Site icon صحيفة الصيحة

العسكريون والمدنيون.. نقاط الخلاف والالتقاء!!

الأزمة ،وقد استفحلت.. هل من بوادر،حَلٍّ في الأفق؟

 

تقرير: نجدة بشارة

أسبوع مضى على  الأزمة السياسية في السودان دون وجود بوادر على الانفراج  أو حلول تلوح في الأفق، لإنهاء الأزمة او حتى إعادة  الأوضاع إلى ما كانت عليه خلال المرحلة الانتقالية، رغم الوساطات والمبادرات التي نشطت من هنا وهناك.. فيما تسير الحياة في البلاد نحو شلل تام مع تفاقم الأزمات التي تعاني منها الخرطوم لا سيما الأزمة الاقتصادية، في ظل انسداد تام للأفق السياسي.

نقاط الخلاف

فجرالخامس والعشرين من أكتوبر، أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، عن حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين. وتعهّد بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، وأعلن حالة الطوارئ في البلاد وإقالة الولاة وعدم الالتزام ببعض بنود الوثيقة الدستورية لعام 2019، وبرّر البرهان أنّ القرارات خطوات تصحيحية “لتصحيح مسار الفترة الانتقالية”.

وبالعودة الى ما قبل الخامس والعشرين كانت وتيرة الخلافات قد تصاعدت بين المكونين المدني والعسكري، في ظل  تدهور الأوضاع في البلاد وتفاقم الأزمة المعيشية.. بعد أزمة اغلاق شرق السودان ثم طرح رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان قبل إعلانه حل الحكومة.. طرح مقترح حل الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط، بجانب توسعة ماعون المشاركة لتشمل كل القوى السياسية، الشيء الذي رفضه الائتلاف الحاكم السابق.. ووجد في ذات الوقت التأييد من قبل قوى الحرية والتغيير منصة التأسيس الميثاق الوطني.. ومع اتساع هوة الخلاف، أصدر القائد العام للجيش قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر, لكن قرارات البرهان وجدت انتقادات واسعة وسط الشريحة المؤيدة للمكون المدني، لا سيما وان القرارات صاحبتها اعتقالات لبعض القيادات المدنية من الحكومة المنحلة.. وفي الثلاثين من أكتوبر خرجت احتجاجات رافضة للقرارات، وندّد فيها  المحتجون بهذه القرارات ووصفوها بـ“الانقلاب ”، وأعلنوا عن الإضراب والعصيان المدني وليبدأ السؤال واسعاً.. ثم ماذا بعد؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة.. وما هي فرص ونقاط الالتقاء بين المكونين العسكري والمدني..؟

نقاط التقاء ولكن!

يقول المحلل السياسي عبد الرحمن أبو خريس لـ(الصيحة) إن هنالك عددا من نقاط الالتقاء والمشتركات بين المكونين، منها أن كل الأطراف تؤمن وتدعو للدولة المدنية والتحول الديمقراطي، فضلاً عن وجود اتفاق وفقاً لنص الوثيقة الدستورية على تشكيل حكومة تكنوقراط، وقال كل هذه مؤشرات لنقاط التقاء، وأردف لكن هنالك تعنت من قبل المجلس المركزي للحرية والتغيير فيما يتعلق برفض توسعة قاعدة المشاركة والإفساح لكيانات سياسية اخرى، ورفض فكرة الحكومة المستقلة، وزاد: هذا ما فجّر الخلاف الذي بدأ بدعوة البرهان لحل الحكومة السابقة، ويرى أبو خريس انه الآن وبعد ان اصبحت قرارات البرهان نافذة عاد المجلس المركزي لحث الوساطات، واستجداء المجتمع الدولي للعودة للسلطة, وذهب ابو خريس ان هنالك فرصة للتقارب بين المكونين في نقطة دعم التحول الديمقراطي، واقترح لكل الأطراف التمسك بالوثيقة الدستورية أولاً، ووضع ميثاق شرف بينها للالتزام باستكمال بناء المؤسسات واكتمال الفترة الانتقالية.

هل ينجح الحوار؟

يقول نيلسون مانديلا “أحيانًا يقع على عاتق جيل أن يكون عظيمًا، يمكنك أن تكون ذلك الجيل”.

يمكن لمقولة مانديلا ان تتحقق, فعلى مدى الساعات الماضية شهدت الخرطوم حراكاً سياسياً كثيفاً، تمثل في تعدد الوساطات المحلية والخارجية الساعية لإيجاد مخرج من الأزمة، كما نشطت الأمم المتحدة، وقوى دولية على رأسها الإمارات ومصر في سعي دؤوب لحل أزمة السودان، كما وصل  المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان إلى الخرطوم أمس الثلاثاء, لكن الواضح أن كل مسارات الحوار اصطدمت بشروط رئيس الوزراء السابق د. حمدوك والتي تتلخّص في العودة إلى الوضع الذي كان قائماً في الـ24 من أكتوبر الماضي.

شروط وعراقيل!

اشترط رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك، الاثنين، عودة الحكومة السودانية لعملها والإفراج عن الوزراء المعتقلين لحل الأزمة الراهنة في بلاده.

وقال بيان لمكتب رئيس الوزراء المعزول، إن حمدوك يعتبر الإفراج عن الوزراء ومزاولة الحكومة لأعمالها هو المدخل لحل الأزمة الراهنة بالسودان..

وأعرب المبعوث الأممي الخاص إلى السودان فولكر بيرتيس, عن أمله أن تصبح المواقف أكثر وضوحًا في السودان خلال الأيام المقبلة.

ولفت سياسيون يُشاركون في جهود الوساطة إلى أن الحل الوسط الرئيسي المطروح للنقاش هو اقتراحٌ بمنح حمدوك سلطات تنفيذية كاملة وتعيين حكومة تكنوقراط..

فيما تلقى القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان, رسالة من رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت, أكد خلالها حرصه على الأمن والاستقرار والسلام في السودان، وامتدح البرهان حرص الجنوب على حماية مكتسبات ثورة ديسمبر وإنجاح الفترة الانتقالية.

مَن ينحني للعاصفة؟

وبالمقابل, يرى مراقبون أن هنالك تعنتاً كبيراً من  الطرفين، وتشدداً في مواقفهما، فالمكون المدني يرى في المواكب الحاشدة التي خرجت يوم 21 أكتوبر دعماً كبيراً من الشارع المساند لمشروع الدولة المدنية، في حين ذهب المكون العسكري لرفض العودة لما قبل 25 أكتوبر، وبات أكثر تشدداً بضرورة البحث عن صيغة توافق جديدة مع مكون مدني يصر على إشراك قوى أخرى فيه.

لكن المؤكد بحسب مراقبين, أن المكون العسكري سمح في المقابل لوفود محلية وأجنبية بمقابلة حمدوك والتوسط لإقناعه بقبول رئاسة الحكومة الجديدة، في مُحاولة لإعادة الصورة لما كانت عليه قبل الإجراءات، على أن تكون الحكومة الجديدة بعيدة عن أيِّ حاضنة سياسية.

وربط  المحلل السياسي بروف حسن الساعوري في حديثه لـ(الصيحة), حدوث تقارب بين الفرقاء بالمرونة السياسية وأن ينحني أحد الأطراف الثلاثة طرفي الأزمة الحرية والتغيير (أ) و(ب)، إضافةً للمكون العسكري للعاصفة حتى تمر، وقال إن أنسب الحلول تقديم رئيس الوزراء السابق د. حمدوك لرئيس وزراء على أن يُشكِّل حكومته من التكنوقراط، وأردف: وليتحقق هذا الحل لا بد أن يظهر حمدوك بعض المرونة والتنازل مُقارنةً مع موقفه المتشدد بشأن عودة الحكومة السابقة، وزاد: حمدوك أكثر شخص يمكن أن يجد القبول في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد.

 

Exit mobile version