شاكر رابح يكتب : الاستقالة لا الإقالة

التطورات والأحداث المتسارعة التي شهدتها الساحة السياسية بين الشركاء «الفرقاء» المكون العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير من تطور الصراع وتبادل للاتهامات والتلاسن والتراشق بالكلمات إلى القطيعة التامة والطلاق البائن وتعليق اجتماعات مجلس السيادة واجتماعات «المجلس التشريعي المؤقت» مجلسي السيادة والوزراء، وما إلى ذلك من انقسام لقوى الحرية والتغيير لتصبح الحرية والتغيير المجلس المركزي والحرية والتغيير قاعة الصداقة، بعيداً عن أسباب نشوب هذا الصراع وما سوف تؤول إليه الأوضاع بعد الخروج العفوي الكبير لقوى الحرية والتغيير «ب» واعتصامهم أمام القصر الجمهوري في تطور لافت ومفاجئ, يُؤكِّد أنّ الطرفين وصلا إلى طريق مسدود.
في تقديري أن «المشرع» اللجنة التي صاغت الوثيقة الدستورية الأولى والثانية والأخيرة التي عدلت بعد توقيع اتفاقية السلام أدخلوا جميع الأطراف في استشكال دستوري مُعقّد، صحيح أن الوثيقة اُنتهكت أكثر من مرة, لكن هذه المرة من الصعوبة انتهاكها إلا بإجراءات استثنائية عرفية، الاستشكال الأول: قوى إعلان الحرية والتغيير «ب» حصرت مطالبها بحل الحكومة والكثيرون يجهلون أو ليس لديهم معرفة بمواد الوثيقة في حال حل الحكومة من أي طرف كان سواء كان مجلس السيادة وبإعلان حالة الطوارئ أو حلها من قبل رئيس الوزراء والتي تأتي وفق صلاحيته الدستورية سيحتفظ وزراء حركات الكفاح المسلح بمواقعهم الوزارية, لأنهم محصنون دستورياً وفقاً لاتفاقية السلام والمادة (12) من الوثيقة الدستورية, بالتالي سيفقد فقط أحزاب الأربعة مواقعهم.
الثاني: طالبت قوى الحرية والتغيير «أ», المكون العسكري بتسليم السلطة للمدنيين مُخالفين بذلك الوثيقة الدستورية التي نصّت في المادة (7) “تبدأ الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية وتمدد ليبدأ حساب التسعة وثلاثين شهراً من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا للسلام”، بحسبه بسيطة تسليم رئاسة المجلس السيادي لم يحن موعدها بعد.
ثالثاً: مطالبة العسكريين بتغيير المدنيين في مجلس السيادة سوف يصطدم بالوثيقة وفقًا للمادة (11) “اختيار وتعيين عضو المجلس من الجهة التي قامت باختياره فقط” ووردت ذات النقطة في المادة (12) الفقرة «2».
رابعاً: ورد في المادة (15) “يتكون مجلس الوزراء من رئيس وعدد من الوزراء من كفاءات وطنية بالتشاور يعينهم رئيس الوزراء من قائمة مرشحي قوى إعلان الحرية والتغيير وأطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان, على أن يكون من بينهم نسبة 25% تختارهم أطراف العملية السلمية المُوقِّعة على اتفاق جوبا لسلام السودان ويعتمد مجلس السيادة جميع الأعضاء ومن بينهم وزيرا الدفاع والداخلية اللذين يرشحهما المُكوِّن العسكري بمجلس السيادة”, هناك مطالبات وضغوط شعبية بتحريض الجيش على تولي السلطة أو إقالة حكومة حمدوك, وهذا لعمري مطالبات غير دستورية رغم اتفاق الجميع على أن الحكومة الانتقالية فشلت في إدارة دولاب العمل العام والمشهد تعقد والحياة شبه متوقفة، هذا استناداً الى أن المشرع لم يعط رئيس مجلس السيادة أي صلاحيات يمكنه عبرها حل الحكومة, وبالتالي أي قرار أحادي وغير متفق عليه بين الفرقاء والشركاء والمكونات السياسية الأخرى سوف يُعقِّد المشهد, وقد يتراجع المجتمع الدولي عن تعهُّداته هذا إن لم يتدخل بشكل مباشر, وبالتالي الرأي الصواب والعقلاني أن لا يفعلها البرهان، صحيحٌ استمرار الضغوط المعيشية والانفلات الأمني وتشظي الحاضنة السياسية وتزايد وتيرة الاحتجاج من الحاضنة السياسية “ب” كفيلٌ بأن تقدم الحكومة استقالتها دون إقالة تعيد الجميع الى المربع الأول وتزيد من حالة الاحتقان وانقسام الشارع السوداني وقد يتطور الى عنف وتصادم بين الطرفين.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى