرب المياه المشتعلة في الإقليم  وكيفية توفير مياه الري للإنتاج الزراعي وإنشاء السدود والخزانات الكبيرة.

كما يمكن للوزارة تلقي ومراجعة الاحتياجات الاستثمارية في مجال المياه, لأن هناك حاجة حقيقية لدخول الاستثمار في هذا المجال حتى يتم توفير المياه وتحديد الاحتياجات الضرورية والتنسيق مع وزارات الري، التعاون الدولي والمالية، أيضاً تبني مشاريع في مجال المياه، اعتماد الشراكة بين الوزارة والقطاع الخاص في مجال خدمات توصيل المياه وتشجيع الاستثمار فيها، أيضاً تحديد الأهداف في مجال عمل الوزارة، إعداد الخُطط السنوية والخماسية أو العشرية وتبني مشاريع نموذجية كالنهر العظيم في الجماهيرية الليبية لتوصل المياه لمُعظم مناطق السودان التي تعاني من العطش وتطوير نظام معلومات المياه.

على الوزارة, تنفيذ سياسة الحكومة والمتمثلة في توفير مياه الشرب النقية للإنسان وترشيح وتعيين الكوادر القيادية, حيث تزخر هيئة المياه وإدارة الموارد المائية  بكوكبة من المهندسين والفنيين, لعلهم يجدون الإنصاف من الدولة, هؤلاء الجنود المجهولون في حاجة للخروج من رحم الهيئة إلى مجالات أوسع لتوفير المياه الصالحة لشرب تخطيطاً وتنفيذاً.. فهل من مجيب..؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى