مواطنون تحت محرقة الخُبز!!

 

خبير اقتصادي: الوضع ينذر بحدوث مجاعة بالبلاد

حماية المستهلك: ستكون هناك مُضاعفات صحية تُؤدي لسُوء تغذية

موطنون: بسبب أزمة الخبز اتّجهنا لتناول وجبة واحدة في اليوم!!

أصحاب مخابز: الحكومة فشلت في توفير الدقيق المدعوم

تحقيق: أم بلة النور

ظل الشعب السوداني يُعاني من التدهور الاقتصادي وغلاء المعيشة لأكثر من ثلاث سنوات، وتلك الأوضاع ادت إلى سقوط النظام السابق والذي استمر ثلاثين عاماً، وبعد تفجُّر ثورة ديسمبر, استبشر المواطنون خيراً, إلا أن الأوضاع ازدادت سوءاً، وظل المواطن يعيش أزمات متلاحقة، كانت أبرزها أزمة الخبز ذات التأثير البالغ على المواطن الذي يعتمد عليه في حياته اليومية بسبب  توفره بأسعار مخفضة، ولقد عاشت البلاد مؤخراً, أزمة طاحنة في الخبز المدعوم بتوقف معظم المخابز عن إنتاجه ليقع المواطن تحت محرقة الخُبز….

استفحال الأزمة

بعد أن استفحلت ازمة الخبز خلال السنوات الثلاث الأخيرة نتيجة لتهريب الدقيق للسوق الأسود، او الاستفادة منه في المنتجات الأخرى، اتجه بعض اصحاب المخابز لبيع الخبز المدعوم لاصحاب المطاعم باسعار اعلى من سعره لتحقيق مكاسب لكليهما ولجأت بعض المخابز لاستخدامه في الحلويات والمخبوزات، لتضطر الحكومة لتخصيص دقيق معين للمخابز لا يصلح للاستخدامات الأخرى, حفاظاً عليه من التهريب، وفتحت منافذ لبيع الدقيق لأصحاب المخابز التجارية دون أن تضع له تعرفة محددة, مما جعل هناك تبايناً في الأسعار، ليظل الوضع كما هو عليه أزمة في الخبز المدعوم لأصحاب الدخل المحدود، ومتوفر للفئات المقتدرة، لتتحول كل المخابز للعمل في الخبز التجاري لما فيه من عائد ضخم بعد أن فشلت الحكومة في توفير الدقيق المدعوم، حيث وصل سعر الرغيفة الواحدة  للخبز التجاري لـ40 جنيهاً.

مجاعة مُحتملة!

وفي حديث لعدد من المواطنين لـ”الصيحة”, تخوّفوا من وصولهم لمرحلة المجاعة بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة وارتفاع أسعار الخبز التجاري وعدم مقدرتهم على توفيره. وأوضح المواطن صالح آدم والذي يعمل بائعاً جائلاً في سوق الخضار، أن عمله متوقف هذه الايام نتيجة لارتفاع اسعار البصل الذي يعمل على بيعه للمواطن، وقال صالح لـ”الصيحة” إنه يحتاج الى اكثر من ألفي جنيه لتوفير الخبز لأسرته الكبيرة يومياً لوجبة واحدة فقط, وأشار إلى وجود صعوبة في توفير الخبز لوجبتين، مضيفاً أن أسعار تكلفة وجبات بديلة تعد الأغلى ثمناً، وأصبح في حيرة من أمره.

وفي جولة الصحيفة لعدد كبير من المخابز بمحلية أم درمان, وجدت خروج عدد كبير منها عن العمل لعدم توفر الدقيق المدعوم, ومنها من أصبح يعمل لساعتين فقط، حيث يفتح المخبز أبوابه عند الرابعة صباحاً ويغلقها عند الساعة السادسة صباحاً، فيما اتّجه معظم المخابز لإنتاج الخبز التجاري واصبحت المحليات تستخرج التصاديق لتلك المخابز مقابل مبالغ مالية ضخمة دون مُراعاة لحال المواطن المغلوب على أمره، بعد أن فشلت في توفير الدقيق المدعوم رغم سوء صناعته ورداءته.

تقليل الوجبات  

وانعكست أسعار الخبز على الوجبات التجارية بالمطاعم والتي تضاعفت أسعارها. وقال أصحاب مطاعم لـ”الصيحة” إن سعر وجبة الفول والتي تُعد وجبة شعبية عند كافة أطياف الشعب وصل الى 700 جنه، بينما بلغ سعر ساندوتش الطعمية 300 جنيه، وأشاروا إلى عزوف عن الطلبات لغلاء سعرها, وقالوا إنّ العاملين بالأسواق والطلاب يتناولون وجباتهم بالمنزل فقط.

فيما كشف مزمل حسن يعمل سائق مركبة عامة أن هناك ركودا في الاسواق عموما, واضاف انه ورغم ان اسرته صغيرة ولا تتعدى 4 اشخاص يحتاج الى اكثر من ألف جنيه لتوفير الخبز فقط، مبيناً ان الوضع أصبح كارثياً ويحتاج لوقفة حاسمة من قبل الحكومة.

إنذار مبكر  

وفي حديث للخبير الاقتصادي عادل عبد الله  لـ”الصيحة”، قال إن غياب اجهزة الدولة والأجهزة الامنية فاقم ازمة الخبز, حيث اصبح هناك استغلال للأوضاع من قبل التجار واصحاب المخابز والتي تقوم الدولة بمنحهم جوال الدقيق بسعر لا يزيد عن الألف جنيه، الا انه ينتج الخبز بأسعار باهظة وليست في متناول يد المواطن البسيط، واضاف عادل ان ما وصلت اليه اسعار الخبز شئ مبالغ فيه مقارنة بتكلفة الانتاج, كاشفاً عن أنّ سعر الرغيفة الواحدة وصل الى خمسين جنيهاً دون الالتزام بالأوزان التي حددتها وزارة الصناعة في وقت سابق, واضاف قائلاً: اذا نظرنا الى السعر الحقيقي للوزن الطبيعي فنجد ان سعر قطعة الخبز تصل الى “100” جنيه بينما يفترض ان لا تتجاوز اسعاره الحقيقية 10 جنيهات فقط, وقال ان هناك اكثر من 3 آلاف و700 مخبز جميعها لا تلتزم بالأوزان, كما انها ورغم الارباح العالية لا تمنح العمال اجورا مجزية، مضيفا انه ومنذ سقوط النظام السابق تضاعفت اسعار الخبز عشرة أضعاف، نتيجة لعدم وجود رقابة امنية على صناعة الخبز، وشدد عادل, على ضرورة إعادة إدارة التكاليف الصناعية والتي كانت تقوم بتحديد أسعار السلع واوزان الخبز. وكشف دكتور عادل أن ربع سكان السودان يعيشون داخل ولاية الخرطوم والتي يُقدّر عدد سكانها  بعشرة ملايين نسمة مهددون بمجاعة خلال هذا العام نتيجة لاعتمادهم على الخبز في وجباتهم الرئيسية في ظل ضعف مستوى دخل الفرد وقلة الإنتاج الزراعي بالولايات لأسباب كثيرة, لذلك شدد على وجود حلول حقيقية, ويرى أن تلك الأزمة سوف تقود البلاد لانفراط أمني.

مُضاعفات صحية

وفي حديثه لـ”الصيحة” قال العضو بالمجلس الاستشاري للجمعية السودانية لحماية المستهلك دكتور حسين القوني, إن عدم الاستقرار السياسي بالبلاد زاد الحال سوءاً على سوئه على المستهلك, خاصة  الخبز التي ارتفع سعره الى ما فوق طاقة المواطن صاحب الدخل البسيط والمتوسط، وقال إنّ الخبز الموجود حالياً يتسم بسوء النوعية, فضلاً عن انه غير صحي، مبيناً ان استمرار الاوضاع بهذا المنوال قد يؤدي الى مضاعفات  صحية على المواطن, وبالتالي سوف تكون البلاد موعودة بسوء تغذية في ظل انتشار جائحة كورونا وانهيار المؤسسات الصحية بالبلاد، وأضاف: لا يلوح في الأفق أي جهد رسمي لمعالجة الأزمة ليعيش المواطن مشكلة مُركّبة في توفير الغذاء في ظل ظروف اقتصادية قاسية نتيجة لعدم الاستقرار الإداري وتوقف دولاب العمل بالدولة، ويرى أن العصيان المدني والإضرابات كانت عاملاً أساسياً في ذلك التوقف الإداري حتى على مستوى القطاع الخاص, وناشد القوني, القائمين على أمر الدولة مُراعاة المواطن البسيط المغلوب على أمره.

اجتماعٌ مفتوحٌ

وللوقوف على أزمة الخبز وتوفير الدقيق لأصحاب المخابز, اتّصلت “الصيحة” بمدير إدارة التجارة والتموين السيد الفاتح, إلا أنه أبلغنا بدخوله اجتماعاً مفتوحاً بالقصر الجمهوري.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى