قصة الأربعة أعوام

*جدل كثيف دار بين مراقبين حول وثيقة الإعلان الدستوري الذي قدمته قوى الحرية والتغيير وتنتظر رد المجلس العسكري حولها.

*لا نريد الخوض في بنود الوثيقة التي مؤكد أنها ستجد التعديل خاصة في جزئية الأربعة أعوام للفترة الانتقالية، وجزئية اختيار قوى الحرية لوزراء الفترة الانتقالية والذين حددتهم بسبعة عشر وزيراً.

*سبعة عشر وزيرا لفترة انتقالية عدد كبير خاصة وأن هذه الفترة يجب أن تكون عبارة عن تجهيز لانتخابات صاحب الجماهيرية فيها سيفوز.

*ولكن المحير في هذا الأمر هو من الذي فوض قوى الحرية والتغيير لتختار الوزراء والحكومة المدنية؟ ولماذا إصرارهم على أربعة أعوام لهذه الفترة الانتقالية؟

*أمر مريب يجعلنا نفكر ألف مرة في قوى الحرية والتغيير التي تريد أن يحكم السودان لأربعة أعوام كفترة انتقالية بحجة تفكيك مؤسسات حكومة الإنقاذ السابقة.

*وهل ستتفرغ الحكومة الانتقالية لتفكيك الدولة العميقة وتنسى معاش المواطن البسيط الذي يأمل أن ينصلح حال الاقتصاد بعد أن دمرته الإنقاذ؟

*أسئلة عديدة تدور في أذهان البسطاء من أهل السودان، وتدار في عقول شباب الثورة الذين تركوا منازلهم واعتصموا أمام القيادة من أجل دولة “الحرية والسلام والعدالة”، ولكن ما تفكر فيه قوى الحرية والعدالة بتمديد الفترة الانتقالية لأربعة أعوام يجعلنا نتوجس منهم كثيراً.

*دولة الديمقراطية التي نسعي إليها جميعاً لا تتحقق إلا عبر صناديق الاقتراع واختيار أهل السودان من يحكمهم، ونسعى إلى رؤية برامج انتخابية من أحزاب السودان المختلفة كل منهم يقدم رؤيته لحكم السودان وتطور اقتصاده وتحقيق رغبات شعبه، ومن نرى أنه الأقرب لتحقيق هذه الرغبات سيحكم السودان.

*ولكن أن تسعى قوى الحرية والتغىير لحكم السودان “بالبارد” بعد نجاح الثورة هذا لا يقبله عقل ولا منطق.

*نعم، نريد حكومة مدنية، ولكن يجب أن يتوافق عليها كل أهل السودان وتكون من التكنوقراط الذين لهم المقدرة بخروج السودان من هذا النفق المظلم.

*وربما الجميع يتفق على مجلس السيادة، ولكن لا أجد مبرراً حول اختلاف مكوناته، خاصة وأنه سيكون  بعيداً عن الجهاز التنفيذي الذي يجب أن يكون رشيقاً ومن الكفاءات حتى لا يتكرر ما حدث في الحكومة السابقة من “جيوش الوزراء” الذين أنهكوا خزينة السودان بالنثريات والبدلات وغيرها من المخصصات الدستورية التي يتحملها الشعب السوداني.

*حسناً متوقع أن يرد المجلس العسكري على وثيقة الإعلان الدستوري، ونرجو أنه يكون الرد سريعاً ويتوافق مع ما يريده الشعب حتى تبدأ البلاد عجلة التنمية التي توقفت لسنوات طوال.

*الكثير من البنود تضمنها الإعلان الدستوري قد لا تجد القبول عند الكثيرين، كما لا يقتنع البعض بقوى الحرية والتغيير الذين يفاوضون المجلس العسكري ويضعون الشروط كأنهم هم من قاموا بالثورة دون غيرهم من الشباب الذين يقبعون الآن في ميدان الاعتصام، ودون غيرهم من أهل السودان في ولايات السودان المختلفة الذين شكلوا لوحة رائعة جعلت العالم بأسره يتحدث عن ثورتهم التي أطاحت بنظام استمر ثلاثين عاماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى